92/01/27
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الحاجة
موضوع: صلاة الحاجة
أقول: رغم كلّ ما قيل الأوجه عندنا هو ما عليه المشهور، من جواز الاستنابة فيها، و ذلك لوجوهٍ:
الأوّل: هناك نصّ ورد في هذا الخصوص و هو على ما ببالي مذكور في كتاب «گنجينه معارف» في الجزء الثالث و جاء فيه أنّه جاء رجل إلى الصادق عليهالسلاموطلب استخارة وفعل، وقال عليهالسلام له إنّه غير جيّد، وخالف الرجل ما جاء في الاستخارة وكان ذلك لمعاملةٍ فحصل على ربح كبير وافر، فجاء الى الإمام عليهالسلاموأخبره بمخالفته لها و الربح الكبير الذى ناله، فأجابه عليهالسلام بأنّه ليس الأمر كما زعمت، بل خسرت في تجارتك لأنّك تركت صلاة الفجر ليلة المعاملة، قال نعم، فقال له عليهالسلام: إنّ الخسران الذى توجّه إليك بذلك أعظم من الربح الواصل إليك.
الثاني: لو سلّمنا عدم وجود نصّ فيه، أو ناقشنا و نفينا ثبوت أصل الحديث أو سنده، مع أنَّه غير محتاج في مثل ذلك إلى أزيد منه، لكفاية أدلّة التسامح فيه في قبوله و جواز العمل به، مع كونه مؤيّداً بعمل الأصحاب؛ فضلاً عن جميع ذلك يمكن القول في تجويزه بعدم ورود منعٍ من الأئمّة عليهمالسلام عنه، لو لم نقبل ما قاله جدّه في خبر ابن الجهم لابن أسباط، وورود التعليم في الأخبار لا يوجب كونه في مقام الردع عن الاستنابة، بل يفهم منه أهمّية تعليمه للناس لكي يستعينوا بها في قضاء حوائجهم، مضافاً إلى أنّ طلب الاستخارة يعدّ من أصناف من الحوائج التي قد
ورد فيها الترغيب بإجابة دعوة المؤمن في تحصيل حاجته.
مضافاً إلى ما ورد في إباحة كلّ شيء لم يرد فيه نهي، مثل مرسل «الفقيه» الذى ورد فيه قوله عليهالسلام: «كلّ شيء مطلق ما لم يرد فيه نهيٌ»[1] ، و ممّا لم يرد فيه النهي الاستنابة، لو لم نقل بدلالة الأخبار على لزوم المباشرة، كما هو الأظهر عندنا.
و النتيجة: الحكم بجواز الاستنابة في الاستخارة بأيّ قسمٍ منها أقوى عندنا من القول بعدم جوازها، والاستنابة تتحقّق بأن يأخذ النائب المصحف أو المسبحة ويعمل فيهما ما كان يفعل صاحب الاستخارة لو كان مباشراً فيها، ومجرّد كون أصل النيّة لصاحبها لا يضرّ بالاستنابة، كما لا يخفى.
قوله قدسسره: وصلاة الحاجة. (1) في صلاة الحاجة
(1) من الصلوات المرغّبات غير الموقّتات هي صلاة الحاجة، حيث لا إشكال ولا خلاف نصّاً وفتوى في محبوبيّتها، بل قيل إنّه ذكر الصدوق والشيخان في «الفقيه» و «الهداية» و «المقنع» و «المقنعة» و «المصباح» صلوات شتّى للحاجة، ومنشأ ذلك وجود نصوص مستفيضة لو لم تكن متواترة على ذلك ، ومَن أراد الاطّلاع عليها فليراجع الكتب المُعدّة لذلك، مثل: «الكافي» و «الوافي» و «الوسائل» و «المستدرك» ونحوها ممّا أُعدّ لجمع الروايات المرتبطة بها.
و النصوص الواردة في صلاة الحاجة على نحوين:
بعضها مطلقة في صلاة الركعتين وطلب الحاجة من دون ذكر مقدّمات وكيفيّات خاصّة ، و بعضها مقيّده بمقدمات و أذكار معيّنة.
فالأوّل منهما: مثل خبر الحارث بن المغيرة، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «إذا أردت حاجةً فصلِّ ركعتين، وصلِّ على محمّد وآل محمّد، وسَل تعطه»[2] .
وخبره الآخر، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «إذا كانت لك حاجة فتوضّأ وصلِّ ركعتين، ثمّ أحمد الله واثنِ عليه، واذكر من آلائه ثمّ ادعُ (بما تُحبّ)»[3] .
والثاني منهما: ما هو المشتمل على المقدّمات والكيفيّات: وهو مثل ما في خبر صفوان بن يحيى ومحمّد بن سهل، عن أشياخهما، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال:
«إذا حضرت لك حاجة مهمّة إلى الله عزَّ و جلّ، فصُم ثلاثة أيّام متوالية: الأربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله فاغتسل والبس ثوباً جديداً، ثمّ اصعد إلى أعلى بيتٍ في دارك وصلِّ فيه ركعتين، وارفع يديك إلى السماء، ثمّ قُل: اللهمَّ إنّي حَلَلْتُ بساحتك... إلى قوله: ولا خائف في عدلك ، وتلصق خدّك بالأرض وتقول: اللهمَّ إنّ يونس بن متّي عبدك دعاك في بطن الحوت، وهو عبدك، فاستجبت له، وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي.
ثمّ قال أبو عبدالله عليهالسلام: لربّما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدُّعاء، فأرجع وقد قُضِيَتْ»[4] .
وغير ذلك من الأخبار الواردة في بابي الثامن و التاسع و العشرون من أبواب بقيّة الصلوات المندوبة من «وسائل الشيعة».