< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/12/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : دَلالة الجمع المعرّف بالألف واللام على العموم

دَلالة الجمع المعرّف بالألف واللام على العموم

عَدّوا هيأةَ الجمع من الأدوات الدالّة على العموم ، فقولُ الآمِرِ(أكرمِ العلماءَ) تفيد هيأةُ (العلماء) معنى عموم العلماء من حاقّ اللفظ ، وذلك لأنّ هيأة (علماء) تفيد معنى الجمع ، و( الـ ) تفيد مرتبةً معيّنة من مراتب الجمع ، وبما أنه لا مرتبةَ معهودة بـين المتكلّم والسامع ، فلا محالة تـنصرف الأذهان إلى خصوص المرتبة الأخيرة ، فإنها القدر المتيقّن من المعهوديّة .

النكرة في سياق النهي أو النفي

قد يقول المولَى (لا تظلِمْ) ، وهذا نهيٌ عن طبـيعة الظلم ، فكأنّ الآمِرَ قال (الظلمُ منهيٌّ عنه) أو (الظلم حرام) ، أي أنّ النهي متوجّهٌ نحو طبـيعة الظلم ، وهو بمثابة قولنا (الصلاة واجبة) و (التصدّق مستحبٌ) ، فالنهيُ المذكور إذن يفيد النهي عن الطبـيعة ، كما يفيد الأمْرُ بالصلاة الأمْرَ بالإتيان بطبـيعة الصلاة ، فالنهيُ المذكور إذن يَدِلُّ على الشمول بالإطلاق ـ لأنّ النهي كان عن الطبـيعة ، وترْكُ طبـيعةِ الظلمِ يقتضي ترْك كلِّ أفرادها ـ ولا يدلّ على الشمول بالعموم اللفظي ، بمعنى أنّنا لم نستـفد الشمولَ من حاقّ اللفظ ، وإنما استـفدنا الشمولَ مِن لابُديّة ترْكِ كلّ أفراد الظلم حتى يتحقّق ترْكُ طبـيعةِ الظلم .

وقد يقول المولى (لا ضررَ ولا ضِرارَ في الإسلام) و ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )[1] وهذان يفيدانِ نفْيَ وجودِ حُكْمٍ ضرريّ أو حرجيّ في الإسلام ، فالمنفيُّ هو طبـيعة الضرر والحرج ، فيكون المنفي إذن ـ وهو مطلق الضرر والحرج ـ مدلولاً عليه بالإطلاق ـ لا بالعموم اللفظي ـ ، لأنّ المنفي هو طبـيعة واحدة ، لا أفراد متكثّرة في مرحلة التصوّر ـ أي قبل الكلام ـ . نعم نحن نستفيد الشمولَ من التحليل العقلي لنفي الطبـيعة ـ لا مِن نفس اللفظ ـ فنقول : لا تُـنفَى الطبـيعةُ إلاّ بنفي كلّ أفرادها ، ولذلك قال علماؤنا : إنّ النكرةَ في سياق النهي أو النفي ليست من أدوات العموم ، ولا تـفيد العمومَ مِن خلال اللفظ ، وإنما تفيد الشمولَ بالإطلاق وقرينة الحكمة .

( الـمـفـاهـيـم )

التعريف الإجمالي للمفهوم

المفهوم هو مدلول التـزامي سلبـي يُفهم من المدلول المطابقي الذي يفيد أنّ موضوع الحكم في الجملة هو الطبـيعي ، ولذلك يصحّ أن تُعَرِّفَ المفهومَ بأنه المدلول السلبـي الذي يُفهمُ عند انـتفاء سنخ الحكم .

وقولُنا (سَلْبـي) يُخرِجُ مفهومَ الأولويّة ، إذ أنّ مفهوم الأولويّة هو مفهوم إيجابـي ، فقولُ اللهِ تعالى ( فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ) [2] يُفهَمُ منه ـ بالأولويّة ـ حُرمةُ أن يقول لهما أكثرَ مِن ( أُفّ ) ، مفهومُ الأولويّة هذا يُطلَقُ عليه أيضاً مفهومُ الموافقة وفحوى الخطاب ، ولا يصحّ جعْلُه من المنطوق ، لأنّ مفهوم الأولويّة ليس ظاهراً في منطوق الكلام ، وإنما هو مدلولٌ إلتـزامِيّ للكلام .

 

الضابط الدقيق للمفهوم

شرط المـفهوم أن نـَفهم توقّفَ طبـيعيّ الحكمِ على الموضوع بنحو الإنحصار .

توضيح ذلك : إذا وَرَدَ (لا يجب على الجاريةِ الصلاةُ إلاّ إذا حاضت) ، فمدلولُها المطابقي هو (لا يجب على الجاريةِ الصلاةُ أصلاً وبأيّ شكلّ ولأيّ سبب وبأيّ ملاك ، إلاّ إذا حاضت) ، إذَنْ الحُكمُ هنا هو طبـيعي الحكم ، وثانياً : هي تـُقَـيِّدُ ـ كما رأيتَ ـ الوجوبَ بالحيض ، لا غير ، إذن هي تـفيد انحصارَ طبـيعي وجوب الصلاة عليها بطمْثِها ، بسبب هذين السببـين سوف يكونُ لهذه الجملةِ مفهومٌ ، أي أنك إن أردت أن تعرف هل أنّ للجملة الفلانيّة مفهوماً أم لا ، فإنك يجب عليك أن تـنظر إلى مدلولها المطابقي أوّلاً ، فإن وجدتَ أنّ الحكم فيها هو الطبـيعي ، وكانـت علّة الحكم منحصرةً فإنه يكون لها مفهوم .

 


[2] قال الله تعالى ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً، إِمَّا يـبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا، فَلاَ تَـقُل لَّهُمَا أُفٍّ، وَلاَ تـنهَرْهُمَا، وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23)) سورة الإسراء .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo