90/06/30
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الآیات
موضوع: صلاة الآیات
أقول: لكن المناقشة ثابتة في أصل الاستدلال بالحديثين الدالّين على القطع، للشكّ في أنّه هل:
يراد منه مَن كان متلبّساً بصلاة الآيات ودخل عليه وقت الفريضة؟
أو يُراد منه جواز الإتيان بصلاة الآية في وقت الفريضة، وجواز قطعها عند خوف فوت وقت الفريضة؟
والثاني هو مختار صاحب «الجواهر» خصوصاً في الخبر الثاني .
فإذاً يبطل استدلال القائلين بوجوب الابتداء باليوميّة بهذين الحديثين، خصوصاً مع ملاحظة دلالة خبر بريد ومحمّد بن مسلم على جواز الابتداء بصلاة الآيات مع دخول وقت الفريضة، إلاّ إذا تخوّف فوات وقت الفريضة، سواءٌ أُريد من (الوقت) وقت الفضيلة أو وقت الإجزاء.
بل يمكن تأييد ذلك بقولنا أوّلاً : بأنّ الظاهر من رواية الخزّاز كون الفريضة التي يخاف فوتها هو العصر لا المغرب، إذ الرواية بحسب الظاهر واردة في مَن أخّر العصر ثمّ ابتلى بالكسوف في آخر الوقت، ممّا يعنى أنّ الرواية واردة في وجوب القطع لموردٍ يعلم المصلّي فوت وقت الإجزاء من الفريضة، حيث يكون القطع حينئذٍ واجباً بلا إشكال ، فلا يصير الحديث حينئذٍ دليلاً على وجوب الشروع بالفريضة لولا التلبّس في سعة الوقت، بل تكون الرواية في هذا المورد ساكتة، فيكون المرجع حينئذٍ إلى الدليل الذي ذكرناه على التخيير في سعة الوقت، فيثبت المطلوب.
ثانياً: لو سلّمنا كون المراد من (الفريضة) هو المغرب لا العصر، و أنّ المراد من خوف الفوت هو خوف فوت وقت الفضيلة، فلا نُسلّم كون القطع حينئذٍ يكون واجباً، لأنّ إدراك الصلاة في أوّل وقت الفضيلة يعدّ أمراً مستحبّاً و هكذا يكون حكم القطع أيضاً ، خصوصاً عند من يرى الوقت الأوّل في الفريضة وقتاً اختياريّاً لا يجوز تفويته مع الإمكان كصاحب «الحدائق»، فإيجاب قطع صلاة الآيات اعتماداً على هذا المبنى لا يوجب الحكم بوجوب القطع لمن لا يرى ذلك في وقت الفضيلة، بل عليه أن يحكم بجواز تأخيرها عنه مع الاختيار، و بالتالي فلا يبقى وجه للاستدلال بمثل هذا الخبر لإثبات وجوب تقديم الفريضة على صلاة الآيات.
هذا كلّه مع إمكان أن يقال ثالثاً: إنّ مقتضى الجمع بين هذين الحديثين وبين الصحيحتين المتقدّمتين ـ وهما خبري بُريد بن معاوية و محمّد بن مسلم عن الباقرين عليهماالسلام ـ هو حمل الأمر الوارد في الحديثين على الشروع بالفريضة على الاستحباب، كما يؤيّده غلبة الظنّ بأنّ مناط الحكم هو أهمّيّة الفريضة اليوميّة على غيرها من الصلوات، وأفضليّة المبادرة إلى فعلها في أوّل وقتها، التي لا تكون إلاّ علّة للاستحباب لا الوجوب والشرطيّة لصحّة صلاة الكسوف ولا الوجوب فقط، هذا لو لم نقل ولم نحمل فوت وقت الفريضة على وقت الإجزاء، جمعاً بين الطائفتين، و إلاّ لا يدلّ على مدّعاهم قطعاً كما لا يخفى.
كما قد يؤيّد هذا الاحتمال خبر «الدعائم»، حيث إنّ دلالته على الإجزاء يكون أوضح وأتقن وأنسب بالتشبيه الوارد فيه من مطلق وقتها.
و عليه، فإثبات وجوب تقديم الفريضة على صلاة الآيات بما ذُكر مشكلٌ جدّاً.