< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: [ في حجيّة الإجماع ]
كان الكلام حول حجيّة الأمارات الظنيّة، فتعرّضنا إلى مصاديق الأمارات الظنيّة، فبحثنا أوّلاً عن حجيّة الظنّ وعدمها، ثم تعرّضنا إلى حجيّة السيرة، ثم إلى حجيّة الظهور، والآن نتعرّض إلى حجيّة الإجماع، والسؤال هنا هو : هل يكشف الإجماع المحصّل عن الحكم الشرعي أم لا ؟ ثم سنتعرّض للسؤال التالي : هل الإجماع المنقول حجّة أم لا، ثم نتعرّض إلى الإجماع المركّب، فنقول :
* هل الإجماع المحصّل يكشف عن الحكم الشرعي أم لا ؟ أو قُلْ : هل هو حجّة شرعاً أم لا ؟
الجواب : أمّا على مستوى العقل فقد قيل بوجوب تلطّف الباري تعالى بعباده، بناءً على قاعدة اللطف العقلية، فكما يجب على الرحمن الرحيم أن يرسل الرسل لهداية عباده، يجب عليه جلّ وعلا أن يجنّبهم الإجماع على الضلالة في الأحكام الشرعية الفرعية، وعليه يجب على الإمام المهدي عليه صلوات الله أن يَدخل بين المجمعين على الضلالة لينقذهم من أن يتّفقوا على الخطأ .
أقول : لا شكّ في كون الباري تعالى لطيف بعباده، ويجب عليه إرسال الرسل عقلاً كي لا يضلّ خلقه عن الحقّ، لكن هذا في الاُمور الخطيرة، كما في وجوب الصلاة والصيام والحجّ .. وكما في حرمة شرب الخمر وقطع الرحم .. أمّا في الاُمور الغير خطيرة فلا يجب أن يعرّفنا الله تعالي الحقّ، لا عقلاً ولا عرفاً، على أننا نعلم أنّ المعصومين (عليهم السلام )قد بلّغوا جميع الأحكام المهمّة بلا استثناء، حتى ورد في المسواك ـ الذي هو غير واجب ـ أكثر من مئة رواية !! فما بالك فيما هو أقلّ أهميّة ومصلحةً ومفسدةً من المسواك ؟!! فما قد ظهر من أئمّتنا هو فوق اللطف بكثير، ولا دليل على أكثر من ذلك .
على أنه ما الفائدة لو اَوْقَعَ الباري تعالى الخلافَ بين الاُمّة، ومع ذلك قال غالبُ فقهائنا إلى يوم القيامة بما هو خلاف الواقع ؟! أي هل يكفي اللطف بالقليل من العباد ولا يجب اللطفُ بالنسبة إلى أكثر المؤمنين ؟!
ثم لو اتّفق كلّ علمائنا على رأيين فقط، وتبيّن لأحدنا خطأُ الرأي الأوّل مثلاً، فهل يجوز لنا أن نغمض أعيننا ونأخذ بالرأي الآخر من دون التحقّق منه ؟! قطعاً لا، وهذا من الاُمور المتسالم عليها .
المهمّ هو أنه لا وضوح عقلاً على أنّ إجماع الطائفة يكون كاشفاً عن الحكم الشرعي، خاصةً إذا كان الإجماع مدركيّاً، كما هو الحال غالباً جداً . فإنّ قاعدة اللطف العقلية تُثبت وجوبَ أن يتلطّف الخالق عزّ وجلّ بعباده، ويهديهم النجدين، ويهيّئ لهم أسباب الحياة الكريمة، ولا يَثبت عقلاً وجوب أن يبيّن المولى تعالى الأحكام الواقعية لعباده أو أن لا يدعهم يجمعون على خطأ إن لم يكن الحكم الشرعي بتلك الخطورة المهمّة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo