< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : بقية الكلام في روايات البراءة
3 ـ ما رواه في التوحيد عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن (علي أو ولده الحسن بن علي)ابن فضال عن داود بن فرقد(ثقة ثقة له كتاب) عن أبي الحسن زكريا بن يحيى(الواسطي ثقة له كتاب) عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : ( ما حَجَبَ اللهُ عِلْمَهُ عن العِباد، فهو موضوعٌ عنهم )[1] ورواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى .. وهو صحيح السند في كلا الكتابَين، وهذه الرواية شاملة للشبهتين الحكمية والموضوعية، فإنّ الملائكة والأنبياء والكثير من الأولياء والأموات قيل وحتى الحيوانات يعرفون حقيقةَ الأشياء الخارجية، دون الإنسان الدنيوي العادي، فهذا إذن ممّا حجب اللهُ عِلْمَهُ عَنّا، فهو موضوع عنّا . وأمّا الشبهات الحكمية فأوضح شمولاً في الحديث، فإنّ الأئمّة (عليهم السلام) كانوا قادرين على إيصال ما يريدون من أحكام بمئات الروايات، وهم يعلمون أنّ بعض رواياتهم سوف تَتلف أو تُنسَى .. ورغم ذلك ما أوصلوا إلينا بعض الأحكام، كوجوب القنوت وجلسة الإستراحة وو .. ممّا يعني أنّ الله حجب علمه عن العباد في هذه الموارد، فهو إذن موضوع عنهم . والقدر المتيقّن من هؤلاء العباد هم (الجاهلُ القاصر الغير ملتفت إلى وجود تكليف شرعي في هذا المورد) و(المجتهدُ)، فإنّ المجتهد جاهل بالحكم الواقعي، لكنه قد يكون ملتفتاً إلى جهله .
فإن قلتَ : هذا الحديث ناظرٌ إلى خصوص الشبهات الوجوبية ـ دون التحريمية ـ وذلك بدليل الإنصراف من كلمة ( موضوعٌ عنهم ) إلى خصوص الوجوبات المشكوكة، تقول لتلميذك "وَضَعْتُ عنك التكليفَ الفلاني والفَرْضَ الفلاني" تريد مِن هذا أنك وضعت عنه الوجوبات الفلانيةَ .
قلتُ : لا، بل يصحّ أن تقول أيضاً : "وَضَعْتُ عنك كلّ التكاليف التي وَضَعْتُها عليك أمس"، وتقصد بذلك كلّ التكاليف الإلزامية، أي الوجوبات والتحريمات، فهذا الحديث يصحّ أن يكون شاملاً لكلتا الشبهتين الوجوبية والتحريمية بوضوح .

4 ـ وفي الكافي عن محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن حمزة(بن محمد)بن الطيار(الكوفي ثقة عندي) عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : (إنّ الله احتجَّ على الناس بما آتاهم وعَرَّفَهُم )[2] مصحّحة السند، ومفهومها أنه لا يحتجّ عليهم ولا يحاسبهم بما لم يؤتهم ولم يعرّفهم ..
ثم ذكرها في نفس كتاب الكافي في الصفحة الثانية عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن علي بن الحكم(ثقة جليل القدر) عن أبان(بن عثمان الأحمر ثقة) عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال :( اُكْتُبْ )، فأملَى علَيَّ : ( إنّ مِنْ قولنا إنَّ اللهَ يَحْتَجُّ على العبادِ بما آتاهم وعَرَّفَهُم، ثم أرسل إليهم رسولاً، واَنْزَلَ عليهم الكتابَ فأمَرَ فيه ونهَى، أمَرَ فيه بالصلاة والصيام، فنام رسولُ اللهِ (ص)عن الصلاة، فقال "أنا اُنِيْمُك وأنا اُوقِظُك، فإذا قمتَ فصَلِّ ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون (إذا نام عنها هلك) وكذلك الصيام، أنا اُمَرِّضُك وأنا اُصِحُّك، فإذا شَفَيتُك فاقْضِه" )، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ( وكذلك إذا نظرتَ في جميع الأشياء لم تَجِدْ أحداً في ضيق، ولم تجد أحداً إلا ولله عليه الحجةُ، ولله فيه المشيئةُ، ولا أقول "إنهم ما شاؤوا صنعوا")، ثم قال (عليه السلام): (إنّ الله يهدي ويُضِلّ )، وقال : ( وما اُمِروا إلا بدون سَعَتِهم، وكلُّ شيءٍ اُمِرَ الناسُ به فهم يسَعُون له، وكل شيء لا يسَعون له فهو موضوع عنهم، ولكنَّ الناسَ لا خيرَ فيهم )، ثم تلا (عليه السلام)( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ ) فوضع عنهم ( .. مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ، وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (91) وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ .. )[3] قال : ( فوُضِعَ عنهم لأنهم لا يجدون )[4] .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo