90/07/16
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الآیات
موضوع: صلاة الآیات
الفرع الرابع: في أنّ بعض الفقهاء ـ كالشهيد في «الذكرى» ـ تعرّض لحكم مسألة مزاحمة صلاة الكسوف لصلاة العيد، وهو بعيدٌ وقوعه في أحد العيدين من الفطر و الأضحى، إذ كلّ واحدٍ منهما يقع في العشر الأولى من شهر شوّال وذي الحجّة، ووقوع كسوف الشمس بحسب المعتاد لا يكون إلاّ في النصف الثاني من الشهر، فكيف يمكن تحقّق المزاحمة بينه وبين صلاة العيد في كسوف الشمس، بل وهكذا في خسوف القمر، لأنّه بحسب المعتاد يقع في ليالي القدر كالثالث عشر وما بعدها.
و عليه فتحقّق المزاحمة المدعاة غير مستأنس بحسب المتعارف.
اللهمَّ إلاّ أن يقع ذلك بقدرة الله تبارك وتعالى كما هو الحال في وقوع بعض المحالات بقدرته سبحانه و تعالى، ولذلك قال الشهيد في «الذكرى»: (قد اشتهر أنّ الشمس كسفت يوم عاشوراء لمّا قُتل الحسين عليهالسلام كسفةً بَدَت الكواكب نصف النهار فيها. رواه البيهقي[1] وغيره، وقد قدّمنا أنّ الشمس كسفت يوم وفاة إبراهيم عليهالسلام ابن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وروى الزبير ابن بكّار في كتاب «الأنساب»[2] أنّه توفّي في العاشر من شهر ربيع الأوّل . وروى الأصحاب أنّ من علامات المهدي عليهالسلامكسوف الشمس في النصف الأوّل من شهر رمضان) . انتهى محلّ الحاجة من «الذكرى».
فإنّ ذكر هذه الوقائع مؤيّدة لإمكان تحقّق الكسوف في غير وقته المعتاد، بقدرته سبحانه و تعالى.
بل أضاف صاحب «الجواهر» إلى ذلك بقوله[3] : (خصوصاً والمروي في «الكافي»[4] و «الفقيه»[5] و «تفسير علي بن إبراهيم»[6] عن عليّ بن الحسين عليهماالسلاممن كيفيّة الكسوفين ، خلاف ما يقوله المنجِّمون من الحيلولة ونحوها ـ أي حيلولة الأرض بين الشمس والقمر، أو حيلولة القمر بين الأرض والشمس ـ ، بل هو انطماس الشمس والقمر في البحر الذي خلقه الله بين السماء والأرض، إذا أراد الله أن يستعتب عباده على كثرة ذنوبهم بآيةٍ من آياته، أمرَ الملك الموكّل بالفُلك الذي فيه مجاري الشمس والقمر أن يزيله عن مجاريه، فتصير الشمس في ذلك البحر، فيطمس ضوئها ويتغيّر لونها وكذلك القمر.
بل قال الصدوق رحمهالله بعد رواية ذلك : (إنّ الذي يخبر به المنجّمون من الكسوف فيتّفق، كما يذكرونه ليس من هذا الكسوف في شيءٍ، وإنّما يجبُ الفزع إلى المساجد للصلاة عند رؤيته، لأنّه مثله في النظر وشبيه له في المشاهدة).
كما أنّ الكسوف الذي ذكره عليّ بن الحسين عليهماالسلام إنّما وجب الفزع فيه، لأنّه آية تشبه آيات الساعة)، انتهى ما في «الجواهر»[7] .
أقول: والأمر كما قاله، فإنّه لا منافاة بين ما هو المرويّ وبين ما يقوله المنجِّمون، كما في «البحار» للمجلسي رحمهالله حيث قال:
(إنّ ذلك قويٌّ متين)، كما أيّده والده رحمهالله، و الله هو العالم والقادر على كلّ شيء، ونحن مؤمنون بما رواه أهل البيت عليهمالسلام، لأنّ عقولنا قاصرة عن درك الحقائق و فهم حقيقتها ، فالأَوْلى أن نقول: إلهنا إنّنا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فاكتبنا كنّا مَعَ الشَّاهِدِينَ.