91/12/07
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الاستسقاء
موضوع: صلاة الاستسقاء
أقول: الأوجه عندنا هو القول بما جاء في الرواية من التحويلين: أحدهما بعد التسليم، والآخر بعد الصعود على المنبر، فبذلك يُحمل ما ورد في «فقه الرضا» بأن يكون التحويل لمرّة واحدة توضيحاً لما يأتي بعد الصعود لا قيداً احترازيّاً، فيكون إتيانه بعد التسليم عملاً بسائر الأخبار ، فليتأمّل.
قوله قدسسره: ثمّ استقبل القبلة وكبّر مائة رافعاً بها صوته، وسبّح الله إلى يمينه كذلك ، وهلّل عن يساره مثل ذلك ، واستقبل النّاس وحَمد الله مائة وهم يتابعونه في كلّ ذلك. (1) في حكم الأذكار في ما قبل الخطبة
(1) ما جاء في عبارة المصنّف مطابقٌ لما ورد في رواية مولى محمّد بن خالد طابق النعل بالنعل، وهو الأوجه عمّا قيل في ذلك بوجوه مختلفة متشتّتة؛ منها كون التحميد بعد الاستقبال بالنّاس أيضاً رافعاً صوته كالأذكار السابقة مع خلوّ الخبر عنه ، لكن ذكره بعض الأصحاب والأساطين كالحلّي والشهيدين وغيرهم، بل في «الذكرى» نسبته إلى الأصحاب ، وقد أيّده صاحب «الجواهر» بأَنَّه: (قد يُفهم من التصريح به فيه في الأوّلين إرادته في الأخير، فكأنّه حذف منه لدلالة سابقه عليه). نعم، لا وجه للاقتصار عليه في كلام بعضهم في التكبير خاصّة، مع التصريح به في الخبر في التسبيح.
وأضعف منه عدم ذكر الرفع أصلاً، كما أنَّه لا وجه لعدم ذكر البعض أيضاً ذلك بعد التحويل مع التصريح به في الخبر أيضاً.
قلنا: ولعلّ من لم يذكر الرفع في غير التكبير أيضاً، لم يقصد حذفه حتّى يصير مخالفاً لما جاء في الخبر، بل أراد ما ذكر في التحميد من الاكتفاء بما في التكبير من جهة إبلاغ كون كلّ الأذكار هكذا، أي يأتي بها رافعاً صوته.
وكيف كان، فهذا هو المشهور بين الأصحاب، ويعدّ من أحسن الوجوه لمطابقته لما جاء في الرواية.
والقول الثاني: هو المنقول عن ابن زهرة في «الغنية»، والمحكي عن غيرها من جعل التحميد عن اليسار والاستغفار مائة عند استقبال الناس بوجهه.
والقول الثالث: هو المحكي عن «إشارة السبق» من جعل التحميد عن اليمين والتسبيح عن اليسار، والاستغفار عند استقبال الناس بوجهه.
والقول الرابع: للشيخ المفيد و العَلاّمَة في «المختلف» نقلاً عن أبي الصلاح وسلاّر وابن البرّاج بالتكبير مائة إلى جهة القبلة والتسبيح إلى اليمين بمائة، والتحميد باليسار بمائة، والاستغفار عند استقبال الناس بمائة.
والقول الخامس: للصدوق، فقد وافق الشيخين في التكبير إلى القبلة والتسبيح لليمين، ولكن خالفهما في جعل التحميد إلى اليسار والتهليل عند استقبال الناس.
وكيف كان فإنّ هذه الأقوال ممّا ليس فيها نصّ و عليه فالأوجه تقديم قول المشهور لموافقته مع الرواية كما عرفت في خبر مولى محمّد بن خالد.
أقول: ثمّ يقع الكلام في أنّ هذه الأذكار مخصوصة بالإمام أو يجب على الناس متابعته فيها.
المذكور في عبارة المصنّف هو الثاني، حيث قال: (وهم يتابعونه في كلّ ذلك).
قيل: لعلّ وجهه أنّها ذكر لله وهو مطلوبٌ، ولأنّ وظيفة المأموم متابعة الإمام، كما ورد في الحديث النبويّ المشهور: «إنّما جعل الإمام إماماً ليؤتمّ به»[1] . وإن استشكل فيه صاحب «مصباح الفقيه» بقوله: (وإن كان في شموله لمثله تأمّل)، إلاّ أنّ المقام مقام المسامحة فيه ، وأنّ الظاهر شمول عموميّته لمثل المقام، خصوصاً مع ملاحظة أنّ هذه المتابعة مع رفع الصوت بها أحسن وأَوْلى بتحقّق الضجيج والدَويّ، وكونه أبلغ في التضرّع والخشوع وأرجى للإجابة، ولذلك نصّ ابن حمزة و غيره بالمتابعة في رفع الصوت، بل هو المحكي عن «إشارة السبق» والتقي والكيدري و «البيان» وظاهر القاضي، بل لعلّه ظاهر المصنّف وكلّ من عبّر بمثله، ثمّ قال صاحب «الجواهر»: (ولا بأس به وإن خلا النصّ عنه).