« فهرست دروس
درس خارج فقه استاد سیدمحمدعلی علوی‌گرگانی

91/07/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

نعم، يبقى هنا البحث عن خبرين:

الأول: خبر طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: «إذا صُلّي على المرأة والرّجل، قُدّم المرأة وأُخّر الرّجل، وإذا صُلِّي على العبد والحُرّ قدّم العبد وأخّر الحرّ، وإذا صُلّي على الصغير والكبير قدّم الصغير وأخّر الكبير»[1] .

و الثاني: مرسل الصدوق المذكور بعده و هو مثله.

فإنّه لو أُريد من التقديم ممّا يلي الإمام، كانا مخالفين حينئذٍ مع كلام المشهور في الرجل والمرأة، فضلاً عن العبد والحرّ.

وإن أُريد من التقديم ممّا يلي القبلة، فيناسب مع كلام المشهور، فيكون معناه حينئذٍ أنّه إذا جمع العبد مع الحُرّ يجعل الحرّ ممّا يلي الإمام والعبد بعده من باب تفضيل الحُرّ على العبد، وتفضيل الرجل على المرأة مطلقاً سواءً كان العبد ذكراً أو انثى، فلا نحتاج إلى تبديل العنوان الى الذكورة، فلو أُريد من (العبد) المملوك المطلق الشامل للأمة، كان الحُرّ ممّا يلي الإمام وهي بعده فيحفظ فيه الترتيب كما لا يخفى.

وإن أُريد من التقديم ممّا يلي الإمام، فلازمه هو تقديم المرأة على الرجل، أي لزوم وضع المرأة ممّا يلي الإمام والرجل بعده وهكذا في العبد، فحينئذٍ لو أُريد من العبد معنى المملوك المطلق، يلزم الحكم بتقديم الأَمَة على الحُرّ أيضاً ، إلاّ أن يُراد من العبد هو الذكر كما أُريد من الحُرّ الذكر لا ما يشمل الحُرّ، فحينئذٍ يصحّ توجيه كلام صاحب «الجواهر».

لكن المناقشة تبقى بالنسبة إلى تفضيل العبد على الحرّ لو قلنا بأنّ الفضيلة تكون بملاحظة القُرب الى الامام لا للقبلة كما هو الأظهر المستفاد من كلام المشهور.

ثمّ على فرض قبول كون الحُرّ مقدّماً على العبد على حسب فرض كلام المشهور ممّا يلي الإمام، فبطريق أَوْلى يحكم بتقدّم الحُرّ على الأَمَة، لأجل علوّ رتبة الحُرّية على العبوديّة كما لا يخفى، مضافاً من تسرية الحكم من الرجولة إلى الاُنوثة، هذا.

ولكن قال الشهيد في «الذكرى»: (وأمّا الحُرّة والعبد فيتعارض فحوى الرجل والمرأة والحرّ والأَمَة، لكن الأشهر تغليب جانب الذكورة، فيقدّم العبد إلى الإمام).

و علّق عليه صاحب «الجواهر» بقوله: (قلت: قد عرفت الإجماع عليه).

أقول: لا بأس هنا بتوضيح المعارضة القائمة بالفحوى، و كأنّه رحمه‌الله أراد بأنّ رعاية حال الرجل والمرأة من الرجوليّة والأنوثيّة تقتضي تقديم العبد على الحُرّة، لأنّه ذَكَر وهي أُنثى، والذَّكَر مقدّمٌ بأن يقع ممّا يلي الإمام الذي هو ملاك التقديم، ومقتضى رعاية حال الحرّيّة والمملوكيّة، هو تقديم جانب الحرّية على رقّيتها، فلابدّ حينئذٍ من تقديم الحُرّة على العبد، بأن توضع ممّا يلي الإمام ، فرعاية كلٍّ يقتضي نفي الآخر؟

ولكن الأشهر تقديم جانب الذكوريّة على جانب الحُريّة، فلابدّ من تقديم العبد على الحرّة في الوضع بالقرب من الإمام، وقد عرفت تتميم كلامه وتصحيحه بما في «الجواهر» من أنّ هذا الترتيب إجماعيّ، فبذلك ترتفع المعارضة.

فرع: قال صاحب «الجواهر»: (لو جامعهم خُنثى أُخّرت عن المرأة أيضاً للإمام بلا خلاف أجده، بل عن «الخلاف» و «المنتهى» وظاهر «التذكرة» الإجماع عليه لاحتمال الذكورة).

المستفاد من ظاهر من كلامه حيث جعل هذا الفرع بعد الفرع السابق الذى تحدّث فيه عن فرض وجود جنازة العبد ممّا يلي الإمام وبعده الحرّة، هو كون الخنثى بعد العبد وقبل الحرّة، و هذا يفيئ أنه لاحظ التأخير في المرأة من ناحية القبلة ، فالمرأة حينئذٍ تقع قِبْلَة الخُنثى، كما أنّ الخُنثى تقع قِبْلَة العبد، لكن جملة: (أخّرت هنا) موهمة غير ذلك ، فنتيجة كلامه هو تقديم مسلّم الذكورة ومحتملها من العبد والخنثى على الحرّة المسلّمة الاُنوثيّة.

أقول: لكن قد يتّضح المراد من كلامه ممّا جاء بعده بقوله: (قلت: لكن قد يقيّد ذلك بما إذا لم تكن مملوكة، وإلاّ قدّمت المرأة الحرّة للإمام عليها، ترجيحاً للمرجّح المعلوم على الموهوم).

وهذه الجملة تفيد أنّه رحمه‌الله أيقول إنّ الحكم بتقديم الخنثى على الحرّة لأجل احتمال ذكوريّتها، إنّما يصحّ إذا لم تكن الخنثى مملوكة، و إلاّ كانت الحرّة مقدّمة على الخنثى المملوكة، فبالنتيجة تقع الخنثى آخر الجنازات بالنسبة إلى الإمام من العبد والحُرّة.

وجه الترجيح: أنّ الحرّية مرجّحة معلومة للحرّة، وهي مقدّمة على الذكورة المرددة و المشكوكة في الخنثى، و عليه فكلامه في التقيّد متينٌ جدّاً ، والله العالم.

* * *

هذا آخر ما يتعلّق بمسائل هذا الجزء، و كان الفراغ من تسويده اليوم السادس من أيّام شهر ذى القعدة الحرام سنة ثلاث و ثلاثين و اربعمائة بعد الألف من الهجرة النبويّة الشريفة، الموافق للشهر السابع من سنة ألف و احدى و تسعين و ثلاثمائة هجريّة شمسيّة، على يد أقلّ العباد الحاجّ السيّد محمّد علي العلوي الحسيني الأسترآبادي، المعروف ب (الگرگاني)، ابن المرحوم آية الله الحاج السيّد السجّاد العلوي الحسيني، عَفى الله عنه وعن والديه وعنّي، وجعل الله الجنّة مثواهم، وحشرهم مع محمّدٍ وآله صلوات الله عليهم أجمعين، و آخر دعوانا أن الحمدلله ربّ العالمين، و صلّى الله‌ على سيّدنا محمدٍ و آله الطيّبين الطاهرين المعصومين.الفهرس

 


[1] الوسائل، ج2، الباب32 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 5.
logo