< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : إذا تعارض أصلان عرضيّان هل يجري الأصل الطولي لعدم المعارض أم لا ؟
التنبيه الثاني : إختصاص الأصل المؤمّنِ ببعض الأطراف
قال السيد الشهيد في هذا التنبيه ما يلي : إنّه رتّب على القول بكون العلم الإجماليّ علَّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة ـ كما قال به بعضهم ـ أو كون تأثيره في ذلك بمجرد الإقتضاء ـ كما اخترناه ـ أنّه على الأوّل لا يجري الأصل في بعض أطراف العلم الإجماليّ وإنْ لم يكن معارض، وعلى الثاني يجري الأصل عند عدم المعارض، والمحقّق النائيني ذَكَرَ على ما في تقرير بحثه[1] أنّ هذه الثمرة مجرّد ثمرة فرضيّة، ولا تتّفق بحسب الخارج، ونحن عقدنا هذا التنبيه هنا لنذكر أوّلاً ما هو التحقيق في مسألة جريان الأصل في بعض الأطراف بلا معارض في الصور المختلفة التي يتصوّر فيها ذلك، ونتعرّض بعد ذلك لكلام المحقّق النائينيّ رحمه الله ومناقشته، فنقول :
إنّ اختصاص الأصل ببعض أطراف العلم الإجماليّ يكون في ثلاث صور :

الصورة الاُولى : فَرْضُ جريان الأصل المؤمّن في طرف دون الآخر
الصورة الثانية : حكومة الأصل المثبت في بعض الأطراف
الصورة الثالثة : وجود المؤمّن الطولي في بعض الأطراف
... هذا، ثم يقول السيد الشهيد في هذه الصورة الثالثة ما يلي : الجهة الثالثة : في تحقيق الحال في فرض عدم تسانخ الأصلين، لنرى أنّه هل يتساقط الأصل الطوليّ مع العرضيين، كما ذهب إليه السيّد الأستاذ أو لا ؟ والصحيح هو التساقط[2] حيث إنّه بعد فرض عدم الترخيص في المخالفة القطعية يقع التكاذب بين الأصل الطولي في هذا الطرف، والأصل العرْضي في الطرف الآخر، فلا محالة يتعارضان ويتساقطان، إذ ليس في المقام ما يسقط ذلك الأصل العرضي عن صلاحية المعارضة لهذا الأصل الطولي أيضاً عدا وجوه كلُّها مخدوشة :
الوجه الأوّل : إنّ هذا الأصل الطولي يكون في طول معارضة الأصلين العرْضيين وتساقطهما، إذ لولا تعارضهما وتساقطهما لما كانت تصل النوبة إلى هذا الأصل المحكوم، إذن فهذا الأصل يكون بعد فرض سقوط الأصلين العرضيين وفي الرتبة المتأخّرة عن ذلك، وعندئذ فكيف يعقل تعارضه مع أحدهما ؟ والشيء الساقط يستحيل أن يمنع عن شيء لا يتمّ مقتضيه ـ أي لا يوجد الأصل الطولي ـ إلاّ بعد فرض سقوط ذلك الشيء .
وبكلمةٍ أخرى : إنّ الأصل الطولي يكون في طول سقوط الأصل الحاكم، وسقوطُ الأصل الحاكم يكون في طول معارضة الأصلين العرْضيين، فالأصل الطولي يكون في طول معارضة الأصلين العرضيين، والأصل المفروض المعارضة ـ أي الأصل الثاني ـ لا يعارض أصلاً آخر ـ أي لا يعارض الأصل الطولي ـ لأنّ الأصل المفروض المعارضة ـ أي الثاني ـ بما هو مفروض المعارضة لا اقتضاء له ـ ليعارضَ الأصلَ الطولي ـ .
والجواب : إنّ قولكم : إنّ الأصل الطولي يكون في طول معارضة الأصلين وتساقطهما، أو في طول المعارضة فحسب، خلط بين الكلّ والجزء، ووضع للكلّ مكان الجزء، فإنّ المعارضة عبارة عن مصادمتين : مصادمة هذا لذاك، أي : مانعية مقتضية عن تأثير مقتضي ذاك، وبالعكس، والأصل الطولي في الطرف الأوّل إنّما هو في طول (عرْض ـ ظ) مانعية مقتضي الأصل العرضي في الطرف الثاني عن تأثير مقتضى الأصل الأوّل وسقوط الأصل الأوّل، لا في طول مجموع المانعيتين والتساقط الذي هو عبارة عن مجموع سقوطين .
وإذا كان الأمر كذلك، فمقتضي الأصل العرضي في الطرف الثاني يمنع عن تأثير مقتضي الأصل العرضي في الطرف الأوّل، وفي طول ذلك يتمّ مقتضي الأصل الطولي، ويقع التمانع في التأثير عندئذٍ بين هذا المقتضي الجديد في الطرف الأوّل، والمقتضي الثابت في الطرف الثاني الذي كان متمانعاً مع المقتضي الأوّل أيضاً في الطرف الأوّل .


[2] هذا القول هو المختار عندنا أيضاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo