92/01/26
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الاستخاره
موضوع: صلاة الاستخاره
ونحن نزيد تأييداً لما ذكره الأعلام، أنّ الرواة الواقعة في سلسلة بعض أسانيد الرواية من الجلالة بمكان بحيث لا يمكن تصوّر القصور في حقّهم في نقل ذلك لعظم شأنهم، كما كان منه الخبر الذي نقلناه عن «المستدرك» نقلاً عن «البحار» وهو منقولٌ عن كتاب «مجموع الدعوات» للشيخ أبي محمّد هارون بن موسى التلّعكبري، الذي هو من أجلاّء الأصحاب، وكان وجهاً لأصحابنا ، و من اراد الاطّلاع على حاله أزيد ممّا ذكرنا فعليه الرجوع إلى «جامع الرواة» في ترجمته، و لا يصحّ نسبة صدور ما ليس من الشّرع الى مثله.
و بالتالي: فاعتبار الاستخارات بجميع أقسامها في الجملة قويٌّ عندنا، والله العالم.
الفرع الرابع: في أنّه هل يجوز الاستنابة في الاستخارة، بأن يطلب صاحب الحاجة من شخص الاستخارة بنحوٍ من الأنحاء المذكورة سابقاً، بالمصحف أو بغيره.
أم لا، بل لابدّ فيها من المباشرة من عند نفسه؟ فيه وجهان بل قولان:
القول الأوّل: الجواز كما هو المعروف منذ الأزمنة السابقة إلى زماننا هذا، بل في «الجواهر» أنَّه كان كذلك فيما تقدّم بين العلماء فضلاً عن العوام، ثمّ نقل كلام جدّه: (قال جدّي العَلاّمَة ملاّ أبو الحسن رحمهالله فيما حُكي عنه في «شرح المفاتيح»: لا يخفى أنّ المستفاد من جميع ما مرّ أنّ الاستخارة ينبغي أن تكون ممّن يريد الأمر، بأن يقصدها هو بنفسه، ولعلّ ما اشتهر من استنابة الغير على جهة الاستشفاع، وذلك وإن لم نجد له نصّاً، إلاّ أنّ التجربيّات تدلّ على صحّته وهو في غاية الجودة).
ثُمّ أيّده بعد ذلك بقوله: (مضافاً إلى إطلاقات الوكالة وعموماتها ورؤيا بعض الصالحين من المعاصرين، ما يقتضي جواز الاستنابة فيها؛ أنّ الاستخارة بمعانيها ترجع إلى الطلب، وأنّ مَن طلب حاجةً من سلطان عظيم الشأن، فإنّ الأرجح والأنجع في حصولها أن يوسّط بعض القريبين إلى حضرة ذلك السلطان في سؤالها، وأنّ الاستخارة مشاورةٌ ولا ريب في صحّة النيابة فيها، كما استشار ابن الجهم أبي الحسن عليهالسلام لابن أسباط، بل مشاورة المؤمن نوعٌ منها، وقد فعلها غير المستشير، بل إن كان المقصود من خطاب أبي الحسن عليهالسلام ابن الجهم كان صريحاً في الاستنابة وغير ذلك. بل حُكي عن الشيخ سليمان البحراني الاستدلال عليها بوجوه عشرة، بعد اعترافهم بعدم نصّ فيها؛ منها أنّ علماء زماننا مطبقون على استعمال ذلك، ونقلوا عن مشايخهم نحو ذلك، ولعلّه كافٍ في مثله) انتهى ما نقله صاحب «الجواهر»[1] .
أقول: ولكن يبدو أنّ كلّ ذلك لم يُقنع صاحب «الجواهر»، و لذلك ناقش فيه بقوله؛
(لكن الإنصاف أنّ الجميع كما ترى ، ومن المعلوم أنّ المراد بالاستنابة غير استخارة الإنسان نفسه على أن يشور على الغير بالفعل أو عدمه، بعد أن يشترط على المصلحة لمن يريد الاستخارة له، إذ هي ليست من النيابة قطعاً، بل قد يقال إنّه ليس من النيابة ما لو دعا المستخير لنفسه وسأل من ربّه صلاحه، واستناب غيره في قبض السبحة، أو فتح المصحف أو نحوهما، وإن دعا هو معه، ولعلّ الاستنابة المتعارفة في أيدينا من هذا القبيل، و الله أعلم)، انتهى كلامه.