< قائمة الدروس

بحث الأصول

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/05/29

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: بقية الحديث مع الأخباريين
... نعم، هناك ثلاثُ ملاحظات وهي :
أوّلاً : صحيح أننا نقول بأنّ ظهور القرآن الكريم حجّة، لكن هو حجّة لخصوص الخبراء باللغة العربية ـ كعلماء الدين العرب اليوم ـ وليس حجّة للأجانب الذين تعلّموا اللغة العربية ولم يحيطوا بكلّ دقائقها كالمستشرقين ونحوهم ممّن لا يعرفون الفروقات الدقيقة بين الأحرف والكلمات المتقاربة المعاني والتي يظنّ الأعجمي أنها مترادفة .
ثانياً : إن أردتَ التعرّفَ على بواطن القرآن الكريم فعليك حتماً أن تنظر في الروايات، فلعلّك لم تفهم الفهم الباطني الصحيح، وهذا ما يعرفه المفسّرون، فَهُمْ (عليهم السلام) أفْهَمُ بما نزل من ساحة العليّ الأعلى وأعلم بمرادات المولى الواقعية، فللقرآن الكريم بطنٌ، ولبطنه بطنٌ، ولبطنه بطنٌ إلى سبعة أبطن، بل في رواية إلى سبعين بطناً !
ثالثاً : نحن نعترف أنّ المعصومينi أعلم منّا بتفسير القرآن الكريم بأكثر من ألف ألف مرّة، فهم يعرفون فيها نكات نحن لا نعرفها ولا نلتفت إليها، أو قد نحتملها ولكن لا نتجرّأ على إبدائها خوفاً من التوهّم والخطأ، ويكفي أن نقول بقوله تعالى[ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ ] ([1])، لكن لاحِظْ ماذا قال ربّنا، قال[ تَأْوِيلَهُ ] والمعروف في التفاسير أن معنى التأويل هو المعنى الباطني، المهم هو أنه لم يتبيّن لنا النهي عن الأخذ بحجيّة ظاهره، وقالتعالى[ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ ]([2])، وأيضاً لاحِظْ هنا، فإنّ الله تعالى لم يقل بأنّ آيات الله البيّنات هي في صدور خصوص المعصومين عليهم الصلاة والسلام، فإنّ هذا يُبطِلُ القرآنَ الكريم عملياً، لعدم الجدوى منه إن لم يوجد لبعض آياته تفسير من ساحة العصمة والطهارة . المهم هو أنه يجب علينا أن نتمسّك بعموم[ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ] الذين هم المفسّرون الخبراء المؤمنون الصالحون ..
ومع ذلك الأفضل جداً أن يقرأ المؤمِنُ القرآنَ الكريم في كتابٍ فيه تفسيرٌ مختصر لعالِم خبير بالتفسير، ولكن لا ينبغي أن نشيع بين الناس أننا لا نفهم كتاب الله تعالى أصلاّ فيكون ذريعةً لهم في ترك قراءته وحفظه، خاصةً في هذه الأيام التي يندر فيها قراءة القرآن الكريم إلاّ في المناسبات فقط كشهر رمضان وعلى الجنائز، وحينها سيتعذّرون بعدم الفائدة من قراءته وعدم الإستفادة منه، لا، وإنما ينبغي قراءتُه لكلّ الناس ـ حتى الأعاجم ـ فيستفيد منه كلّ إنسان بمقدار فهمه وعلمه . نعم علينا أن نحثّهم على التدبّر فيه، ونيْلِ أقصى ما يمكن لنا من بحره العميق .


الكلام في ادّعاء الأخباريين عدمَ حجيّةِ ظهورات القرآن الكريم :
إدّعى الأخباريون أنّ ظهورات القرآن الكريم غير حجّة "لاختصاص فهمه بأهله ومن خوطب به، ولأنه لأجل احتوائه على مضامين شامخة ومطالب غامضة عالية لا يكاد تصل إليها أفكار اُولي الأنظار غير الراسخين، العالمين بتأويله، كيف، ولا يكاد يصل إلى فهم كلمات الأوائل إلاّ الأوحدي من الأفاضل، فما ظنّك بكلامه تعالى مع اشتماله على علم ما كان وما يكون وحكم كلّ شيء، أو بدعوى شمول المتشابه الممنوع عن اتّباعه للظاهر، لا أقلّ من احتمال شموله له، لتشابه المتشابه وإجماله، أو بدعوى أنه وإن لم يكن منه ذاتاً إلاّ أنه صار منه عرضاً، للعلم الإجمالي بطروء التخصيص والتقييد والتجوّز في غير واحد من ظواهره كما هو ظاهر، أو بدعوى شمول الأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأي لحمل الكلام ـ الظاهر في معنى ـ على إرادة هذا المعنى" كما أفاد صاحب الكفاية في بيان كلامهم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo