90/06/27
بسم الله الرحمن الرحیم
صلاة الآیات
موضوع: صلاة الآیات
ثالثاً: يمكن أن يستدلّ لذلك بالخصوص لصلاة الكسوف بالأخبار الواردة:
منها: خبر أبي بصير، عن أبي عبدالله عليهالسلام، قال: «خمس صلوات تصلّيهنّ في كلّ وقت: صلاة الكسوف، والصلاة على الميّت، وصلاة الإحرام، والصلاة التي تفوت، وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد العصر إلى اللّيل»[1] .
و منها: خبر زرارة، عن أبي جعفر عليهالسلام، أنّه قال: «أربع صلوات يُصلّيها الرجل في كلّ ساعةٍ: صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أدّيتها، وصلاة ركعتي طواف الفريضة، وصلاة الكسوف، والصلاة على الميّت ، هذه يصلّيهنّ الرجل في الساعات كلّها»[2] .
حيث يستفاد منها أنّ وقت صلاة الكسوف موسّع كصلاة الفريضة بعد دخول وقتهما .
و مقتضى القاعدة بعد ملاحظتهما هو التخيير في تقديم أيّهما شاء المكلّف، ما لم يخف فوت وقت الأُخرى و إلاّ يقدّمه.
أقول: هذا هو مقتضى الدليل، فلابدّ حينئذٍ من ملاحظة ما يدلّ أو يتوهّم خلاف ذلك.
الأول: اعترض صاحب «مصباح الفقيه» على المستدلّ بها، فإنّه بعد نقل الروايتين قال: (وفيه: إنّ هذه الروايات مسوقة لبيان جوازها في أيّ وقت تكون عند طلوع الشمس أو غروبها ، وليس لها إطلاقٌ أحوالي، بحيث يصحّ التمسّك بإطلاقها لما نحن فيه، كما لا يخفى على المتأمِّل)[3] .
الجواب: لا يخفى أنّ من أراد الاستدلال بها لا استدلاله يكون إلاّ من جهة دلالتها على سعة وقت صلاة الآية، وبأنّها لا تكون مقيّدة بوقتٍ خاصّ ، فإذا ثبتت السعة لها كما كانت لليوميّة، فلازم نفس ذلك مع ملاحظتها مع الأُخرى أوجب أن يتحقّق له الإطلاق الأحوالي، أي يجوز الإتيان بكلّ واحدٍ منهما في الوقت، سواءٌ كان قبل إتيان العِدل له أو بعده.
و عليه، فدعوى أنّه ليس لهذه الأخبار إطلاق أحوالي حتّى يصحّ التمسّك بها غير مقبولة كما لا يخفى .
الثاني: إنّه يمكن أن يستدلّ لجواز تقديم الكسوف على اليوميّة بصحيح بُريد بن معاوية، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام، قالا:
«إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها، ما لم تتخوّف أن يذهب وقت الفريضة، فإنْ تخوّفت فابدأ بالفريضة، واقطع ما كنتَ فيه صلاة الكسوف، فإذا فرغت من الفريضة، فارجع إلى حيث كنتَ قطعت، واحتسب بما مضى»[4] .
قيل إنّ جملة: (فصلّها ما لم تتخوّف) صريحة في جواز الإتيان بصلاة الكسوف في أوّل وقت تحقّقه ولو كان قبل الفريضة، وموسّع فيها وغايته الخوف بذهاب وقت الفريضة، ثمّ رتّب على صورة خوف الابتداء بالفريضة صورة القطع عن ما بيده، والبناء على الرجوع بعد القطع، إن وقع الخوف في أثناء صلاة الكسوف، و عليه فدلالته على التقديم ممّا لا كلام فيه.
أقول: الذي يجب أن يبحث فيه أمران:
الأمر الأوّل: بيان المراد من (وقت الفريضة) الذي يتخوّف فوته ، هل هو وقت الإجزاء أو الفضيلة؟
الظاهر أنّ الإطلاق في كثيرٍ من الموارد منصرفٌ إلى الأوّل ، إلاّ أنّ شيوع إرادة وقت الفضيلة في استعمال لفظ (الوقت) في أخبار الباب، أوجبَ تضعيف الإطلاق ، ولأجل ذلك صرّح صاحب «مصباح الفقيه» بأنّه: (يحتمل قويّاً أن يكون المراد بوقت الفريضة وقت الفضيلة).