< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/07/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل يدُلُّ الأمْرُ على الإجزاء ؟

الأمر السابع : هل يدُلُّ الأمرُ على الإجزاء ؟

إذا قال لك المولى ـ في حال الإضطرار ـ صَلِّ مِن جلوس ، ثم ضمن الوقت استطعت على الصلاة الإختياريّة ، فهل يجب عليك أن تعيد ، أم أنّ أمْرَه الإضطراري يفيد الإجزاء ؟

وإذا قال لنا المولى (إتّبِعْ خبرَ الثقةِ أو فتوى المجتهد) ثم قال لك الثقة أو المجتهد بأنه أخطأ في النقل أو في الفتوى ، فهل قولُ المولى (خبرُ الثقةِ حجّةٌ) أو (قلّدِ المجتهدَ) يفيد الإجزاءَ ، أو يستلزم الإجزاءَ أم لا ؟

وإذا قال لك المولى ( قواعدُ الإستصحاب والبراءة والطهارة والحليّة حجّة ) فعملت على أساس ذلك ، ثم عرفتَ الواقع كما هو ، فهل يجب أن تعيد صلاتك مثلاً ووضوءك وصيامك وو ... ؟

أسئلةٌ يجب الجواب عليها ، وقد أسموا البحث في هذه الأسئلة بـ مسألة الإجزاء .

والجواب على الأسئلة السابقة يحتّم علينا أن نبحثها مسألة مسألة ، وقبل الدخول في البحث ينبغي أن نقول الكلمة التالية :

البحث هنا ـ في بحث الإجزاء ـ هو أعمّ ممّا لو كان الدليل لفظياً أو لُـبِّـيَّـاً ، وبالتالي البحثُ ليس في عالم الدلالة ، وإنما هو في مرحلة الإجزاء عن الواقع ، ولذلك يجب أن نعبّر في العنوان بتعبـير : (الإتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أم لا ؟ ) ، ولذلك يتوجّب علينا أن نُخرِجَ هذا البحثَ من هنا ونـنقلَه إلى المباحث العقليّة .

هذا ولكن بما أنّ علماءنا جعلوا هذا البحثَ في هذا الموضع جعلنا العنوان كما رأيتَ ، ولو أردنا أن نضع البحث في محلّه المناسب لكان لزاماً علينا أن نجعله في المباحث العقلية . ولكن بما أنّنا ذكرناه هنا كان لا بدّ مِن ذِكْرِ العنوان كما رأيتَ .

إذن هذه المسألة عقليّة بوضوح ، فتدخل في الملازمات العقليّة ، لأنّ السؤال الصحيح هو هكذا : ( هل إتيان المأمور به على وجهه يستلزمُ الإجزاءَ عقلاً أم لا ؟ ) أو هل إتيانُ المأمور به على وجهه يحقّق الغرضَ المطلوب أم لا ؟ ولذلك نقول بأنّ العنوان الصحيح يجب أن يكون هكذا ( هل إتيان المأمور به على وجهه يقتضي الإجزاءَ عقلاً أم لا ؟ ) ، فيكون حال هذه المسألة كحال مسألة مقدمة الواجب وأن العقل هل يحكم بوجود الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدماته أم لا ؟ وحتى إذا تمسّكنا بالإطلاق المقامي نقول : هي مسألة عقليّة وليست المسألة استظهاريّة أصلاً ، وذلك لوضوح عدم دلالة الأمر ـ مادّةً أو صيغةً ـ على

الإجزاء ، وإنما الأمر يدلّ على طلب الطبـيعة لا غير ، ولا نظر فيه إلى الإجزاء وعدمه . بعد هذا نقول :

إجزاء المأمور به بالأمر الإضطراري

لا شكّ في لزوم النظر هنا في نفس الرواية الصحيحة ، فإن قال المعصوم (لا تُصَلّ إلاّ في آخر وقت الفريضة مع احتمال طروء السلامة عليك) فليس لك ح أن تصلّي في أوّل الوقت إلاّ مع اليأس من السلامة ضمن وقت الفريضة ، وإلاّ فلو صلّيتَ ثم شُفِيتَ ضِمنَ الوقت بحيث صار يمكن لك أن تصلّي صلاة المختار فعليك أن تعيد صلاتك بلا شكّ ، وليكن هذا هو الفرضُ الأوّل .

والفرضُ الثاني : إن قال الإمام (صَلّ بمجرّد عدم تمكُّنِك على صلاة المختار ولو في أوّل الوقت ، حتى ولو كنت تعلم أنك سوف يمكن لك أن تصلّي صلاة المختار ضمن الوقت) فصلينا صلاة المضطرّ في أوّل الوقت ، ثم شفينا ، فإننا بناءً على الرواية الصحيحة المفترضة لا نعيد الصلاة .

هذا الكلام إلى هذا الحدّ واضح ولا شكّ ولا خلاف فيه ، إنما السؤال يقع على الفرض الأوّل وهو : لو صلّينا صلاةَ المضطرّ ثم ارتفع العذرُ بعد فوات وقت الفريضة فهل يجب قضاؤها تامّةً أم لا ؟ لا شكّ أنه لا دليل على وجوب القضاء ، إذ لو وَجَبَ القضاءُ لوجب على المعصوم أن يُـبَـيِّنَ لنا ذلك ، ولذلك يتمسّك علماؤنا بالإطلاق المقامي لنفي وجوب القضاء . ومن المعلوم عدمُ صحّة القول (بوجوب القضاء بذريعة أنّ القضاء هو تابع للأداء، فإن لم يمكن صلاة المختار طيلة الوقت فعليه ـ إدراكاً لمصلحة الوقت ـ أن يصلّيها ناقصةً ، ثم يقضيها تامّة ـ إدراكاً لمصلحة الصلاة التامّة ـ ولعلّ المولى قال بالصلاة بسبب إدراك جزء من المصلحة هو الوقت ، ممّا يعني احتمال وجوب القضاء بعد ارتفاع العذر) . فهذا الكلام غير صحيح قطعاً ، وذلك لعدم وجود دليل على لزوم القضاء في هكذا حالة ، ولعلّ القضاء هو بأمر جديد ، كما هو المظنون جداً ، وعليه فلا شكّ في جريان الإطلاق المقامي وإلاّ فالبراءة .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo