< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/12/05

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: بقية كلام الشيخ الطوسي في حجيّة خبر الواحد
... ثم قال في ص 150 : ( وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفة والناووسية وغيرهم نُظِرَ فيما يرويه :
فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم، وجب العمل به .
وإن كان هناك خبر آخر يخالفه من طريق الموثوقين، وجب اطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة .
وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه، وجب أيضاً العمل به إذا كان متحرِّجاً في روايته موثوقاً في أمانته، وإن كان مخطئاً في أصل الإعتقاد[1].
ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره، وأخبارِ الواقفة مثل سماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن عيسى، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال وبنو سماعة والطاطريون وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه .
وأما ما ترويه الغلاة والمتهمون والمضَعَّفُون وغير هؤلاء، فما يختص الغلاة بروايته، فإن كانوا ممن عرف لهم حال استقامة وحال غلو، عمل بما رووه في حال الإستقامة وترك ما رووه في حال خطاءهم، ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب محمد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي عذافر وغير هؤلاء .
فأما ما يرويه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على كل حال .
وكذلك القول فيما ترويه المتَّهَمون والمضَعَّفون .
وإن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدل على صحتها وجب العمل به .
وإن لم يكن هناك ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقفُ في أخبارهم، ولأجل ذلك توقف المشايخ عن أخبار كثيرة هذه صورتها ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه من التصنيفات .
فأمّا من كان مخطئاً في بعض الأفعال، أو فاسقاً بأفعال الجوارح، وكان ثقة في روايته متحرزاً فيها، فإن ذلك لا يوجب رد خبره، ويجوز العمل به لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، وإنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم) (إنتهى) .
فهنا نقول ـ بعدما قرأتَ وعرفتَ من كلام الشيخ الطوسي ـ :
أوّلاً : يبعد الإيمان بأنّ السيد المرتضى يقول بعدم حجيّة خبر الثقة، فضلاً عن اعتقاده الإجماعَ على ذلك، وذلك لجزْمِ الشيخِ الطوسي بإجماع الطائفة على حجيّة خبر الثقة، وهما في زمان واحد ومكان واحد، فإنّ الشيخ الطوسي قد درس مع السيد المرتضى عند الشيخ المفيد، ثم بعد وفاة الشيخ المفيد درس الشيخُ الطوسي عند السيد المرتضى، إذن معارف كلّ واحد منهما من العلماء هي نفس معارف الثاني، كما ونستبعد التسامح منهما أو من أحدهما، وهما العالمان الجليلان، على أنّ مسألة حجيّة خبر الثقة مسألة محل ابتلاء يومي عند الفقهاء، والشيخ الطوسي كان زميلاً للسيد المرتضى في الدرس كما قلنا ثم تلميذاً له، فاللازم أن يعرف رأي السيد المرتضى في هكذا مسألة مهمّة وإبتلائيّة .
وأغلبُ الظنّ أنّ نظر السيد المرتضى إنما هو إلى أخبار الآحاد عند العامّة، كما تعرف ذلك من كلام الشيخ الطوسي السابق، لاحِظْ قولَه السابق :
فإن قيل : أليس شيوخُكم لا يزالون يناظرون خصومَهم في أن خبر الواحد لا يُعمل به، ويدفعونهم عن صحة ذلك، حتى أن منهم من يقول : (لا يجوز ذلك عقلاً)، ومنهم من يقول : (لا يجوز ذلك لأن السمع لم يرد به)، وما رأينا أحداً منهم تكلم في جواز ذلك، ولا صنف فيه كتاباً ولا أملَى فيه مسألة، فكيف تدَّعون أنتم خلافَ ذلك ؟
قيل له : مَن أشرتَ إليهم مِنَ المنكِرين لأخبار الآحاد إنما كلّموا مَن خالفهم في الإعتقاد ودفعوهم عن وجوب العمل بما يروونه من الأخبار المتضمّنة للأحكام التي يروون هم خلافها، وذلك صحيح على ما قدمنا، ولم نجدهم اختلفوا فيما بينهم ..) (إنتهى) .
والظاهر : أنّ مقصوده من قوله (شيوخكم) الذي يقول بعدم حجّية خبر الواحد هو السيد المرتضى.


[1] وهذا تصريح منه بحجيّة قول مطلق الثقة إذا لم نجد ما يخالفه عند الطائفة المحقّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo