< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الأصول

37/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : كلام الشيخ الطوسي في التعارض

وإذا كان أحد الراويين أعلمَ وأفقه وأضبط من الآخَر ، فينبغي أن يقدم خبره على خبر الآخر ويرجح عليه ، ولأجل ذلك قدمت الطائفة ما يرويه زرارة ومحمد بن مسلم وبريد وأبو بصير والفضيل بن يسار ونظراؤهم من الحفاظ الضابطين على رواية من ليس له تلك الحال . (يظهر أنه يريد بكلّ هذا أن يَصِلَ إلى الواقع بكلّ جهده) .

ومتى كان أحد الراويين متيقظاً في روايته والآخَرُ ممن يلحقه غفلة ونسيان في بعض الأوقات، فينبغي أن يرجح خبر الضابط المتيقظ على خبر صاحبه ، لأنه لا يؤمن أن يكون قَدْ سَها أو دخل عليه شبهة أو غلط في روايته ـ وإن كان عدلاً لم يتعمد ذلك ـ وذلك لا ينافي العدالة على حال .

وإذا كان أحد الراويين يروي الخبر سماعاً وقراءة والآخر يرويه إجازة ، فينبغي أن يقدم رواية السامع على رواية المستجيز ، اللهم إلاّ أن يروي المستجيز بإجازته أصلاً معروفاً ، أو مصنفاً مشهوراً ، فيسقط حينئذ الترجيح .

وإذا كان أحد الراويين يذكر جميع ما يرويه ويقول إنه سمعه وهو ذاكر لسماعه ، والآخر يرويه من كتابه ، نظر في حال الراوي من كتابه ، فإن ذكر أنّ جميع ما في كتابه سماعُه فلا ترجيح لرواية غيره على روايته ، لأنه ذكر على الجملة أنه سمع جميع ما في دفتره وإنْ لم يذكر تفاصيلَه ، وإن لم يذكر انه سمع جميع ما في دفتره وإنْ وجده بخطه أو وجد سماعه عليه في حواشيه بغير خطه ، فلا يجوز له أولا أن يرويه ويرجح خبر غيره عليه .

وإذا كان أحد الراويين معروفاً والآخر مجهولاً ، قدم خبر المعروف على خبر المجهول ، لأنه لا يؤمن أن يكون المجهول على صفة لا يجوز معها قبول خبره .

وإذا كان أحد الراويين مصرحاً والآخر مدلساً ، فليس ذلك مما يرجح به خبره ، لان التدليس هو : أن يذكره باسم أو صفة غريبة أو ينسبه إلى قبيلة أو صناعة وهو بغير ذلك معروف فكل ذلك لا يوجب ترك خبره .

وإذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً ، نظر في حال المرسل ، فان كان ممن يعلم انه لا يرسل الا عن ثقة موثوق به فلا ترجح لخبر غيره على خبره ، ولاجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبى نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عمن يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم .

فأمّا إذا لم يكن كذلك ، ويكون ممن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة ، فإنه يقدم خبره غيره عليه، وإذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به .

فأمّا إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الذي ذكرناه ودليلنا على ذلك : الأدلة التي قدمناها على جواز العمل بأخبار الآحاد ، فان الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل ، فما يطعن في واحد منهما يطعن في الاخر ، وما أجاز أحدهما أجاز الاخر ، فلا فرق بينهما على حال .

وإذا كانت إحدى الروايتين أزيد من الرواية الأخرى ، كان العمل بالرواية الزائدة أولى ، لأن تلك الزيادة في حكم خبر آخر ينضاف إلى المزيد عليه . (إذن هو يرجّح بالأكثر عدداً) .

فإذا كان مع إحدى الروايتين عَمَلُ الطائفةِ بأجمعها فذلك خارج عن الترجيح ، بل هو دليل قاطع على صحته وإبطال الآخر . (إذن هو يرجّح بعمل الطائفة) .

فإن كان مع أحد الخبرين عمَلُ أكثرِ الطائفة ، ينبغي أن يرجَّحَ على الخبر الآخر الذي عمل به قليل منهم . (إذن هو يرجّح بعمل المشهور أيضاً) .

وإذا كان أحد المرسَلَين متناوِلاً للحظر والآخر متناوِلاً للإباحة ، فعلى مذهبنا الذي اخترناه في الوقف يقتضي التوقف فيهما ، لأنّ الحُكْمين جميعاً مستـفادان شرعاً وليس أحدهما أولى بالعمل من الآخر . (كان يتكلّم قبل هذه الكلمات مباشرةً عن حجيّة بعضِ المراسيل الحجّة ، فكلامُه هنا هو عن مراسيل ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر ونحوهم) .

وإن قلنا : إنه إذا لم يكن هناك ما يترجح به أحدُهما على الآخر كُنّا مخَيَّرين ، كان ذلك أيضا جائزاً كما قلناه في الخبرين المسندين سواء . (وهذا يعني الذهاب إلى التخيير مع عدم الترجيح) . (إنتهى كلام الشيخ الطوسي رحمه الله)[1] .


[1] العُدّة في اُصول الفقه، تحقيق محمد رضا الأنصاري القُمّي : ج1، ص155 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo