90/07/24
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الآیات
موضوع: صلاة الآیات
أقول: وأمّا بالنسبة إلى الكافر إذا أسلم في حال الضيق، ووجب عليه اليوميّة وقدّمها فمضى وقت الكسوف، حيث تردّد فيه الشهيد رحمهالله مستدلاًّ بأنّه مخاطبٌ بالصلاة، فكأنّه تنجّز عليه فوجب عليه القضاء، هذا.
ولكن لابدّ أن يقال: بأنّه لو كان مسلماً وحاله كذلك، فلم يكن القضاء عليه واجباً، رغم قدرته على الجمع والإتيان بهما ولا تقصير له، فإذا قلنا في المسلم بعدم الوجوب ففي حديث الإسلام يكون أَوْلى بالرعاية، كما يستفاد الأولويّة في الرعاية ممّا رُوي عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال: «الإسلام يجبّ ما قبله».
و عليه، فالحكم بعدم القضاء في مثله أظهر وأَوْلى، وإن كان الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه في إتيان القضاء.
لكن علّق صاحب «الجواهر» بعد بيان وجه وجوب القضاء عن الشهيد وغيره، بقوله: (إنّ وجوب القضاء متّجهٌ بناءً على كون الكسوف سبباً في الوجوب مطلقاً، كتسبيب الجنابة الغُسل، بل هو ليس من القضاء في شيءٍ، فمقتضاه حينئذٍ الوجوب حتّى على الفاقد شرائط التكليف بعد وجدانها كالجنابة، لكنّه في غاية البُعد).
أقول: وهو كذلك، لأنّه من الواضح أنّ من التزم بذلك، يلزم عليه القول بوجوب إتيان صلوات الآيات متعدّدةً من بداية شروع الشمس في الانكساف إلى زمان البلوغ بعدد تحقّق الآيات، بناءً على التسبيب، وإن لم يتنجّز عليه قبل البلوغ، ولكن بعد تحقّق شرائط التكليف يتنجّز، بل يكون المقام أسوءُ حالاً من الجنابة المتحقّقة قبل البلوغ، إذ هنا يتكرّر بتكرّر السبب، بخلاف الجنابة حيث لم يثبت على الولد قبل البلوغ إلاّ جنابة واحدة ترتفع بغُسلٍ واحد، بخلاف المقام ؛ مثلاً لو وطئت الصبيّة قبل بلوغها مرات عديدة، فإنّها تكون مجنبه بجنابة واحدة، و يلزمها غُسلٌ واحد بعد البلوغ؛ لأنّ المسبّب هنا لا يتكرّر بتكرّر السبب، هذا بخلاف المقام، لأنّه مع القول بالتسبيب فيه يلزم القول بتكرّر وجوب الصلاة بعده متكرّرة بعدد تكرّر الآيات، وهو باطلٌ قطعاً، إذ لم يلتزم بذلك أحدٌ حتّى القائلين بالتسبيب هنا.
مضافاً إلى ما أشار إليه صاحب «الجواهر» من عدم كون وجوبه حينئذٍ من القضاء، بل هو واجبٌ مستقلٌ ثبت وجوبه بوجود سببه قبل البلوغ، وهو خروجٌ عن موضوع البحث.
ثمّ أضاف صاحب «الجواهر» بقوله: (إنّه مقطوعٌ بعدمه في مثل الحائض، كما اعترف هو به ـ أي الشهيد ظاهراً ـ قال: أمّا الحائض فلا تقضي الكسوف الحاصل في أيّام الحيض، لأنّ الحيض مانعٌ للسبب، بخلاف بقيّة الأعذار، فإنّه يمكن كونها مانعة الحكم لا السبب.
اللهمَّ إلاّ أن يُفرّق بينها وبين غيرها بما ورد فيها من أنّها تقضي الصوم دون الصلاة، فيكون الحيض حينئذٍ مانعاً للسبب، بخلاف باقي الأعذار، ممّا لم يرد فيها ذلك، فيبقى إطلاق السبب بحاله) ، انتهى كلامه[1] .
ثمّ ردّ عليه صاحب «الجواهر»: (بأنّ ذلك خلاف ظاهر الأدلّة على كِلا القولين: في وجوب الكسوف من التسبيب والتوقيت؛ لأنّ ظاهرها اعتبار جميع شرائط التكليف في التسبيب ، بل وشرائط المكلّف به التي منها عدم الموانع، فحينئذٍ يتّجه عدم القضاء فيما نحن فيه بما منع منه الاشتغال بالفريضة، فضلاً عن فقد شرائط التكليف كالعقل والبلوغ ونحوهما، بناءً على التسبيب، فضلاً عن التوقيت).
وهو كلامٌ جيّد غاية الجَوْدَة، فحينئذٍ فلا تكليف للكسوف لضيق وقته.