« فهرست دروس
درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

91/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

مسنونات صلاة الاموات

موضوع: مسنونات صلاة الاموات

 

ثمّ إنّ الحكم بالدعاء للأبوين في لقيط دار الكفر مع الحكم بإسلامه، غير بعيدٍ كما عن «الروض»، فإنّه بعدما تنظّر فيه، قال: (أقربه ذلك)، ثمّ قال: (والأمر سهلٌ لكون الدُّعاء غير واجب).

وقال صاحب «كشف اللّثام»: (وفي وجوب الدُّعاء هنا الوجهان، ويقوى العدم أنَّه ليس للميّت ولا عليه).

وقال صاحب «الجواهر»: (قلت: كما أنَّه يقوى الوجوب ظاهر الفتاوى).

ولعلّ وجهه أنَّه إذا حكم بإسلامه، فلا بأس بالدعاء لوالديه، لأَنَّه الأصل إلاّ ما ثبت خلافه، فحينئذٍ يدعو عليه لو لم يُناقش بما قد عرفت من احتمال العدم في ذلك في حقّ الولد لوالده.

نعم، الظاهر عدم لزوم تحديد دعاءٍ معيّنٍ و مخصوصٍ بلفظ خاصّ، كما يشهد بذلك ملاحظة اختلاف النصوص والفتاوى الواردة في ذلك:

فعن «فقه الرِّضا» عليه‌السلام: (اللهمَّ اجعله لأبويه ولنا ذخراً ومزيداً وفَرَطاً وأجراً)[1] .

وفي «المقنعة» ورد: (اللهمَّ هذا الطفل كما خلقته قادراً، وقبضته طاهراً، فاجعله لأبويه نوراً، وارزقنا أجره ولا تفتنّا بعده).

وكذا في «الغنية» والمحكي عن «المهذّب»، لكن فيهما: (فرطاً ونوراً).

فإذاً هذا الاختلاف في الدّعاء حدا بجماعة بالقول بعدم وجوب الدُّعاء لا سيّما في المندوبة.

ولكن قد يقال بالوجوب في المندوبة، فضلاً عن الواجبة، لعدم المنافاة بين ندبيّة أصل الصلاة ووجوب دعائها، كما ورد مثله في النافلة مع كونها مندوبة، ولكن القراءة فيها واجبة.

و عليه، فالعمدة ملاحظة دلالة الدليل، فالأحوط لو لم يكن أقوى هو الإتيان بما في النصوص الواردة.

قوله قدس‌سره: وإذا فرغ من الصلاة وقف موقفه حتّى ترفع الجنازة. (1) استحباب وقوف المصلّي موقفه حتّى ترفع الجنازة

(1) إنّ استحباب وقوف المصلّي في مكانه حتّى ترفع الجنازة، يعدّ ممّا عليه الأصحاب كما في «كشف اللثام»، والمحكي عن «الروض»، كما ذُكر عن المصنّف.

و فضلاً عن ذلك فقد ورد به الخبر انشاءً و فعلاً:

منها: رواية حفص بن غياث، عن جعفر، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام: «أنَّه كان إذا صلّى على جنازةٍ لم يبرح من مكانه حتّى يراها على أيدي الرِّجال»[2] .

و منها: خبر يونس، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «الصلاة على الجنائز.. إلى أن قال: والخامسة يُسلِّم ويقف مقدار ما بين التكبيرتين، ولا يبرح حتّى يحمل السرير من بين يديه»[3] .

واشتماله على التسليم بعد الخامسة و الذى غير مقبول عندنا، غير ضائر.

أقول: يقع البحث في أنّ هذا الحكم مختصّ بالإمام، أو ثابتٌ لكلّ أحدٍ من المصلّين؟

فذهب إلى الأوَّل جماعةٌ كصاحب «كشف اللّثام» و «المصباح» ومختصره، و «السرائر» و «التذكرة» و «الجامع» و «الذكرى» و «الدروس»، ولعلّهم استظهروا ذلك من الخبر الأول الوارد فيه فعل الامام دون الاشارة الى غيره من المأمومين.

و ذهب جماعة اُخرى المصنّف الى ثبوته على الجميع الامام و المأموم عتماداً على الإطلاق ، بل صرّح بذلك المحقّق الكركي وغيره من عدم الفرق بين الإمام وغيره لقاعدة الاشتراك ولخبر يونس.

نعم، لو قلنا بالتعميم لابدّ من استثناء بعض المصلّين ممّن يتحقّق بهم رفع الجنازة

 

إن لم يتّفق من غيرهم، هذا كما عن الميسي وثاني الشهيدين و صاحب «المدارك».

ولكن قال صاحب «الجواهر»: (إنَّه لا يخلو من نظر إذا لم يصل إلى حدّ الوجوب فتأمّل جيّداً).

أقول: نفس الخبر يدلّ على أنّ الحكم ثابتٌ في حقّ غير من يرفع الجنازة، كما يومئ إلى ذلك قوله: (حتّى يراها على أيدي الرجال).

فبما ذكرنا يظهر أنّ هذا الحكم إمّا ندبي أو إن كان واجباً يخرج منه من يتكفّل رفع الجنازة، فلا يحتاج إلى الاستثناء، بل كان من أوّل الأمر خارجاً، كما لا يخفى للمتأمّل.

قوله قدس‌سره: وأن يصلّى عليها في المواضع المعتادة. (1) في جواز الصلاة عليها في المساجد

(1) وهذا هو المنسوب إلى الشيخ والأصحاب، والناسب هو الشهيد في «الذكرى»، ولعلّه هو الحجّة في مثل هذه المندوبات، سيّما مع تأييده بالتبرّك بكثرة المصلّين فيها، وبأنّ السامع بموته يقصده بحسب العادة، فيحصل به كثرة المصلّين عليه المعلوم رجحانها.

بل قد ورد في خبرٍ صحيح لعمر بن يزيد، عن الصادق عليه‌السلام، أنّه قال: «إذا مات الميّت فحضر جنازته أربعون رجلاً من المؤمنين، فقالوا: اللهمَّ إنّا لا نعلم منه إلاّ خيراً، وأنتَ أعلم به منّا، قال الله تبارك وتعالى: قد أجزتُ شهادتكم، وغفرت له ما أعلم ممّا لا تعلمون»[4] .

قوله قدس‌سره: ولو صلّى في المساجد جاز. (2)

(2) بلا خلاف فيه بيننا، بل عن «المنتهى» الإجماع عليه، وهو الحجّة فضلاً عن أنّه موافق لأصل البراءة ، مضافاً إلى دلالة النصوص على الجواز:

منها: صحيح فضل بن عبدالملك البقباق، قال: «سألت أبا عبدالله عليه‌السلام: هل يصلّى على الميّت في المسجد؟ قال: نعم»[5] .

ومثله خبر محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام[6] .

ولكن يظهر من الأصحاب الكراهة كما صرّح به جماعة، بل عن «الروض» و «جامع المقاصد» نسبتها إلى الأصحاب، كما عن «المعتبر» نسبتها إلى رواياتهم، بل عن «مجمع الفائدة و البرهان» الإجماع عليها إلاّ في مكّة كما في «الخلاف» قال: (يكره أن يُصلّى عليها في المساجد إلاّ بمكّة.. إلى أن قال: دليلنا إجماع الفرقة).

ولعلّ منشؤه خبر أبي بكر بن عيسى بن أحمد العلوي، قال:

«كنّا في المسجد وقد جيئ بجنازةٍ فأردتُ أن أُصلّي عليها، فجاء أبو الحسن الأوَّل عليه‌السلامفوضع مرفقه في صدري، فجعل يدفعني حتّى أخرجني من المسجد، ثمّ قال لي: يا أبا بكر إنّ الجنائز لا يُصلّى عليها في المسجد»[7] .

حيث حمله الشيخ على الكراهة، وادّعى عليها الإجماع في «الخلاف»، وأنّ هذه الرواية عامّة تشمل مكّة أيضاً، فلا وجه لاستثنائها إلاّ الإجماع المذكور في «الخلاف»، كما هو دليله على الكراهة مع الرواية المذكورة.

نعم، قد علّل العَلاّمَة في «المنتهى» بأنّ مكّة كلّها مسجد، فلو كرهت الصلاة في بعض مساجدها، لزم التعميم فيها أجمع، وهو خلاف الإجماع ، وتبعه الشهيد الأوَّل في ذلك.

وأورد عليه: بأنّ مسجديّة ما خرج عن مسجد الحرام ـ أي من بيوتات مكّة وسائر مواضعها ـ ليس على حدّ المساجد ـ أي من أحكام المسجديّة ـ لجواز تلويثه بالنجاسة واللّبث فيه للجنب والحائض ونحو ذلك بخلاف المسجد، والعجب عن صاحب «المدارك» من ذهابه إلى نفي الكراهة مطلقاً، أي مكّة وغيرها مستدلاًّ بخبر الجواز، مع أنَّه لا منافاة بين القول بالجواز وثبوت الكراهة، ولذلك قال صاحب «الجواهر»: (إنّي لم أجد موافقاً له على ذلك، سوى ما حُكي عن أبي عليّ أنَّه لا بأس بها في الجوامع، وحيث يجتمع الناس على الجنازة دون المساجد الصغار).

و لعلّه أراد أنّ الكراهة ترتفع بواسطة صيرورة الجوامع مواضع معتادة، ولذلك قد استحبّها في «البيان» في المواضع المعتادة ولو في المساجد.

ولكن علّق على كلامه صاحب «الجواهر» بقوله: (إنّه لا يخلو من نظر واضح).

ولعلّ وجه النظر هو أنّ صيرورتها معتادة من طريق تكثّر العمل بالكراهة لا يوجب زوالها ومحبوبيّتها ، والله العالم.

 


[1] المستدرك ج1، الباب12 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 2.
[2] الوسائل، ج2، الباب12 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 2.
[3] الوسائل، ج2، الباب2 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 10.
[4] الوسائل، ج2، الباب90 من أبواب الدفن، الحديث 1.
[5] الوسائل، ج2، الباب30 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 1 وذيله بعده.
[6] المصدر نفسه.
[7] الوسائل، ج2، الباب30 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 2.
logo