91/08/01
بسم الله الرحمن الرحیم
مسنونات صلاة الاموات
موضوع: مسنونات صلاة الاموات
قوله قدسسره: وإن جهله سأل الله تعالى أن يحشره مع مَن يتولاّه . (1) في الدُّعاء في حقّ مجهول الحال
(1) ما جاء في المتن في حقّ مجهول الحال من الدُّعاء موافقٌ لفتوى سائر الفقهاء كالعلاّمة في «القواعد» و «التحرير» و غيره في مثل «الإرشاد» و «البيان»، ولعلّه استناداً على صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم في حديثٍ، قال:
«ويقال في الصلاة على من لا يعرف مذهبه، اللهمَّ إنّ هذه النفوس أنت أحييتها وأنت أمتّها، اللهمَّ ولّها ما تولّت وإحشرها مع مَن أحبّت»[1] .
وإن كان ورد في صدر الحديث ذكر المستضعف والذي لا يُعرف مذهبه معاً، إلاّ أنَّه ذكر الدُّعاء للأوّل بدعاء المستضعف، ثمّ للمجهول بدعاءٍ آخر كما عرفت.
بل جاء في «كشف اللّثام»: (أنَّه المذكور في «المقنع» و «الهداية» و «المقنعة» و «المصباح» ومختصره، و «المهذّب» و «الغنية»، بل في الأخير دعوى الإجماع عليه).
نعم، قد يظهر من «المعتبر» و «التذكرة» و «المنتهى» و «نهاية الأحكام» و «الذكرى» و «الدروس» و «جامع المقاصد» وغيرها دعاءٌ آخر وهو الذي ورد في حديث ثابت بن أبي المِقدام، قال:
«كنتُ مع أبي جعفر عليهالسلام فإذاً بجنازة لقوم من جيرته فحضرها، وكنتُ منه قريباً، فسمعته يقول: اللهمَّ إنّك أنتَ خلقت هذه النفوس وأنتَ تُميتها، وأنت تُحييها، وأنتَ أعلم بسرائرها وعلانيتها، ومستقرّها ومستودعها، اللهمَّ وهذا عبدك ولا أعلم منه شرّاً، وأنتَ أعلم به، وقد جئناك شافعين له بعد موته ، فإن كان مستوجباً فشفّعنا فيه واحشره مع مَن كان يتولاّه»[2] .
أقول: الظاهر أنّهم لم يقصدوا هذا الدُّعاء تحديداً، خصوصاً مع ملاحظة استبعاد كون الميّت من مجهول الحال، بقرينة كونه من جيرانه حيث يُعرف حاله غالباً، فيحتمل أن يكون هذا الدُّعاء لأجل أداء حقّ الجوار له، فالأقرب أنّ ما في ورد هذا الحديث من الدّعاء للمستضعف لا للمجهول.
نعم، قد يظهر من بعض الأخبار إمكان اشتراكهما بدعاءٍ واحد:
منها: خبر محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام، قال: «الصلاة على المستضعف والذي لا يُعرَف: الصلاة على النّبيّ صلىاللهعليهوآله، والدُّعاء للمؤمنين والمؤمنات، تقول: ربّنا اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم إلى آخر الآيتين»[3] .
و منها: خبر الحلبي فرغم أنّ صدره للمستضعف، ولكن الدُّعاء المذكور في ذيله لمجهول الحال، و قد أضف اليه المستضعف أيضاً، قال:
«و إن كان مستضعفاً فقُل: اللهمَّ اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقِهم عذاب الحجيم، وإذا كنت لا تدري ما حاله، فقُل: اللهمَّ إن كان يُحبّ الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه ، وإن كان المستضعف منك بسبيلٍ، فاستغفر له على وجه الشفاعة لا على وجه الولاية»[4] .
بل في بعض الأخبار ما يمكن انطباقه على كلّ منهما، كما في الخبر المرويّ عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللهعليهالسلام، قال:
«تقول: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وأشهدُ أنّ محمّداً رسول الله ، اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ عبدك ورسولك ، اللهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وتقبّل شفاعته، وبيّض وجهه، وأكثر تبعه، اللهمَّ اغفر لي وارحمني وتُب عَلَيّ، اللهم اغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، فإن كان مؤمناً دخل فيها، وإن كان ليس بمؤمن خرج منها»[5] .
والحاصل من جميع هذه الأخبار: أنَّه لا إشكال في وجوب الدُّعاء بعد الرابعة، وعدم خلوّه عن الدُّعاء للميّت أو عليه، إلاّ أنّ المستفاد من ظاهر هذه النصوص عدم وجوب دعاءٍ محدّد، أي لا يجب دعاءٌ مخصوص. نعم، الأَوْلى مراعاة حاله من إتيان دعاء صالح لاحتمال الإيمان والخلاف والاستضعاف كما عرفت إشارة بعض النصوص إلى ذلك، مثل خبر سليمان بن خالد ، وإن كان في بعض آخر عدم لزوم مراعاة حال استضعافه، ولعلّه لأجل أنّ المفروض معلوميّة انتفائه أو لندرته.
قال صاحب «الجواهر»: (ومن ذلك يظهر عدم صحّة احتمال الحكم بالاستضعاف مع الجهل بحاله بتخيّل أنَّه ينقّحه أصالة عدم الإيمان والخلاف، وإن كان لا يخلو عن وجه، مع ملاحظة بعض التفاسير السابقة للاستضعاف الذي كان مرجعه إلى عدم معرفة الحقّ وعدم معاندته فيه، وعدم موالاة أحدٍ بعينه، ولكن النصوص والفتاوى كالصريحة بخلافه، ولعلّه أنّه حالة اُخرى متجدّدة بعد حال الصغر مقابلة للإيمان، والخلاف ينفيها الأصل أيضاً ، فتأمّل). انتهى ما في «الجواهر»[6] .