92/01/21
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الاستخاره
موضوع: صلاة الاستخاره
انتهى ما أردنا ذكره في عدم اعتبار الاستخارة بالثّلاثة من الرقاع والبنادق والقرعة.
ولكن الإنصاف والتأمّل والنظر إلى أخبار الباب، مع كثرتها واعتبار سند بعضها، يدعوننا إلى المخالفة عمّا قالوا، كما ترى ذلك عن مثل ابن طاوس الذي بنفسه كان شاخصاً من الرجال من حيث التقوى والعمل، ولذلك قال: (إنّ النسخ الصحيحة العتيقة ـ من «المقنعة» ـ لم توجد فيها هذه الزيادة، ولم يتعرّض الشيخ في «التهذيب» لها، وقال: إنّي قد اعتبرتُ كلّما قدرت عليه من كتب أصحابنا المتقدّمين والمتأخّرين فما وجدتُ ولا سمعتُ أنّ أحداً أبطل هذه الاستخارة)، انتهى كلامه.
ولأجل ذلك قال العَلاّمَة في «المختلف» بعد نقل كلام الحلّي في «السرائر»: (وهذا الكلام في غاية الرداءة، وأيّ فرقٍ بين ذكره في كتب الفقه وكتب العبادات، فإنّ كتب العبادة هي المختصّة به، ومع ذلك فقد ذكره المفيد في «المقنعة» وهو كتاب فقه، والشيخ في «التهذيب» وهو أصل الفقه، وأيُّ محصّلٍ أعظم من هذين، وهل استُفيد الفقه إلاّ منها؟
وأمّا نسبته الرواية إلى زَرعة ورَفاعة فخطأ، فإنّ المنقول روايتان ليس فيهما زَرعة ولا رفاعة.
ثمّ أخذ هذا الفاضل في التشنيع على الحلّي بما لا يُناسب ذكره حفظاً لكرامة الحلّي رحمهالله ، إلى أن قال:
وهلاّ نستبعد القرعة وهي مشروعة إجماعاً في حقّ الأحكام الشرعيّة والقضاء بين الناس، وشرعها دائم في جميع المكلّفين؟! وأمر الاستخارة سهلٌ يَستخرج منه الإنسان معرفة ما فيه الخيرة في بعض أفعاله المباحة المبتنية عليه منافعها ومضارّها الدنيويّة)، انتهى ما في «المختلف».
أقول: وتأييداً لما قلنا من علائم الاعتبار ما جاء في «الوسائل» للحُرّ العاملي رحمهالله أنّ ابن طاوس روى الاستخارة بالرقاع بعدّة طرق، كما أنّ الشهيد في «الذكرى» قد أنكر ما قاله ابن ادريس الحلّي، وقال:
(إنكار ابن إِدريس الاستخارة بالرقاع، لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب، وعدم رادّ لها سواه، وسوى الشيخ نجم الدين في «المعتبر»، وكيف تكون شاذّة وقد دوّنها المحدّثون في كتبهم، والمصنّفون في مصنّفاتهم؟ ونحن نكتفي في نقل كلام هؤلاء إلى ذلك) ومَن أراد الاطّلاع عليه أزيد من ذلك ، فعليه أن يراجع «الجواهر»[1] .