< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : ملاحظات عامّة حول الأقلّ والأكثر

( ملاحظات عامّة حول الأقلّ والأكثر )

فرغنا من المسائل الأساسية في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الإرتباطيين، وبقي علينا أن نذكر في ختام مسائل هذا الدوران ملاحظات عامة حول الأقل والأكثر :
1 ـ دور الإستصحاب في هذا الدوران :
قد يقال باستصحاب عدم وجوب الزائد المشكوك في المركّب، إمّا من قبل دخول وقت الفريضة، وإمّا من قبل تشريع وجوب المركّب، وإمّا من قبل البلوغ، وإمّا من قبل الإستطاعة بالنسبة إلى الحجّ ...
أقول : هذا غير صحيح، لفرض معلوميّة دخول وقت الفريضة وتماميّة تشريع الأحكام عند قوله تعالى( اليوم أكملت لكم دينكم ..) وبلوغ الشخص والإستطاعة . نعم لو شككنا في دخول وقت الفريضة لبنينا على عدم دخوله، وكذا لو شككنا في البلوغ أو الإستطاعة، لكن ليس كلامنا هنا، لفرض التسليم بحصول مقدّمات الوجوب، وإنما الشكّ في وجوب السورة أو القنوت أو الأذان ونحو ذلك .
ولذلك لاحظتنا هناك أننا استدللنا بالبراءة من الزائد المشكوك، لا بالإستصحاب .

2 ـ الدوران بين الجزئية والمانعية :
إذا تردد في ماهيّة شيءٍ بين كونه جزءً من الواجب أو مانعاً عنه فنتيجةُ ذلك حصولُ عِلمٍ إجمالي إمّا بكون المركّب مقيّداً بوجود ذلك الشيء وإمّا بكونه مقيّداً بعدمه، وهذا العلم الإجمالي منجزٌ قطعاً، وتتعارض أصالة البراءة عن الجزئية مع أصالة البراءة عن المانعية ـ فيما لو قلنا بجريان البراءة في هكذا حالات ـ فيجب على المكلفِ الإحتياطُ بتكرار العمل، مرةً مع الإتيان بذلك الشيء ومرةً مِن دونه . هذا فيما إذا كان في الوقت مُتَّسَعٌ، وإلا عمل عقلاً بالظنّ بملاك الإضطرار، وذلك بالإقتصار على الوجه المظنون .

3 ـ الأقل والأكثر في المحرمات :
كما قد يُعلم اِجمالاً بكون المركّب إمّا مركّباً من عشرة أجزاء وإمّا مركّباً من تسعة أجزاء،
كذلك قد يُعلم بحرمة شيء مردد بين الأقل والأكثر، كما إذا عُلِمَ بحرمة تصوير رأس الحيوان أو تصوير كامل جسده، فإننا إذا حرّمنا على الرسّام رسْمَ رأسِ الحيوان فقد ألغينا ـ إلى حدّ كبيرٍ ـ مهنتَه، لأنّ أهمّ شيء في الإنسان أو في الحيوان هو رأسه، وأمّا إذا حرّمنا عليه رسم تمام الجسد دون بعضه، فإنه ح له أن يرسم أكثر الجسد ـ كالرأس ـ دون الكلّ، وهذا يكفيه في إظهار ما يريده، فتبقى مهنتُه ولا يتضرّر، إذن الأقلّ هنا ـ وهو تحريم رسم الرأس ـ هو الأكثر مؤونةً، والأكثر ـ وهو تحريم رسم كامل الجسد ـ هو الأقلّ مؤونةً، ولذلك قالوا بأنه يختلف الدوران المذكور في باب الحرام عنه في باب الواجب من بعض الجهات :
فأولاً : وجوب الأكثر هناك كان هو الأشد مؤونة، واَمّا حرمة الأكثر هنا فهي الأخف مؤونة، إذ يكفي في امتثال الأكثر ترْكُ أيّ جزء، فحرمة الأكثر في باب الحرام تناظر إذن وجوب الأقل في باب الواجب .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo