46/07/10
بسم الله الرحمن الرحیم
مساله۳۲: اذا لم ياذن المالك للعامل الاول بانشاء المضاربة الثانية فضارب العامل الاول شخصا آخر
موضوع: مساله۳۲: اذا لم ياذن المالك للعامل الاول بانشاء المضاربة الثانية فضارب العامل الاول شخصا آخر
مسألة٣٢: إذا ضارب العامل غيره مع عدم الإذن من المالك.فإن أجاز المالك ذلك كان الحكم كما في الإذن السابق في الصور المتقدمة فيلحق كلا حكمه و إن لم يجز بطلت المضاربة الثانية و حينئذ فإن كان العامل الثاني عمل و حصل الربح فما قرر للمالك في المضاربة الأولى فله و أما ما قرر للعامل فهل هو أيضا له أو للعامل الأول أو مشترك بين العاملين وجوه و أقوال أقواها الأول لأن المفروض بطلان المضاربة الثانية فلا يستحق العامل الثاني شيئا و أن العامل الأول لم يعمل حتى يستحق فيكون تمام الربح للمالك إذا أجاز تلك المعاملات الواقعة على ماله و يستحق العامل الثاني أجرة عمله مع جهله بالبطلان على العامل الأول لأنه مغرور من قبله و قيل يستحق على المالك و لا وجه له مع فرض عدم الإذن منه له في العمل هذا إذا ضاربه على أن يكون عاملا للمالك و أما إذا ضاربه على أن يكون عاملا له و قصد العامل في عمله العامل الأول فيمكن أن يقال إن الربح للعامل الأول بل هو مختار المحقق في الشرائع و ذلك بدعوى أن المضاربة الأولى باقية بعد فرض بطلان الثانية و المفروض أن العامل قصد العمل للعامل الأول فيكون كأنه هو العامل فيستحق الربح و عليه أجرة عمل العامل إذا كان جاهلا[1] بالبطلان و بطلان المعاملة لا يضر بالإذن الحاصل منه للعمل له لكن هذا إنما يتم إذا لم يكن المباشرة معتبرة في المضاربة الأولى و أما مع اعتبارها فلا يتم و يتعين كون تمام الربح للمالك إذا أجاز المعاملات و إن لم تجز المضاربة الثانية.
فان ضارب العامل الاول شخصا آخر من غير اذن المالك لانشاء المضاربة الثانية، فتارة يُجیز العامل بعدُ تلک المضاربة الثانية فيكون حكم المسالة حینئذ نفس ما ذُکر من الحکم فی المسالة السابقة فلانعید.
و اخری لایُجیز المالکُ المضاربة الثانية.
و على الثاني فربما يشترط المالك مباشرة العامل الاول في العمل و عدم جواز اخذ شخص آخر للعمل و للاتجار، و اخری یاذن المالک للعامل الاول فی ان یاخذ شخصا آخر للاتجار بالمال و لکن لایاذن المالک فی ان یُنشئ العامل الاول مع ذلک الشخص الآخر عقدَ المضاربة، فهو انما اَذن له فی عدم المباشرة بنفسه للاتجار بالمال و لكن لم ياذن له في ان ينشئ مضاربة ثانية على راس المال مع شخص آخر.
فاذا اشترط المالکُ مباشرة العامل الاول فی الاتجار و لم يُجز المضاربة الثانية بعدُ و انما اجاز نفس المعاملات الواقعة من قِبل العامل الثانی علی المال من دون ان یجیز نفس عقد المضاربة الثانية كان تمام الربح الحاصل من المعاملات للمالك الاول و لاتكون حصة من الربح للعامل الثاني و لا للعامل الاول. اَما عدم کون حصة من الربح للعامل الثاني فلانّ المفروض عدم امضاء المالک للمضاربة الثانية و مع بطلان مضاربته لايستحق شيئا من الربح على المالك.
و اَما عدم نصیب العامل الاول شیئا من الربح فلانّ المفروض انه لم یعمل مطابقا للمضاربة الواقعة بينهما فانّ المالک لم یاذن له فی انشاء مضاربة اخرى و لكن العامل الاول خالف المالك في ذلك فضارب شخصا آخر فهو لایعمل مطابقا للقرار و التعهد الذی یکون بینه و بین المالک فلایستحق شیئا من الربح.
ان قلت نَعم انّ ما ذکرتَ صحیح بالنسبة الى مقتضى القاعدة الاولية، و لکن مقتضی النصوص الخاصة المتقدمة الدالة على ان العامل اذا خالف الشرط فله حصته من الربح على تقدير حصوله، انه يكون مالكا لحصته من الربح
قلتُ انّ تلک النصوص یکون المفروض فیها صدور التجارة من العامل، غاية الامر انه خالف الشرط الذي اشترط عليه المالك، مثل ان يشترط المالك عليه ان لايخرج من البلد و ان يتجر في نفس البلد و لكن العامل خالف الشرط فخرج من البلد و اتجر في السفر، ففي هذه الصورة تدل النصوص الخاصة على ان العامل يَملك نصيبه من الربح علی تقدیر حصوله، کما انّ علیه الوضیعة لو حصلت. ففی هذه الصورة تدل النصوص على ان للعامل حصته من الربح، بخلاف ما اذا لم يكن للعامل عمل فی المضاربة كما هو الامر فيما نحن فيه فان النصوص المذكورة غيرشاملة له فلابد بعد قصور تلك النصوص عن شموله من الحكم فيه على طبق القواعد الاولية و هي تقتضي كون جميع الربح للمالك فان العامل لم يعمل مطابقا لما اشترط عليه العامل اي مباشرته في الاتجار بالمال فلايستحق شيئا.
و الحاصل ان المالك اذا اشترط مباشرة العامل في الاتجار و لكن خالفه العامل و ضارب مع شخص آخر فیتجر ذلک الشخص الاخر بالمال فحصل الربح کان جمیع الربح للمالک. هذا علی تقدیر اشتراط مباشرة العامل في الاتجار بالمال او كون المنصرف من العقد هي المباشرة. هذا انما یکون بناءً علی کون المباشرة ماخوذة بنحو القید بان یکون اذن المالک فی حصة خاصة ای صورة المباشرة فلاتکون صورة عدم المباشرة ماذونا فیها اصلا، فاذا اذن المالک فی التجارات الواقعة کان جمیع الربح له.
بخلاف ما اذا کانت المباشرة ماخوذة بنحو الشرط فاذا تخلف العامل عن الشرط ثبت للمالک حق فسخ المضاربة، و لکن لو لم یفسخها کان الربح بینهما.
و اَما لو قال المالک للعامل الاول:"لک ان تتجر مباشرة او ان تجعل شخصا آخر کی تتجر هو نیابة عنك" و لكن لم ياذن له في عقد مضاربة اخرى و انما اذن له في ان يجعل شخصا آخر بعنوان وکیل نفسه مثلا کی یتجر بالمال فضارب العامل مع شخص آخر مضاربة ثانية فحينئذ اذا اجاز المالك تلك المضاربة الثانية فيكون الحكم ما تقدم في المسالة السابقة فلانعيد. و اَما لو لم یُجز المالک تلک المضاربة الثانية و انما اجاز المعاملات الواقعة من العامل الثاني فهل يكون جميع الربح للمالك او تكون للعامل الاول حصته من الربح او تكون الحصة المجعولة للعامل الاول مشتركة بين العاملين؟
اختار الماتن قدس سره الثاني فانّ المضاربة الثانية و ان كانت باطلة لعدم امضاء المالك لها و لكن المضاربة الاولى صحيحة، و العامل الاول يعمل بوظيفته المقررة فيها فان المالك اذن له في الاتجار مطلقا سواء يتجر مباشرة او يتجر بواسطة الغير، و العامل الاول اتجر بواسطة الغير، و لايخفى ان المضاربة الثانية و ان كانتوباطلة و لكن نفس عمل العامل الثاني حينئذ يُعدّ وفاءً من جانب العامل الاول بمضاربته الاولی فیستحق المقدار المجعول له من الربح فیها.
و لایذهب علیک ان الظاهر ان مراد الماتن من قوله:"ان الربح للعامل الاول" هو ما ذکرنا من ان المقدار المجعول للعامل الاول من الربح یکون له، لا ان یکون مراده انّ تمام الربح یکون للعامل الاول بحیث لم یکن للمالک نصیب من الربح فانّ هذا الکلام مضافا الی کونه خلاف ظاهر المتن غیرمسموع جدا فانه لا وجه لحرمان المالک عن ربح ماله فی المضاربة الاولى كما هو واضح.
ثم ان العامل الثاني هل يستحق احرة المثل بازاء عمله او لا؟
قال الماتن قدس سره باستحقاقه للاجرة على العامل الاول اذا كان العامل الثاني جاهلا بعدم كون العامل الاول ماذونا في عقد مضاربة اخرى، فانه حینئذ یرجع الی من غره و هو العامل الاول،و اَما اذا علم العامل الثانی بواقع الحال مِن عدم الاذن فلایستحق الاجرة لانتفاء الغرور مع علمه بالحال فهو اسقط احترام عمله حينئذ بنفسه.
و هنا نكتتان:
النكتة الاولى ان الماتن اختار استحقاقه للاجرة على العامل الاول مع جهل العامل الثاني بالحال. و قد يُستَشکل علیه بانه لا وجه فی استحقاقه للاجرة عليه مع ان استحقاق الاجرة موقوف على الاذن في العمل، و بعد اَن افترضنا بطلان المضاربة الثانية فلم يكن عمل العامل الثاني مستندا الى اذن من جانب العامل الاول فانّ المفروض انّ العامل الاول انما اَذن للعامل الثانی فی العمل فی ضمن مضاربة باطلة لا صحيحة.
و هذا الاشکال غیرتام فانّ نفس اذن العامل الاول للعامل الثانی فی ضمن عقد المضاربة مصداق للاذن في العمل و ان كانت تلك المضاربة باطلة، فهو اَذن له فی العمل فیکون عمل العامل الثانی عن اذن العامل الاول و یکفی هذا لاستحقاقه للاجرة، و لايضر بذلك كون الاذن في ضمن مضاربة فاسدة كما لايخفى. و هذا نظير ان يستاجر شخص للاخر لبناية الدار و لكن تلك الاجارة تكون باطلة من جهة عدم تعيين الاجرة مثلا فلا اشكال في استحقاق الاجير لاجرة المثل فانه يعمل عملية البناء بامر الماك، غاية الامر كان ذلك الامر و الاذن في ضمن اجارة فاسدة، و لكن فساد الاجارة لاتُخرج الاذن و الامر عن کونه اذنا و امرا فیستحق الاجیر اجرة المثل حينئذ.
النكتة الثانية ان السيد الماتن فصل بين صورتى جهل العامل الثاني بالحال و علمه به فاختار استحقاقه للاجرة في الاول دون الثاني.
و ربما يُستشکل علیه بانّ کل عقد یُضمن بصحیحه یُضمن بفاسده، لذا کما انّ الاجارة الصحيحة توجب شغل ذمة المستاجر للاجير فكذلك يستحق الاجير على المستاجر اجرة عمله في الاجارة الفاسدة ايضا و لا فرق في ذلك بين صورتى جهل الاجير بفساد الاجارة و علمه به فهو يستحق الاجرة في كلتا الحالتين. و هكذا الامر في المقام فان العامل الثاني كما يستحق الربح على تقدير صحة المضاربة الثانية فكذلك يستحق الاحرة على تقدير فسادها بلا فرق بين ان يعلم بفسادها او لم يعلم به. فتفصيل الماتن في غير محله.
و فيه انه تارة تکون للآمر بالعمل و الآذن فیه سلطنة على ذلك، و هذا نظير ان يستاجر زيد عمروا لتعمير سيارته فانّ زیدا تکون له السلطنة على اخذ الاجير لتعمير سيارته قطعا، و لكن كانت تلك الاجارة باطلة من جهة من الجهات. و ما ذُکر من عدم الفرق بین صورتی العلم بالفساد و جهله به یتم فی هذه الصورة فلايختلف الحكم باختلاف حالتى العلم بالفساد و جهله به.
و اخرى لاتكون له السطنة في ذلك فانه لايكون مالكا و لا ماذونا من قِبل المالک، و هذا مثل ان یجعل زید طعاما عند عمرو و کان ذلک الطعام ملکا للغیر فقال له:"کُل" فاذا علم عمرو انّ ذلک الطعام لایکون ملکا لزید و لایکون زید ماذونا بالتصرف فیه من جانب مالکه ایضا و لکن وعد له زید باداء المال الی مالکه فَاَکل عمرو ذلک الطعام صار عمرو ضامنا للمالک و لیس له الرجوع الی زید الذی وعد له بالاداء ان ابی عن الوفاء بوعده. و هذا بخلاف ما اذا لم یعلم عمرو بواقع الحال فاکل ثم تبین له کون المال للغیر و ان زیدا لایکون ماذونا من قبله فان المالک یرجع الی من اتلف ای عمرو و لکن هو یرجع الی من غره ای الی زید. فالتفصیل فی هذه الصورة الثانية يكون في محله. و لايخفى ان ما نحن فيه يكون من قبيل هذا القسم الثاني فان العامل الاول لايكون مالكا لراس المال و لا ماذونا من قِبل مالکه فی انشاء عقد مضاربة اخرى مع غيره على ذلك المال، فاذا علم العامل الثاني بذلك و اقدم على العمل لم يستحق شيئا و لايكون له الرجوع لا الى المالك و لا الى العامل الاول. اَما عدم امکان الرجوع الی المالک فواضح فانّ العمل لم یکن باذنه کی یرجع الیه، و اَما عدم امکان الرجوع الی العامل الثانی فلانّ العامل العامل الثانی یعمل فی مال لایکون ذلک المال للعامل الثانی و لایکون ماذونا من مالکه بامره للعمل فی ضمن مضاربة اخرى.
اقول:
انّ الذی یقتضیه التامل هو القول باستحقاق العامل الثانی مطلقا و ان علم بعدم کون العامل الاول ماذونا فی انشاء مضاربة اخرى. و السرُ فی ذلک انه اذا قال الابن للآخر:"اَصلح سیارة ابي" و عَلم بان الابن لم یکن ماذونا من جانب الاب و لکن اَصلَح السیارة بامر ذلك الابن فهل يستحق الاجرة على الابن او لا؟ الحقُّ استحقاقه للاجرة فان اصلاح السیارة عمل له مالية فيستحق على الابن الاجرة.
ان قلت ان ما ذكرت من النقض اجنبي عن ما نحن فيه فانّه لو قال العامل الاول للعامل الثانی:"اتجر بالمال و انا اعطیک کذا مقدار اجرة" فهذا صحيح قطعا و يستحق عليه الاجرة، بخلاف ما اذا قال له:"اتجر بهذا المال و يكون لك من الربح كذا" فيجعل له حصة من الربح الحاصل من التجارات، و هذا مما ننكر صحته و انه لايصير مالكا للربح، و ليس الملام في صحة جعل العامل الاول للعامل الثاني للاجرة فانه صحيح قطعا.
قلتُ انّ جعل الربح للعامل الثانی من جانب العامل الاول صحیح ایضا فهو یستحق الربح و لو مع علمه بعدم کون العامل الاول ماذونا فانّ النضاربة الاولى صحيحة قطعا فان العامل عمل بمقتضاها لعدم اشتراط المباشرة فيها، فكان العامل الاول مالكا لحصته من الربح من اول الامر_اي حين انشاء المضاربة الاولى_ على تقدير حصول الربح بعدُ بنحو الكشف بمعنى ان الربح المتحقق عقيب التجارات كان ملكا للعامل الاول من اول العقد لا من زمان حصوله، فحينئذ لا مانع من ان يُملِّک العامل الاول جزءا من حصته من الربح المملوك له للعامل الثانی بناءً علی القول بجواز تملیک المعدوم.