91/09/27
بسم الله الرحمن الرحیم
مسائل خَمس
موضوع: مسائل خَمس
هذا بعد التسليم بأنّ هذا الخبر ورد لصلاة الجنازة، وكونه شاملاً بإطلاقه لصورة العمد، و إلاّ يسقط عن الاستدلال.
و لفظ (أعاد) ظاهرٌ في الوجوب، ولذلك نقول بأنّ الحكم بالإعادة مع عدم القول بالبطلان يكون أوفق بالاحتياط.
ولعلّه لما ذكرنا ذهب عدّة من الفقهاء إلى وجوب الإعادة كما قاله صاحب «الجواهر»: (بأنّ في «الوسيلة» و «البيان» والمحكي عن القاضي ما يظهر منه الوجوب، بل في «كشف اللّثام» أنَّه ظاهرٌ الأكثر خصوصاً القاضي، وإن كنّا لم
نتحقّق غير من سمعت، ولعلّه لظاهر الخبر المزبور) انتهى[1] .
وأمّا ما قاله صاحب «كشف اللّثام» في ذيل المسألة: (وكأنّه لا نزاع ـ أي بين القول بالوجوب والقول بالندب ـ لجواز انفراده عن الإمام متى شاء، فله أن لا يعيد، إلاّ إذا استمرّ على الائتمام، ولذا استدلّ عليه في «التذكرة» و «النهاية» و «المنتهى» بإدراك فضيلة الجماعة، فالجماعة إن أرادوا الوجوب فبمعنى توقّف استمرار الائتمام عليها).
فليس على ما ينبغي لأنّه:
أوّلاً: لوضوح أنّ النزاع بين القولين ليس لأجل جواز انفراده بأن لا يعيد؛ لوضوح أنّ هذا الجواز ثابتٌ من أوّله إلى آخره وليس مخصوصاً بهذا الوقت، بل النزاع بين القولين إنّما هو في صورة إرادة بقاء الجماعة، ولذلك صرّح الشهيد بالتأنّي حتّى يلحقه الإمام، حيث يفيد أنَّه كان باقياً بحال الجماعة كما لا يخفى.
و يرد عليه ثانياً: بما في «الجواهر» بأَنَّه: (ربّما لا يكون المأموم على حالٍ يقدر على قصد الانفراد لأجل فَقْد بعض الشرائط من بُعد الجنازة أو عدم مشاهدته، أو عدم كونه على الهيئة المعتبرة، فليتأمّل).
قوله قدسسره: الثالثة: يجوز أن يصلّي على القبر يوماً وليلة من لم يصلِّ عليه، ثمّ لا يُصلّى بعد ذلك. (1) في بيان عدم سقوط الصلاة بالدفن
(1) هذه المسألة ممّا وقع فيها الخلاف من جهاتٍ شتّى؛ وهي أنَّه هل يجوز تأخير الصلاة إلى أن يدفن فيصلّي على قبره مع الاختيار، أو لا يجوز؟
ثمّ على فرض تحقّق ذلك ـ أي دُفن بلا صلاة إمّا عمداً مع الإثم، أو عذراً بلا إثم ـ فهل يسقط الوجوب بالدفن ليجوز الصلاة على قبره، أم لا يسقط بل يجب الإتيان على قبره، أم يحرم؟
فعلى فرض وجوب ذلك، فهل له حدّ في الوجوب، أو في الجواز من يوم وليلة، أو إلى ثلاثة أيّام، أو إلى أن تتغيّر صورته أم لا؟ وجوهٌ وأقوال.
أمّا الأوّل: و هو جواز التأخير اختياراً إلى أن يُدفَن، فممّا لا إشكال في نفي الجواز عنه، بل ادّعى صاحب «الجواهر» عدم الخلاف في عدم الجواز، بل الإجماع بقسميه عليه، بل كاد يكون ضروريّاً. فبذلك يظهر أنَّه ليس المراد من (الجواز) الوارد في كلام المصنّف وغيره، الجواز في التأخير اختياراً، بل المراد وقوعه كذلك عصياناً أو عذراً.
و أمّا الثاني: فهل يجب حينئذٍ الصلاة على القبر أم يجوز أم يحرم؟
الذي يظهر من صاحب «الجواهر» عدم السقوط، حيث قال: (إنّ الظاهر عدم سقوطها بذلك لو كان عمداً، فضلاً عمّا لو كان عن عذر، بلا خلاف صريح أجده، إلاّ من المصنّف في «المعتبر»، والمحكي عن الفاضل في بعض كتبه، ومالَ إِليه في «المدارك»، ولا ريب في ضعفه للأصل وإطلاق دليل الوجوب، وفحوى نصوص الجواز...)، انتهى محلّ الحاجة.