91/09/21
بسم الله الرحمن الرحیم
مسائل خَمس
موضوع: مسائل خَمس
قوله قدسسره: وإن رفعت الجنازة أو دُفنت أتمّ ولو على القبر. (1) حكم وجوب الإتمام ولو رفعت الجنازة أو دُفِنَت
(1) قال صاحب «الجواهر»: (إنّ ما في المتن من حكمه بإتيان التكبير ولاءاً، وإن رفعت أو دفنت أتمّ ولو على القبر، ممّا لا دليل عليه) لأنّ ما يستفاد منه وجوب الإتمام في التكبير ولو عند القبر يكون منحصراً في خبر القلانسي، لو سلّمنا كونه لمن سُبق، وإلاّ يشكل الحكم بكفاية التكبير ولاءاً ولو على القبر، لعدم قيام دليل يدلّ عليه بهذه الخصوصيّة، أي ولو بعد الدفن، إذ لا وجه لذلك إلاّ الاستدلال بدليل التتابع والإطلاق والأصل؛ لأنّ إطلاق الأمر بالإتمام والنهي عن الإبطال بعد القبول والتسليم، لا يفي بما ورد ذكره في المتن، لا سيّما مع الدفن.
و عليه، فالمتّجه هو القول بالصحّة فيما يوافق مع الشرائط من الاستقبال وعدم البُعد ونحوهما من الأفراد لا مطلقاً، مضافاً إلى ندرة ذلك مع التتابع في الدفن، فيسهل الخطب فيه ، ولعلّه لذلك قال صاحب «كشف اللّثام»: (ويقرّب الدفن قبل الإتمام، أن لا يكون للميّت كفنٌ فيكون في القبر مستور العورة)، حيث يتحقّق الدفن مع التتابع لأجل كون الميّت معدّاً في القبر للصلاة عليه.
نعم، بالنسبة إلى رفع الجنازة مع التتابع أمرٌ ممكن، وكون (إن) وصليّة معه أمرٌ جيّد، ولذلك ادّعى الشيخ في «الخلاف» قيام الإجماع عليه، بخلاف صورة الدفن حيث ترك ذكره في «الخلاف» و «المقنعة» و «الوسيلة»، ولذلك حكي عن جماعة تقييد الإتمام بالدعاء مشياً لو رفعت، بما إذا كان سمت القبلة، ولم يفت شرط من الصلاة، وإلاّ وجب التكبير ولاءاً، كما أقرَّ بذلك صاحب «جامع المقاصد» أيضاً.
نعم، لابدّ من الاشارة إلى أنّ ما ذكروه متين لو لم نقل بوجوب الاستقرار في صلاة الجنازة، وإلاّ لا تأثير في أن تكون حركة الجنازة إلى سمت القبلة في إتيان باقي الصلاة مع الدُّعاء مشياً، بل لابدّ حينئذٍ إتيانه بالتكبير فقط ولاءاً حفظاً لشرطيّة الاستقرار.
بل لا يبعد القول بشمول إطلاق الأمر بالإتمام لحالَتي الرفع والدفن في الموقف، من جهة أنَّه لا يوجب بطلان الصلاة، وكان ردّاً على العامَّة القائلين ببطلان الصلاة برفع الجنازة، كما أشار إِليه في «الحدائق» و «التذكرة» وغيرهما، لا أن يكون الاشتغال بالإتمام ماشياً معها إلى أن ينتهي إلى الدفن، فإنّه يستبعد فرضه مع الولاء.
كما أنَّه من المستبعد أو المقطوع بالعدم أن يراد الإتمام ولو على القبر، مع فاصلة زمنيّة و لو طويلة، بأنه لو رفعت الجنازة أو دفنت و عجز عن الإتمام مراعياً للشرائط عليه أن يُتم بعد التمكّن من تحصيل الشرائط ولو على القبر، لأَنَّه ممنوعٌ لا يمكن قبوله، كما أشار في «الجواهر» إلى ذلك؛ لوضوح أنَّه يكفي في المقام وجود إطلاق الأمر بالإتمام في الحكم المذكور.
ثمّ ظاهر إطلاق النصّ والفتوى بوجوب الإتمام، هو لزوم حفظ موقفه بعد خروجه عن الائتمام مع بقاء الجنازة على حالها، من غير حاجة إلى أن يسعى للتقرب اليها لو كان بعيداً أو مع فاصلة كما كان واجباً في المنفرد، بل يبقى في موضعه السابق حينما كان مأموماً، ولكن يحتمل اعتبار شرائط المنفرد له كالمنفرد باختياره.
ولكنّه ليس إلاّ مجرّد احتمال، لأَنَّه لو كان ذلك لازماً كان من الضروري أن ينبّه عليه كما نبه بحكم وجوب الإئتمام، لأنّ الغالب في الإلحاق تحقّق الفصل عن الجنازة بما عدمه معتبر في المتفرد والإمام، وحيث لم ينبّه عليه فيستفاد منه عدم لزوم رعايته في المقام.
لا يقال: بإمكان الاعتماد فيه على ما ذكروه في المنفرد بعد ما صار صلاته كالمنفرد.
لأنّا نقول: المورد مقام بيان هذا الحكم قبل بيان حكم الإتمام، لأَنَّه لو اراد اعتباره لزم فرضه بصورة الشرط لها ، و لزم أن يذكره في محلّه و هو قبل ذكر حكم الإتمام، وحيث لم يتعرّض له يفهم عدم اعتباره، ولعلّه لذلك ترك الأصحاب ذكره.
قوله قدسسره: الثانية: إذا سبق المأموم بتكبيرةٍ أو ما زاد، استحبّ له إعادتها مع الإمام. (1) حكم سبق المأموم على الإمام في التكبيرة
(1) المسألة الثانية: فيما إذا سبق المأموم الإمام في التكبيرة بواحدة أو أزيد ، وهو يتصوّر على وجوه:
الوجه الأوَّل: أن يسبقه في التكبيرة الأُولى ، والظاهر أنَّه خارج عن الفرض بقرينة لفظ (المأموم) حيث إنّه ظاهر في أنّ المأموم قد سبق الإمام، وهو لا يصدق إلاّ بعد تحقّق الائتمام بسبق الإمام له في التكبير إلاّ في شئ واحد، خصوصاً إذا كان سبق المأموم عن عمد، فحينئذٍ لا وجه للقول باستصحاب الإعادة، لأَنَّه لو أراد إتيان صلاة الجنازة كان ذلك هي الصلاة الواجبة بالكفاية، بل الظاهر من لفظ (استحبّ له اعادتها) كونه في حال الصلاة أيضاً ، واستعمال هذا اللفظ في الابتداء لا يخلو عن مسامحة، ولعلّه لذلك لم يذكر المصنّف قيد غير الأولى في كلامه، وقد نبّه عليه صاحب «الجواهر» وإن كان تحقّقه سهواً أمرٌ ممكن، لو لم يتحقّق بالعمد لمن أراد الائتمام كما لا يخفى، لكن قد عرفت أنّ اطلاق سياق العبارة آبٍ عن شمول هذا القسم كما يظهر ذلك للناظر المتأمِّل.