< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الكلامُ في حجيّة إخبار الثقة في الموضوعات

لا يزال الكلام في حجيّة خبر الثقة في الموضوعات، ووصلنا في الحديث إلى الروايات التالية :
4 ـ وروى في الكافي عن عدة من أصحابنا(فيهم الثقات كـ عليّ بن ابراهيم) عن أحمد بن محمد(مردّد بين ابن خالد وابن عيسى وكلاهما ثقتان) عن الحسن بن علي بن يقطين(ثقة فقيه) عن أخيه الحسين(ثقة) عن علي بن يقطين(ثقة جليل القدر) قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عمَّنْ يَلِي صدقةَ العُشْر، على مَن لا بأس به ؟ فقال : ( إن كان ثقة فمُرْهُ أن يضعها في مواضعها، وإن لم يكن ثقة فخذها أنت وضعها في مواضعها )[1] صحيحة السند، وذلك بتقريب الملازمة بين الوثاقة والأمانة، أو لوحدة معنييهما في هكذا مورد .
أقول : يحصل عادةً وثوقٌ واطمئنان بأنّ هذا الصادق لن يسرق مال الزكاة، وإنما سيضعها في مواضعها، على أنّ إعطاء الزكاة لثقة ليضعها في موضعها الشرعي أمْرٌ مقبولٌ عقلائياً، ومثلُها ما بَعدَها .
5 ـ وأيضاً في الكافي عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزين(مجهول) عن شهاب بن عبد ربه(ثقة) ـ في حديث ـ قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إني إذا وجبت زكاتي أخرجتها فأدفع منها إلى مَن أثق به يقسمها ؟ قال : ( نعم، لا بأس بذلك، أما إنّه أحد المعطِين )[2]، قد تصحّح من باب أنّ راويها أحد أصحاب الإجماع وهو ابن محبوب .

* وقد يُستدَلّ بروايات وَرَدَت في مورد ذي اليد من قبيل :
6 ـ ما رواه في التهذيبين بإسناده عن علي بن إسماعيل عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يشتري الأمة من رجل فيقول إني لم أطأها ؟ فقال : ( إنْ وَثِقَ به فلا بأس أن يأتيها )[3] صحيحة السند، ورواها الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله .
7 ـ وأيضاً في التهذيبين بإسناده عن علي بن اسماعيل(بن عيسى) عن حماد(بن عيسى) عن عبد الله بن المغيرة عن (عبد الله)ابن سنان قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يشتري الجارية ولم تحض ؟ قال : ( يعتزلها شهراً إن كانت قد مُسَّتْ (يَئِسَتْ ـ خ) ) قلت : أفرأيت إن ابتاعها وهي طاهر وزعم صاحبها اَنّه لم يطأها منذ طهرت ؟ فقال : (إن كان عندك أميناً فمسها ) وقال : ( اِنّ ذا الأمر شديد، فإنْ كنت لا بد فاعلاً فتَحَفَّظْ، لا تُنْزِلْ عليها)[4] صحيحة السند، ورواها الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان مثله .
8 ـ وأيضاً في التهذيبين بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب(بن يعقوب العقرقوفي) عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يشترى الجارية وهي طاهر ويزعم صاحبها أنه لم يمسها منذ حاضت ؟ فقال : ( اِنِ ائتمنته فمسها )[5] صحيحة السند .
ويصعب الإستدلال بهذه الطائفة من الروايات، وذلك للزوم الأخذ بقول ذي اليد، على أنّ الإستصحاب يقتضي عدم مسّها، فلا دخل لهذه الروايات بحجيّة خبر الثقة مطلقاً .
9 ـ وما رواه في التهذيبين بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حماد(بن عيسى) عن أبي عبد الله (عليه السلام)في رجل طلق امرأته ثلاثاً فبانت مِنه، فأراد مراجعتَها، فقال لها : إني أريد مراجعتك فتزوجي زوجاً غيري، فقالت له : قد تزوجْتُ زوجاً غيرَك وحَلَّلْتُ لك نفسي، أيُصدّق قولها ويراجعها ؟ وكيف يصنع ؟ قال : ( إذا كانت المرأة ثقةً صُدِّقَتْ في قولها )[6] صحيحة السند .
أقول : لكنّ المرأةَ أخبَرُ بنفسها، ولا طريق لمعرفة دخول الزوج الثاني بها إلاّ مِن قولها أو من قوله، خاصةً إن اشترطنا الإنزال ـ على قول ضعيف ـ، فلا تدلّ هذه الصحيحة على حجيّة خبر الثقة في الموضوعات .
10 ـ ما رواه في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال : سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها فحدثه رجلٌ ثقة أو غير ثقة فقال "إنّ هذه امرأتي وليست لي بينة" ؟! فقال : ( إن كان ثقةً فلا يقرَبْها، وإن كان غيرَ ثقةٍ فلا يقبل منه )، وهي مُضْمرة السند، وإن كان يُطمأنّ أو على الأقلّ يُظَنّ قوياً بأنه روى هذه الروايةَ عن أحد المعصومين (عليهم السلام)، إذ أنّ أكثر رواياته عن الأئمّة، ويَبْعُدُ جداً أن تكون عن شخص غير معصوم والرواةُ لا ينبّهونا على ذلك، فإنّ هذا من أعظم الغشّ في دين الله، وهم بعيدون عن ذلك .
ويرد على الإستدلال بها خطورةُ مقاربتها والمخبرُ بأنها زوجتُه ثقةٌ، وهو أمْرٌ يرفضه كلّ العقلاء، وأمّا إن كان غيرَ ثقةٍ فالأصلُ عدم حصول العلقة الزوجية بينهما، على أنه غير ثقة أصلاً، فالروايةُ إذن لا تدلّ على حجيّة خبر الثقة مطلقاً .
وقد رأيتَ من خلال كلّ الروايات عدمَ دَلالتها على حجيّة خبر الثقة الواحد في الموضوعات إلاّ صحيحة أحمد بن إسحق، وهي كافية شرعاً لكون سندها من الصحيح الأعلائي بل لا نشكّ في صدورها وفي صحّة متنها .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo