90/07/10
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الآیات
موضوع: صلاة الآیات
الصورة الرابعة: ما لو كان وقتهما مضيّقاً معاً، فلا إشكال ولا خلاف عند الأصحاب في وجوب تقديم اليومية على صلاة الآيات، كما ورد في «كشف اللّثام» و «الذكرى» و «التنقيح» بتعابير مختلفة، لكن جميعها متّفقة على لزوم تقديم الفريضة اليوميّة على غيرها، لمعلوميّة أهميّة اليوميّة على غيرها من النصوص والفتاوى.
بل وهكذا يجب القطع لو بانَ في أثناء صلاة الآيات ذلك بلا خلافٍ فيه، بل في «كشف اللّثام» أنّ حكم القطع حين خوف الفوت اجماعيّ، على ما في «المعتبر» و «المنتهى» و «التذكرة» و «نهاية الأحكام»، حيث إنّ كلامهم مطلقٌ يعمّ ضيقهما، وإن لم نتحقّق التعميم المزبور في بعض ذلك ، وأنّ هذه الأهمّية المعلومة من وجوب التقديم واضحة عند من يُجوّز القطع لخوف فوت الفضيلة كصاحب «الجواهر»، و جماعة كثيرة ممّن تبعه من الفقهاء؛ لوضوح أولويّة المقام عنه، لأنّه مزاحم لوقت الإجزاء دون الفضيلة، ومتى جاز القطع، فلا إشكال في وجوب إتيان الفريضة، لأنّ ما يتوهّم المانع ليس إلاّ التلبّس المزبور، فإذا فرضنا عدم وجوب الاتّصال، فلم يبق شيءٌ حينئذٍ ما يصلح للمانعيّة، والمفروض وجوب الشروع باليوميّة لأجل تضيّق وقتها.
أقول: رغم ذلك فقد تردد صاحب «التذكرة» و «النهاية» في ذلك من أولويّة الحاضرة بالأصل، وأولويّة صلاة الكسوف بالشروع.
و تردد كلاهما لا يخلو عن وَهنٍ، لما قد عرفت من شمول النصوص للقطع في هذا المورد قطعاً، سواءً أجزنا القطع في خوف فوت الفضيلة أو لم نجز، خصوصاً إذا لم نقل بالتوقيت لتمام صلاة الكسوف، بل قلنا بكفاية التلبّس بها حال حصول الكسوف، ولو لم يفِ الوقت لتمام الفعل.
نعم، ما ذكراه من التردّد له وجهٌ في المضيّق منهما، إذا قلنا بوجوب الإتمام في وقت الكسوف، فيما إذا كان قادراً مع ذلك على ادراك ركعة من الفريضة، حيث قد وقع الترديد في أنّه:
هل يجوز قطع صلاة الآيات لكون الحاضرة أَولى لأجل درك تمام ركعاتها في الوقت؟
أو أنّ صلاة الآية أَوْلى لأجل حفظ الآية بالشروع وحفظ وقت الحاضرة بإدراك ركعة ؟
فتقديم صلاة الآية حينئذٍ يستلزم الجمع بين الحقّين، كما مالَ إليه العَلاّمَة الطباطبائي في «المنظومة».
ولكن قال صاحب «الجواهر» : (وإن كان الأقوى خلافه أيضاً، لما عرفت من احتمال القطع مع ضيق وقت الكسوف لإدراك الفضيلي، فضلاً عن الوقت الاختياري للصحّة).في بيان جريان حكم الكسوف في سائر الآيات
أقول: (الأظهر هو هكذا ولو لم نقل بجواز القطع لخوف فوت وقت الفضيلة؛ لأنّ الظاهر من النصوص الواردة في جواز القطع هو أولويّة الحاضرة على الكسوف في إدراك الوقت لجميع ركعاتها، الذي هو معنى حقيقة الإدراك، لا ما يكون منزّلاً عليه بالدليل، بمثل: (من أدرك...) لأنّه مخالفٌ للأصل والقاعدة، فيقتصر عند الشّك على موضع اليقين، وهو في غير صورة المزاحمة ولو في الجملة؛ خصوصاً مع ملاحظة أنّ الوقت لليوميّة بالأصالة لقوله تعالى: «أَقِمْ الصَّلاَةَ» الواردة في حقّ الفريضة اليومية حسب الفرض، و عليه فالأصل مقدّم قطعاً، لا سيّما مع ملاحظة حال التسبيب الذي قد عرفت كفاية التلبّس حال السبب مع الإمكان في الصحّة ، ولا نحتاج في صحّتها اثبات أنّ الوقت كافٍ لتمام الفعل، لعدم القول بالتوقيت، و لذلك يجوز له الدخول في صلاة الآيات حينئذٍ ولو بالتكبير، ثمّ القطع و اتيان الفريضة، فليتأمّل فإنّ المورد دقيق من موارد احتمال مزالّ الأقدام كما لا يخفى.