< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/12/28

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الطائفة الثانية من الروايات التي تقول بعدم حجية خبر الواحد
وأمّا الطائفة الثانية : فكلّها أو جلّها تعتبر المقياسَ لقبول الأخبار هو موافقة كتابِ الله تعالى، وأهمُّها الرواياتُ التالية :
ـ ما رواه في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى(بن عمران) الحلبي(ثقة صحيح الحديث له كتاب) عن أيوب بن الحر(ثقة له أصل) قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ( كل شيء مردودٌ إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتابَ الله فهو زخرُف ) صحيحة السند .
ـ وأيضاً في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن رجل عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : ( إذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدَين من كتاب الله فخذوا به، وإلا فقِفُوا عنده ثم رُدُّوه إلينا حتى يَسْتَبِين لكم )[1] وهي مرسلة السند، إلاّ أن تقول بأنّ روايات أصحاب الإجماع ـ ومنهم ابن بكير ـ هي صحيحة المتن .
ـ وفي الكافي أيضاً عن عليّ بن ابراهيم عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (ص) : ( إن على كل حق حقيقةً، وعلى كل صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخُذُوْه، وما خالف كتابَ اللهِ فدَعُوْه )[2] موثّقة السند، ورواها البرقي في المحاسن عن النوفلي، ورواها الصدوق في الأمالي عن أحمد بن علي بن إبراهيم عن أبيه مثله .
ـ وأيضاً في الكافي عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد(بن عيسى) عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان(ثقة ناووسي) عن عبد الله بن أبي يعفور(ثقة ثقة جليل في أصحابنا) قال : وحدثني الحسين بن أبي العلا أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اختلاف الحديث يرويه مَن نَثِقُ به، ومنهم من لا نثق به ؟
قال : ( إذا وَرَدَ عليكم حديثٌ فوَجَدْتُمْ له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله (ص) ، وإلا فالذي جاءكم به اَوْلَى به ) موثّقة السند، ورواها البرقي في المحاسن عن علي بن الحكم مثله .
ـ وأيضاً في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن علي بنُ عقبة(ثقة ثقة، يروي عنه كتابه الحسنُ بن علي بن فضّال) عن أيوب بن راشد(قد يوثّق لرواية صفوان عنه بسند صحيح) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف ) صحيحة السند .
ـ وأيضاً في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى(بن عمران بن علي) الحلبي عن أيوب بن الحر(ثقة له أصل) قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ( كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف ) صحيحة السند .
هذه هي عمدة الأخبار التي يُدّعَى فيها النهيُ عن العمل بخبر الثقة، وهي ـ كما رأيت ـ لا تضرّنا فيما ندّعى، ولا تنفع الخصم، وذلك ـ إضافةً إلى بعض الردود الستّة وهي الردّ الثاني والرابع والخامس والسادس ـ لأكثر من سبب :
1 ـ منها : أنّ التخصيصَ ونحوه لا يخالف كتابَ الله ـ في قول الإمام (عليه السلام) ( وما خالف كتابَ اللهِ فدَعُوه ) وفي قوله ( وكل حديث لا يوافق كتابَ الله فهو زخرف ) ـ ولذلك لا تُعَدّ الرواياتُ المخصّصة ونحوُها ـ بنظر العرف ـ أنها زخرف .
2 ـ ومنها : أنّ القرآن الكريم لم يتعرّض لجزئيّات الشريعة كعدد الركوعات والسجدات في الصلاة وو .. فنأخذ بالروايات المفصّلة لنتعرّف على جزئيات الشريعة التي لم يكن القرآن الكريم بصددها، وهذه ليست مخالفة لكتاب الله، لأنّ القرآن الكريم هو كتاب مواعظ، وكتابٌ يعطي كليّات الشريعة الإسلامية، ويقدّم للإنسان القضايا والاُمور المهمّة فقط، ولا يقدّم أحكام الشكوك في الصلاة مثلاً !! لأنّ هذا لا يناسب شأنه . وكذا يفعل كلّ خطباء الجمعة، فإنهم يحذون حذو القرآن الكريم في ذلك، ولا يتدخلون في جزئيّات ليست خطبةُ الجمعة محلّها .
3 ـ إنّنا نعلم بصدور الكثير من الروايات من المعصومين (عليهم السلام) ولا يوجد مضمونُها في القرآن الكريم، فهل نقول ( كُلُّ حديثٍ لا يوافق كتابَ الله ـ بمعنى أنه لا يوجد مضمونُه في القرآن الكريم ـ فهو زخرف ) ؟!
إذن، لا بدّ من التأويل، وذلك بأن نقول مثلاً بأنه ليس المرادُ من ( كُلُّ حديثٍ لا يوافق كتابَ الله ) إلاّ الموافقةَ في الجوّ العامّ لآيات كتاب الله الكريم، أو أنّ نظر هذه الأحاديثِ إلى فرْضِ التعارض، أو أن لا يخالف الحديثُ كتابَ الله مخالفةً مستقرّة، وأمّا إذا كان يخالف القرآنَ الكريمَ مخالفةً غيرَ مستقرّةٍ ـ كما في التخصيص والتقييد وتقديمِ الأظهر والحكومة ـ فلا بأس به، وهو ممّا يوافق كتاب الله، وح لا يكون زخرفاً .
وأرجحُ المعاني والتصوّرات ـ من خلال التقسيم الثنائي لشرط الأخذ بكتاب الله في موثّقة السكوني السابقة ( فما وافق كتاب الله فخُذُوْه، وما خالف كتابَ اللهِ فدَعُوْه ) ـ أنّ المراد من ( ما وافقه) أي من حيث العمومات الفوقانية، و( ما خالفه) أي من حيث العمومات الفوقانية أيضاً . دليلُنا على ذلك عدمُ ذِكْرِ (ما لا يوافق وما لا يخالف كتاب الله) والذي هو الأعمّ الأغلب من الروايات، أي الروايات التي لم يَتعرّض القرآنُ الكريم لها من قريب ولا من بعيد، لِمَ لَمْ تُذكَرْ في الروايات ؟ إذن يجب القول بأنّ المراد هو ما وافق العمومات الفوقانية وما خالف العمومات الفوقانية، أي المخالفة الواضحة، ولا يحتمل غير هذا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo