« فهرست دروس
درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

91/10/04

بسم الله الرحمن الرحیم

مسائل خَمس

موضوع: مسائل خَمس

 

والإشكال فيه: أنَّه ليس كلام الإمام عليه‌السلام، ولكنه صدر عمّن يكون أجلّ من أن يحكم من عند نفسه، فلابدّ من أنّه يروى فعل المعصوم.

نعم، قد يتوهّم كونه عن اجتهادهما في ذلك، أي أ نّهما كذلك فهما عن كلام إمامهم.

وكيف كان، فإنّ جلالة قدرهما يدفع عنهما مثل هذه الاحتمالات، خصوصاً أنَّه معتضدٌ بخبر آخر منقول عن الامام، و هو الخبر المروي عن و جعفر بن عيسى، قال:

«قدم أبو عبدالله عليه‌السلام مكّة فسألني عن عبدالله بن أعين، فقلت: مات، قال: مات؟ قلت: نعم، قال: فانطلق بنا إلى قبره حتّى نُصلِّي عليه، قلت: نعم، فقال: لا، ولكن نصلّي عليه ههنا، فرفع يديه واجتهد في الدُّعاء وترحّم عليه»[1] .

حيث إنّه عليه‌السلام أطلق لفظ (الصلاة) للدُّعاء الذي قد أتى به رغم بُعد المسافة وعدم وقوفه على القبر ، و يمكن الاعتماد على هذين و جعلهما قرينة على صرف الأخبار المجوّزة للصلاة حتّى بعد الدفن بالإطلاق أو بالخصوص نظير الخبر المنقول في «الذكرى» عن صلاة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌و‌آله على قبر مسكينةٍ بعد الدفن على معنى الدُّعاء لا الصلاة المعهودة.

بل قد يؤيّده ما ورد في خبر محمّد بن أسلم فقد جاء فيه: (لو جاز لأحدٍ لجاز لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله). فإنّه لا ينافي من أنّ المراد من (الصلاة) الدُّعاء، خصوصاً لمن كان قد صُلّي عليه، وهذا الحمل اختاره صاحب «الحدائق» حيث قال:

(وبالجملة، فإنّ حمل روايات الجواز على مجرّد الدُّعاء غير بعيد، لما عرفت من الخبرين المتقدّمين).

ثمّ تراجع منه، قال: (إلاّ أنّ المسألة بعدُ لا تخلو عن شَوْب الإشكال)، ثمّ جعل الاحتياط في ترك الصلاة، وإلاّ بالدعاء لكلّ ممّن صُلّي عليه ومن لم يُصلّ عليه[2] .

أقول: ونحن نزيد في الإشكال عليه بالنسبة إلى الخبرين، بما قد عرفت أنَّه لم يصدر من لسان المعصوم عليه‌السلام حتّى يعارض مع ما صَدر عن المعصوم عليه‌السلام في عدّة كثيرة من الأخبار ، بعضها صحيحة السند تفيد جواز الصلاة بعد الدفن. وفي الخبر الثاني أيضاً أنَّه عليه‌السلام قد دعا بدل الصلاة المعهودة، و إنّما دعا بدل الصلاة و لأنّه كان عليه‌السلامفاقداً لشرائط الصلاة من كونه على قبره وقريباً منه الذي هو شرط في الصلاة المعهودة على القبر، فصدور الدُّعاء عنه عليه‌السلام لا يوجب صحّة الاستدلال به، لأجل عدم جواز الصلاة عليه بعد الدفن ، ولعلّه لذلك لم يختاره الفقهاء إلاّ قليلاً منهم.

الوجه الثالث: بأن تحمل الأخبار المانعة بعد الدفن على الكراهة، و الأخبار المجوّزة على جواز الصلاة بحسب المعهود، و ذلك من خلال التصرف في الهيئة و بحمل الأخبار المانعة على النهي التنزيهى بدل النّهي التحريمي.

نعم، هذا إنّما يصحّ لمن قد صُلّي عليه لا مطلقاً حتّى يندرج فيه من لم يصلّ عليه، لأَنَّه خارج عن الأخبار المانعة بواسطة عدم تحقّق ما هو الواجب على المكلّفين من إتيان الصلاة عليه، وورود الدليل على المنع عن ذلك بمثل قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله: «لا تَدَعُوا أحداً من أُمّتي بلا صلاة»، حيث إنّ لسانه آبٍ عن التقييد والتخصيص ، و عليه فلو كانت الكراهة ثلباه فهي في حقّ من صُلِّي عليه لا مطلقاً.

قلنا: هذا الحمل حسنٌ، إلاّ أنَّه لا يناسب مع فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله في الخبر المنقول عن «الذكرى» فقد روى أنّه صلى‌الله‌عليه‌و‌آله صلّى على قبر مسكينةٍ، فلو كانت مكروهة لما فعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌و‌آله ، اللهمَّ إلاّ أن يحمل موردها على من لم يُصلّ عليها أحدٌ فصلّى عليها أداءاً لما هو الواجب.

ولكن مع ذلك لا يناسب هذا التوجيه مع ما جاء في ظاهر خبر عمر بن جميع، عن الصادق عليه‌السلام، أنَّه قال:

«كان رسول الله إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلّى على قبره».

بدعوى ظهور جملة: (فاتته) على وقوع صلاة الميّت عليه قبله بواسطة شخصٍ آخر مثل أمير المؤمنين عليه‌السلام أو زيد بن أرقم ونحوهما، ممّن كانوا يصلّون على الجنائز في ذلك العصر، وحمله على صورة عدم وقوع الصلاة أصلاً لا يخلو عن بُعد.

 


[1] الوسائل، ج2، الباب18 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 4.
[2] الحدائق، ج10 / 462.
logo