91/09/28
بسم الله الرحمن الرحیم
مسائل خَمس
موضوع: مسائل خَمس
أقول: يجب أوّلاً من ذكر الدليل الدالّ على عدم السقوط بالدفن عن عمدٍ أو عُذر، ثمّ نتعرّض الى عدم السقوط إلى ما حدّه بعد الدفن.
أمّا الأول: فإنّ الاطلاقات الدالّة على وجوب الصلاة على الميّت ثابتةٌ و حكمها فعلي:
منها: النبوي صلىاللهعليهوآلهفي رواية غزوان السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهمالسلام، قال:
«قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: صلّوا على المرجوم من أُمّتي، وعلى القاتل نفسه من أُمّتي، لا تدعوا أحداً من أُمّتي بلا صلاة»[1] .
و منها: خبر طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهماالسلام، قال: «صلِّ على من مات من أهل القبلة وحسابه على الله»[2] .
حيث يدلّ على وجوب الصلاة لكلّ جنازة ، فبإطلاقه يشمل حتّى صورة عدم الدفن وبعده، وإن كان ما يشتمل على بيان الشرائط من القُرب والمشاهدة وكيفيّة الهيئة مربوطاً بحال قبل الدفن، لكنّه لا يوجب التقييد في إطلاق أصل الوجوب، إلاّ أن يقيم الدليل المفيد للسقوط بعد الدفن.
مع أنَّه قد ورد في بعض الأخبار ما يدلّ على تجويز الصلاة حتّى بعد الدفن، بإقامتها على القبر ولو باعتبار فعل المعصوم لذلك، الذي هو حجّة لنا:
منها: خبر عمر بن جميع، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهإذا فاتته الصلاة على الجنازة صلّى على قبره»[3] .
فإنّ فعل (كان) يدلّ على الاستمرار الموجب لأُنس الذهن إلى كونه واجباً و إلاّ لما استمرّ عليه.
و منها: صحيح هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «لا بأس أن يصلّي الرجل على الميّت بعدما يُدفَن»[4] .
و منها: ما جاء في «فقه الرضا»، قال: «فإن لم تلحق الصلاة على الجنازة حتّى يُدفَن الميّت، فلا بأس بأن تصلّي بعدما دُفِن»[5] .
و منها: خبر مالك مولى الحكم، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «إذا فاتتك الصلاة على الميّت حتّى يدفن، فلا بأس بالصلاة عليه وقد دُفِن»[6] .
و منها: في «الذكرى»، قال: «روي أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى على قبر مسكينةٍ دُفنت ليلاً»[7] .
و منها: خبر القلانسي، عن رجل، عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث: «فإذا لم يدرك التكبير عند القبر كأن أدركهم وقد دفن كبّر على القبر»[8] .
والفرق بين هذا الحديث وحديث هشام هو إطلاق خبر هشام، من جهة أنَّه قد صلّى عليه أم لا، بخلاف ظاهر حديث القلانسي ومالك من قيام قرينة مثل كلمة (فاتتك) أو جملة (لم يدركهم)، الظاهرتان في كون المراد من الإدراك وعدمه هو الصلاة، فإنّ هذه الأحاديث دالّة على جواز الصلاة بعده حتّى مع إتيان الصلاة قبل الدفن و أنّه لا تسقط، ففي صورة عدم الإتيان وترك الصلاة يكون عدم السقوط بطريق أَوْلى، مضافاً إلى جريان أصل الاستصحاب هنا، لأنّ الصلاة قبل الدفن وعدم الصلاة كانت واجبة قطعاً فيشك في سقوط الصلاة بعد الدفن، و عدمه؟ فالأصل هو بقاء الوجوب وهو المطلوب.