91/12/12
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الاستسقاء
موضوع: صلاة الاستسقاء
كما أنّ احتمال كون خبر هشام من باب تقديم الخطبة بجعل الحمد والتمجيد والثناء عبارة عن الخطبة غير وجيه؛ لما قد عرفت تشبيهه في صدر الرواية بصلاة العيدين الشامل لمثل هذا الترتيب أيضاً.
الأمر الثالث: في أنّ الأذكار هل تكون قبل الخطبة أم بعدها قولان:
القول الأول: قبلها كما هو ظاهر المتن حيث جاء فيه قوله: (ثمّ يخطب بعد الأذكار)، بل وكذلك في «المبسوط» و «الوسيلة» و «الإرشاد»، بل عن «الحدائق» أنَّه هو المشهور بين المُتأخِّرين ، و لعلّ ذلك لخبر مولى محمّد بن خالد، بناءً على أن المراد من جملة: (ثمّ يرفع يديه يدعو ويدعون) هو الخطبة.
والقول الآخر: هو تقديم الخطبة على الأذكار كما عليه العَلاّمَة في «المختلف»، بل هو المحكي عن الصدوق والمفيد وعلم الهدى و أبو يعلى وأبو المكارم والتقي والقاضي وغيرهم، بل في «الذكرى» أنَّه المشهور.
وربّما قيل بجوازهما معاً، وفي «الجواهر»: (أنَّه قويّ وسابقة وهو تقديم الأذكار على الخطبة والدعاء أقوى، لأنّ ما حكي عن أفعال الأئمّة والنبيّ عليهمالسلام هو إتمام عمل الاستسقاء بالخطبة والدعاء، ولم يحك عنهم بعدها فعل شيءٍ آخر وهو الأذكار).
ويمكن أن يكون خبر مرّة مجهولاً بالاكتفاء بالأذكار عن الخطبة، وهو أَوْلى من حمل الدُّعاء فيه على الخطبة كما لا يخفى.
قلنا: المتعارف في الخارج عند الخطباء و ائمة الجمعة أنّهم يختمون خُطبهم بالدعاء ، فإتيان الأذكار بعد الصلاة قبل الخطبة يعدّ أحسن وإن كان ذلك لا يوجب المنع عن تقديم الخطبة على الأذكار أيضاً .
الأمر الرابع: هل الخطبة واحدة كما هو ظاهر كلام المصنّف ، بل ظاهر الأصحاب قبله، بل وفي «الجواهر» لعلّه ظاهر النصوص، أم متعددة كما في الدروس وغيرها، بل عن «المنتهى» و «العزّية» الإجماع عليه، للتشبيه بصلاة العيدين التي تتعدّد فيها الخطبة، ولم يرد في ذلك إلاّ خبر هشام بن الحكم إن كان المراد من التشبيه في جميع الجهات، بحيث يشمل الخطبة، وهو غير بعيد.
واحتمال اختصاص المشابهة في خصوص الصلاة وكيفيّتها، لا فيما هو خارج عنها كالخطبة، لا يخلو عن شيء ، ولذلك قال صاحب «الجواهر» وهو أحوط.
كما أنّ جملة: (يخطب) في كلام الماتن وغيره لا يمنع عن شموله للمتعدد، لإمكان أنّه بصدد بيان ذكر أصل الخطبة مع قبول التشبيه في أوّل المطلب، كما أنّ جعل إحدى الخطبتين لأجل تعليم الناس بالصوم ونحوه قبل الصلاة والاستسقاء بعيدٌ جدّاً، فلا يُصار إِليه لعدم صدق الخطبة عرفاً عليه.
الأمر الخامس: في أنَّه هل المراد من الخطبة هو الدُّعاء والابتهال والتضرّع كما يظهر ذلك من عبارَتي «الذكرى» و «الروض» بقولهما: (إنّه يستحبّ المبالغة في التضرّع والإلحاح في الدُّعاء في الخطبتين)، كما قد يؤيّد ذلك ما جاء في خبر مرّة حيث لم يذكر الخطبة بعد الدُّعاء بقوله: (يدعو ثمّ يدعون)، كما هو المحكي عن الصدوق في «المقنع».
أم أنّ المراد من الخطبة غير الدُّعاء، بأن يكون المقصود منها هو المشتمل على الحمد والثناء ونحوهما، ثمّ يعقّبه بالدُّعاء والتضرّع فيه كما هو المتعارف ، بل هو المحكي عن فعل الائمة صلوات الله عليهم، كما نشاهد هذا في خطبة أمير المؤمنين وسائر الأئمّة عليهمالسلام.
نعم، لو لم يحسن الخطبة و هو غير قادر على التعلّم، جاز له أن يكتفى بخصوص الدُّعاء والتضرّع فيه.