< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الوضع

نعطي الآن قبل الدرس ملاحظة في المعاني الحرفيّة :

الحروف موضوعةٌ للنسب على أنحائها كالنسبة الظرفيّة والنسبة الإبتدائيّة والنسبة الإستعلائيّةـ التي هي معنى حرف (على) ـ والنسبة الطلبـيّة ـ التي هي معنى هيأة (صَلِّ وصُمْ) ـ والنسبة الندائيّة ـ التي هي معنى حرف النداء (يا) ـ الواقعة بين المنادِي والمنادَى ... والمعاني الحرفيّة لا تُـتصوّر بنحو الإستقلال وإنما تُـتصوّر بنحو الرابط لأنها قائمةٌ في غيرها ، أو قُلْ هي تُـتصوّر بنحو الآلة ، أي كما لو نظرت إلى المرآة وأنت تريد أن تنظر إلى وجهك ، ولا تلتفت إلى المرآة في نفسها ، أمّا المعاني الإسميّة فهي قائمةٌ بذاتها في الذهن ولذلك هي تُـتصوّر بنحو الإستقلال ، ولذلك فأنت يمكن لك أن تـتصوّر صورة زيد في الذهن ، ويمكن أن تـتصوّر معنى الحبّ والجمال في الذهن حتى قبل الإستعمال ، لكنك لا يمكن لك أن تَـتصوّر النسبةَ الربطيّة الظرفيّة من دون تصوّر الطرفين كـ (زيد) و (البـيت) في جملة (زيد في البـيت) إلاّ في موطن الإستعمال ـ أي عند إرادة الإستعمال أو عند سماع الجملة ـ ، ولذلك فأنت إذا قلتَ لشخصٍ : (زيدٌ نائمٌ) فأنت تنظر إلى (زَيد) وإلى (نائم) وكذا السامع ينظر إليهما ، وأمّا نسبة النوم إلى زيد فأنت تغفل عنها ، ولذلك تلاحظ النحاةَ يعربونهما بأنّ زيداً مبتدأ ونائم خبر ولكنهم لا يقولون ( والنسبة بينهما ـ التي هي مفاد هيأة الجملة الخبريّة ـ هي نسبة حرفية ربطيّة خبريّة) ، وإنما يغفلون عنها ، بل لا يلتفت إليها إلاّ المتخصّصون .

الوَضْع

لا شكّ في أنّ الواضع يلاحِظ ـ عند إرادة وضْعِ لفظٍ لمعنى ـ المعنى أوّلاً ثم يضع له لفظاً ، إذن فيكون المدلول الوضعي هو المدلول اللفظي ـ لا المدلول التصديقي ـ أي مع غضّ النظر عن حال المتكلّم .

لكن هل يحصل الوضْعُ بمجرّد أن يقول الواضعُ : (وضعتُ اللفظةَ الفلانيّة للمعنى الفلاني)؟ قطعاً لا ، وذلك لأنّ مِن علامات الوضع هو التبادر ، أي من علامات الكشف عن الوضع هو تبادر الناس من اللفظ إلى المعنى من دون قرائن خارجيّة ، ولا يحصل التبادر بمجرّد أن يقول الواضعُ وضعتُ اللفظةَ الفلانيّة للمعنى الفلاني ، وإنما يحتاج الوضعُ البدْويّ إلى حصول قرن شديد بين اللفظ والمعنى بحيث يتبادر المعنى بمجرّد سماع اللفظ . بل قد يحصل هذا القرن الشديد بين اللفظ ومعناه بكثرة الإستعمال ، لا بوضع شخص معيّن . المهم أن يحصل قرنٌ أكيد بين اللفظ والمعنى ، بذلك يحصل الوضعُ . إذن القرنُ الأكيد هو عِلّة الوضْعِ . وعليه يكون القرن الأكيد هو المرحلة الأولى في عمليّة الوضع ، ولم نحسب الوضعَ الإبتدائي ، وذلك لعدم حصوله أحياناً ، وفي المرحلة الثانية يحصل الوضْعُ بلا فاصل زماني، وذلك لعدم الفاصل الزماني بين العلّة ومعلولها ، ثم إذا حصل الإستعمالُ ودَعْنا نُعَبِّرُ عنها بـ المرحلة الثالثة يحصل في المرحلة الرابعة تبادُرٌ من اللفظ إلى معناه الموضوع له ، ثم في المرحلة الخامسة إذا كان ظاهر حال المتكلّم أنه متوجّه إلى كلامه فإننا نفهم المرادَ الإستعمالي، ثم إذا كان ظاهر حال المتكلّم أنه جادٌّ في كلامه فإننا نفهم من الكلام والمتكلّم المرادَ الجِدّي للمتكلِّم وهي المرحلة السادسة ، فإذا فَهِمْنا المرادَ الجدّي للمتكلّم فإنّ الحجيّة تنصبّ على هذا المعنى الجدّي ، وهي المرحلة السابعة . ولك أن تسمّي هذه بمراحل الوضْع والإستعمال والدلالات والحجيّة .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo