91/12/20
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الاستخاره
موضوع: صلاة الاستخاره
قوله قدسسره: الثاني صلاة الاستخارة. (1) في أحكام صلاة الاستخارة
(1) الثاني ممّا لا يختصّ بوقتٍ معيّنٍ من الصلوات المرغّبات، هي صلاة الاستخارة ، والاستخارة عبارة عن طلب الخِيْرة كما في «المصباح» و «القاموس» و «النهاية» ومجمعي البرهان والبحرين.
قال في الأخير: (خار الله لك، أي أعطاك ما هو خيرٌ لك ، والخِيْرة بسكون الياء اسمٌ منه ، والاستخارة طلبٌ الخيرة كعِنبة، واستخيرك بعلمك، أي أطلب منك الخِيرة متلبّساً بعلمك بخيري وشرّي)، انتهى موضع الحاجة[1] .
وقال ابن إِدريس: (الاستخارة في كلام العرب الدُّعاء، يعني طلب الخيرة)، وقال أيضاً: (معنى استخرتُ الله استدعيته إرشادي).
قال: (وكان يونس بن حبيب اللّغوي يقول: إنّ معنى قولهم: استخرتُ الله، استفعلت من الخير، أي سألت الله أن يوفّق لي خير الأشياء التي أقصدها) انتهى[2] ، وهو من أحد المعاني من الاستخارة ، وهذا المعنى منه هو الراجح شرعاً وعقلاً، لأنّها دعاءٌ ومسألة، وقد ورد في الأخبار ما يدلّ على الحَثّ والترغيب بهذا المعنى منه، ومنها خبر هارون بن خارجة، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «من استخار الله راضياً بما صنع الله له خار الله له حتماً»[3] .
أقول: والمراد بطلب الخيرة، الدُّعاء والتوسّل في أن يكون ما أراد فعله أو تركه من الأُمور خيراً، ولذلك كان يستحبّ فعلها بعد أن يُصلّي ركعتين، كما ورد ذلك في «إشارة السبق» و «معتبر» المصنّف آخذاً من النصوص:
منها: صحيحة عمرو بن حُريث المرويّة في «الكافي» عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «صلِّ ركعتين واستخر الله ، فوالله ما استخار الله مسلمٌ إلاّ خارَ الله له البتّة»[4] .
كما أنّ الأَوْلى الإتيان بها بشيءٍ من الكيفيّات المأثورة عن الأئمّة عليهمالسلام، مثل ما في المرسل عن العنبري (ومسند محمّد بن خالد القسري)، قال:
«سُئِلَ أبو عبدالله عليهالسلام عن الاستخارة؟ فقال: استخر الله في آخر ركعةٍ من صلاة اللّيل وأنتَ ساجد مائة مرّة ومرّة ، قال: كيف أقول؟ قال: تقول: أستخير الله برحمته ، أستخير الله برحمته»[5] .
و منها: صحيحة حمّاد بن عثمان، عنه عليهالسلام، قال في الاستخارة: «أن يستخير الله الرجل في آخر سجدةٍ من ركعتي الفجر مائة مرّة ومرّة ، ويحمد الله ويُصلّي على النّبيّ صلىاللهعليهوآله، ثمّ يستخير الله خمسين مرّة، ثمّ يحمد الله، ويصلّي على النّبيّ صلىاللهعليهوآلهويتمّ المائة والواحدة»[6] .
و منها: خبر حمّاد بن عيسى، عن ناجية، عن أبي عبدالله عليهالسلام: «أنَّه كان إذا أراد شراء العبد أو الدابّة أو الحاجة الخفيفة، أو الشيء اليسير، استخار الله عزَّ و جلّ فيه سبع مرّات، فإذا كان أمراً جسيماً استخار الله مائة مرّة»[7] .
و منها: خبر معاوية بن ميسرة، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «ما استخار الله عبدٌ سبعين مرّة بهذه الاستخارة إلاّ رماه الله بالخيرة، يقول: يا أبصر الناظرين، ويا أسمع السامعين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين، صلِّ على محمّدٍ وأهل بيته، وخِرْ لي في كذا وكذا»[8] . الأخبار الواردة في الاستخارة
و منها: و لعلّه أوضح من ما مضى في الدلالة في كونه في طلب تيسّر الخير والإرشاد، هو خبر مرازم، قال: قال لي أبو عبدالله عليهالسلام: «إذا أراد أحدكم شيئاً فليصلِّ ركعتين، ثمّ ليحمد الله وليثن عليه، ويصلّي على محمّد وأهل بيته، ويقول: اللهمَّ إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ودُنياي فيسّره لي وقدّره، وإن كان غير ذلك فاصرفه عنّي. قال مرازم: فسألته أيّ شيء أقرأ فيهما ما شئتُ، وإن شئتُ فاقرأ فيهما بقُل هو الله أحد وقُل يا أيُّها الكافرون، وقُل هو الله أحد تعدل ثُلث القرآن»[9] .
و منها: خبر جابر، عن أبي جعفر عليهالسلام، قال: «كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام إذا هَمَّ بأمرٍ حجٍّ أو عمرةٍ أو بيعٍ أو شراءٍ أو عتقٍ، تطهّر ثمّ صلّى ركعتي الاستخارة، وقرأ فيهما بسورة الحشر وسورة الرحمن، ثمّ يقرأ المعوّذتين وقل هو الله أحد إذا فرغ، وهو جالس في دبر الركعتين، ثمّ يقول: اللهمَّ إن كان كذا وكذا خيراً لي في ديني ودُنياي وعاجل أمري وآجله فصلِّ على محمّد وآله، ويسّره لي على أحسن الوجوه وأجملها، اللهمَّ إن كان كذا وكذا شرّاً لي في ديني أو دُنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله، فصلِّ على محمّد وآله واصْرِفهُ عنّي، ربِّ صلِّ على محمّدٍ وآله واعزم لي على رشدي، وإن كرهت ذلك أو أَبَتْهُ نفسي»[10] .
هذا كلّه في القسم الأوَّل من الاستخارة الواردة في مطالبة خير الأمر ورُشده والسؤال لتوفيق ذلك.