« قائمة الدروس
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الفقه

47/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/مكان المصلي /صلاة المخير بين القيام وبين الركوع والسجود

ذكر اليزدي (رض) أن المكلف إذا اضطر إلى الصلاة مع القيام دون الركوع والسجود أو معهما دون القيام فحكم (رض) بالتخيير أولاً ثم الجمع إذا أمكن بينهما.

السيد الأعظم (رض) نسب إلى أستاذه النائيني (رض) القول بحكمين متهافتين فيقول مرة بترجيح المقدم على المؤخر يعني القيام متقدم على الركوع والسجود فيرجح القيام ثم بعد ذلك يأتي بالسجود والركوع بالإيماء، ومرة أخرى عكس ذلك.

كلام النائيني (رض) أيضاً ليس واضحاً فإن القيام الذي هو ركن في الصلاة هو خصوص المتبوع بالركوع فلا يمكن أن يتحقق القيام الركن بدون ركوع، وليس الكلام في القيام الواجب بل في القيام الذي هو ركن، فكيف يمكن أن يرجح القيام على الركوع؟ فما أفاده النائيني (رض) غير واضح.

أما السيد الأعظم (رض) أعلى الله درجاته في عليين جعل المسألة من باب التعارض وليس من باب التزاحم، وفي الأصول تعرضنا مفصلاً في باب التعارض وكذلك في باب التزاحم إلى الفرق بين التعارض والتزاحم.

ففي التعارض هناك يكون حكمان، روايتان مثلاً لا يمكن العمل بهما معاً، بل لا يكون الحجة إلا واحداً منهما، فتصل النوبة إلى مرجحات باب التعارض: إن كان يمكن الترجيح بصفات الراوي فنرجح إحدى الروايتين على الأخرى، وإلا نظرنا في غيرها من مرجحات التعارض فإن لم نجد يستحكم التعارض فيتساقطان.

هذا إجمال ما قلناه في الأصول في خدمتكم في مقام بحث التعارض.

أما في باب التزاحم فهو أن يكون هناك حكمان ويمكن أن يكون كلاهما حجة لكن لابد من العمل بإحدهما دون الآخر، هذا هو التزاحم.

وفي المقام الأمر دائرٌ بين القيام وبين الركوع والسجود، أدخل السيد الأعظم (رض) البحث في باب التعارض وليس باب التزاحم، بدعوى أن التعارض إنما يأتي في تكاليف مستقلة، وهذا تكليف مستفاد من الرواية وذلك التكليف مستفاد من الرواية فإذا كان هناك تكليفان مستقلان فحينئذٍ يمكن فرض التعارض دون ما لو كان هناك تكليف واحد والإنسان متردد بين أجزائه.

هذا الذي أفاده السيد الأعظم (رض) غير واضح، لأن الذي بنى عليه يمكن أن يكون حتى في تكليفين متضمنين كما في الصلاة وهذا لا يمكن الالتزام به.

فالبحث هاهنا ليس من باب التعارض بل من باب التزاحم.

والصحيح أن يقال في المقام أنه القيام مع الركوع مقدم على السجود في الصلاة وحينئذٍ ينبغي التأمل في ترجيح جانب الركوع والقيام على جانب السجود، وإن كان يستفاد من الروايات التي وردت أن السجود عند الله سبحانه أشرف أجزاء الصلاة، حيث يكون العبد أقرب حالاً إلى الله سبحانه في حالة السجود فيترجح السجود عليهما.

ولكن مع قطع النظر عن هذا الجانب الأخلاقي فليس هناك دليل يقدم القيام مع الركوع على السجود.

على أنه ينبغي التأمل أيضاً في كلام اليزدي (رض) ومن تبعه في جعل البحث بين القيام من جهة والركوع والسجود من جهة أخرى، وهذا ليس واضحاً، فالقيام غير المتصل بالركوع ليس ركناً من أركان الصلاة، فلماذا يفرض البحث بينهما؟ ولم غفل العلماء (رض) عن هذه النكتة؟ إذ لا في كلام السيد الحكيم ولا السيد الأعظم ولا السيد صاحب العروة إشارة إلى ذلك! ولعله في مكان آخر تعرضوا له.

كيفما كان فالحكم كما أفاده (رض) إن شاء الله تعالى.

هذا تمام كلامنا في هذا القسم من شرائط مكان المصلي الذي اعتبره العظيمان أنه ليس من شرائطه.

ثم تعرض اليزدي (رض) أنه إذا كان الإنسان قريباً من قبر المعصوم (ع) فلا يجوز له أن يتقدم على الإمام ولا يسجد على قبره الشريف ونحو ذلك ، هناك رواية معتبرة ذكرها الشيخ الطوسي (رض) في المقام، هي الرواية الأولى من الباب السادس والعشرين من أبواب مكان المصلي:

بإسناده عن محمد بن أحمد بن داود، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله الحميري قال: كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة، هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم عند رأسه ورجليه؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا؟ فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت: وأما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة، بل يضع خده الأيمن على القبر، وأما الصلاة فإنها خلفه يجعله الامام، ولا يجوز أن يصلي بين يديه لان الامام لا يتقدم، ويصلي عن يمينه وشماله.

هذه الرواية إن شاء الله سيكون الكلام فيها والحمد لله رب العالمين.

logo