91/10/02
بسم الله الرحمن الرحیم
مسائل خَمس
موضوع: مسائل خَمس
و أمّا الثالث: في أنَّه بعد الفراغ عن ثبوت وجوب الصلاة على القبر، هل له حدّ بيوم الدفن أو بيومٍ وليلة، أو بالثلاثة، أو بتغيير هيئة الميّت أم لا؟
والأَوْلى تقديم الأخبار الدالّة على المنع من الصلاة بعد الدفن، ثمّ ملاحظة ما يقتضي الجمع بين الطائفتين على ما قيل، ولذلك نقول:
هناك عددٌ من الأخبار المانعة:
منها: مرسل محمّد بن أسلم، عن رجل من أهل الجزيرة، قال: «قلت للرِّضا عليهالسلام: يُصلّى على المدفون بعدما يُدفَن؟ قال: لا، لو جاز ذلك لأحدٍ لجاز لرسول الله صلىاللهعليهوآله، قال: بل لا يُصلّى على المدفون ولا على العريان»[1] .
فإنّ إطلاقه بالنهي عنه يشمل حتّى لمن لا يُصلّى عليه، كما أنّ إطلاقه في المنع عنه يشمل ذلك سواءٌ مضى على الدفن يوماً أو بيوم وليلة أو بثلاثة أيّام أو أزيد إلى أن يخرج عن اسم الميّت، بأن صار رميماً.
و منها: خبر يونس بن ظبيان، عن الصادق، عن أبيه عليهماالسلام، قال: «نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يصلّى على قبر» الحديث[2] .
بناءاً على أنّ المراد عدم صلاة الفريضة.
و منها: رواية عمّار بن موسى، قال: «قلتُ لأبي عبدالله عليهالسلام: ما تقول في قوم كانوا في سفرٍ لهم... إلى أن قال: قلتُ: فلا يُصلّى عليه إذا دُفِن؟ فقال عليهالسلام: لا يُصلّى على الميّت بعدما يدفن، ولا يُصلّى عليه وهو عريان حتّى توارى عورته»[3] .
فإنّ المنع عن الصلاة بعد الدفن، يمكن أن يكون لأجل إفهام عدم تجويز دفنه بلا صلاة، لأجل إمكان أداء الصلاة عليه، فتركه عمداً لا يجوز؛ بمعنى أنّه لا تخيير في حكم الصلاة قبل الدفن أو بعده، بل المتعيّن هو إتيانها قبله، كما يمكن أن يكون المنع لأجل عدم جواز الإتيان بعد الدفن مطلقاً، سواءٌ صُلّي عليه أم لم يصلِّ، بأن يكون الدفن بنفسه مسقطاً للصلاة مطلقاً، سواءٌ دفن بلا صلاة عمداً أو عذراً أو دفن مع أداء الصلاة عليه.
و منها: حديثه الآخر في الموثّق، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «الميّت يُصلّى عليه ما لم يوار بالتراب، وإن كان قد صُلّي عليه»[4] .
فإنّه يدلّ على أنّ الدفن هو الموجب لإسقاط حكم الصلاة مطلقاً، سواءٌ كان قد صلّى عليه أم لم يصلّ، غاية الأمر جعل صورة من صلّى عليه متعلّقاً ل (إنْ) الوصليّة، دفعاً لتوهّم أولويّته لعدم المنع بعد الدفن، لأنّ الفريضة الثابتة أوّلاً قد تحقّقت قبل الدفن، فارتفع المانع و لذلك قال لا يجوز الصلاة عليه مرّة أخرى وإن كان قد صلّى عليه.
و منها: روايته الثالثة كما في «الكافي» و «التهذيب»، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال في حديث: «إنّه سئل عمّن صُلّي عليه، فلمّا سَلّم الإمام فإذا الميّت مقلوبٌ رجلاه إلى موضع رأسه؟ قال عليهالسلام: يُسوّى وتُعاد الصَّلاة عليه، وإن كان قد حُمل، ما لم يُدفن، فإنْ دُفن فقد مضت الصلاة عليه، ولا يُصلّى عليه وهو مدفون»[5] .
وهو دالٌ على المطلوب بناءاً على أنّ جملة: (ولا يُصلّى عليه وهو مدفون) في مقام بيان الكبرى الكلية المفروضة كونه كذلك، لا في خصوص المورد، و إلاّ يمكن أن يكون لبيان حصول الفراغ عن التكليف في المقام، ولو بصورة فقد شرطه في الجنازة، لأجل فوت وقت الصلاة التامّة فيما قبل الدفن ، ولكن مع ذلك لا تخفى إشارته إلى أنّ وقت الصلاة قبل الدفن ، فليتأمّل.