91/12/13
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الاستسقاء
موضوع: صلاة الاستسقاء
قوله قدسسره: فإن تأخّرت الإجابة كرّروا الخروج حتّى تدركهم الرحمة. (1) استحباب هذا الاستسقاء لجفاف العيون
(1) الإجماع قائم على التكرار، كما هو المحكي عن «المعتبر» و «المنتهى» و «التذكرة»، بل عن «العِزّية» الإجماع على هذا التكرير وهو الحجّة ، بل يمكن استفادة جواز ذلك من الأدلّة، لأنّ المقصود من الإتيان بصلاة الاستسقاء هو تحصيل الرحمة، فلابدّ من الاستمرار حتّى تحصل، بل المتعارف عند السائلين هو تكرار السؤال، بل في الأخبار: (أنّ الله يُحبّ الملحّين)، الشامل لمثل التكرار بحسب المعمول، بل في «الحدائق»: (إنّ حديث سليمان عليهالسلام قد دلّ على تكرار الخروج ثلاث مرّات، وأنّ قول النملة ما قالت كما قدّمناه إنّما هو في المرّة الثالثة).
أقول: لم يرد في الخبر ما ادّعاه، والله العالم، و عليه فما عليه بعضٍ كإسحاق من المنع عن التكرير، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يأت به إلاّ مرّة واحدة، ضعيف كدليله، إذ لعلّه استغنى عن المعاودة لأَنَّه أُصيب.
وليس التكرار هنا لأجل كون الأمر دالاًّ على التكرار حتّى يمنع، ويقال إنّه لا يدلّ عليه، بل جواز التكرار لأجل دلالة المقام عليه بقرينة مقاميّة.
ثمّ الظاهر أنّ التكرار إذا كان بعد مضيّ مدّة ولم يجب فيها، هو التكرار بجميع ما تقدّم من الصوم ونحوه كالاستسقاء الأوّلي، بخلاف ما لو كان قبل ذلك بأن اتّصل الصوم بالصوم الأوّل، فلا يبعد كفاية صوم الأوّل للتكرار بأن يصوم بعده صوم يوم ثمّ يأتي بالصلاة بعده كما يظهر ذلك من كلام الكاتب، حيث قال:
(إن لم يمطروا أوّلاً ولا أظلّتهم غمامة، لم ينصرفوا إلاّ عند وجوب صلاة الظهر، ولو أقاموا بقيّة نهارهم كان أحبّ إليّ، فإن أُجيبوا و إلاّ تواعدوا على المعاودة يوماً ثانياً وثالثاً).
بل لو قيل بجواز التكرار على نحوين؛ بالاتّصال تارةً كما عرفت ، أو الانفصال بإفطار أيّامٍ ثمّ إعادة الصوم لاستسقاء آخر اُخرى ، غير بعيد عن الصواب.
نعم، والذي لا يخلو عن إشكال هو تكرار الصلاة في مجلس واحد، إذا لم تظهر أمارات الإجابة من الغمام ونحوه، لفقد النّص في ذلك، وظهور كلمات الأصحاب في مشروعيّة التكرار ثابتٌ في غير هذه الصورة، كما أنَّه غير متعارف أيضاً لأَنَّه غالباً ينتظرون مضيّ مدّة.
قوله قدسسره: وكما يجوز هذه الصلاة عند قلّة الأمطار، فإنّها تجوز عند جفاف مياه العيون والآبار. (1)
(1) وذلك مقبول عند علمائنا كافّة كما عن «التذكرة»، وهو الحجّة بعد إمكان تنقيح المناط من الأدلّة والنصوص الواردة في قلّة الأمطار؛ لجفاف العيون والآبار، لاشتراكهما في تسبيب الجَدب وحلول الخوف من الغَضب، كما أنّ الظاهر أنّ صلاة الاستسقاء كانت لخصوص قلّة المطر والمياه، فلا يشترك فيه ما لو اُريد من الصلاة دفع ضرر كثرة الأمطار والمياه الموجب لخوف الأضرار على الأبنية والضياع، بل الصلاة لدفع الضّرر في ذلك تكون نوعٌ من الصلاة الواجبة، وتسمّى هذه الصلاة بصلاة الاستضحاء كما أشار إِليه في عبارة الشهيد في «المسالك»، حيث قال: (وكذا تجوز عند كثرة الغيوث إذا خِيفَ الضّرر بها، وتسمّى صلاة الاستضحاء وهي نوع من صلاة الواجبة ، وكذا لو غزرت مياه العيون والأنهار بحيث خيفَ منها الضرر، شُرّعت صلاة الحاجة، بل هي من مهامّ الحوائج).
قلنا: والأمر كذلك، بل لا يبعد مشروعيّة الصوم لذلك أيضاً، كما أشار إِليه في «الذكرى».
هاهنا فروع مرتبطة بالمبحث:
الفرع الأوَّل: لا ريب في أنَّه لا أذان ولا إقامة في هذه الصلاة، كما عليه الإجماع ، بل صرّح بذلك في خبر مولى محمّد بن خالد، بقوله: «يصلّي بالناس بركعتين بغير أذان وإقامة»، الحديث[1] .
نعم يقول بدلهما «الصلاة، الصلاة» ثلاثاً بالرفع والنصب بالخبريّة أو المفعوليّة ، ولا دليل عليه إلاّ أن يستفاد من التشبيه الوارد في العيدين، وكان ذلك فيه إن قلنا بشمول المماثلة لمثله، وهو غير بعيد كما ادّعيناه سابقاً، وكون المراد من المشابهة جميع ذلك لا خصوص كيفيّة الصلاة.