< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

38/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : حُكْمُ القير هل هو الوضوء أم التيمُّم ؟

مسألة 11 : في الرمد يتعيَّنُ التيممُ لو فرضنا أنّ استعمال الماء ـ في مرض الرمدِ ـ يضرُّ العَينَ ، أمّا لو أمكن وضْعُ خِرْقة على العين والمسح عليها من دون ضرر ولا حرج فحينـئذٍ يجب الوضوء والمسحُ على الخرقة . لكنْ هذا مجرّدُ فرْض ، فقد قال أطبّاءُ العَين بأنّ الماء لا يضرّ العينَ المصابةَ بالرمَد .

لآية التيمّم للمريض السالفة الذكر .

مسألة 12 : محلُّ الفصد داخلٌ في الجروح ، فلو كان عليه جبـيرةٌ ولم يمكن تطهيره أو كان تطهيرُه مُضِرّاً فإنه يكفي المسحُ على الخرقة التي عليه إن لم تكن أزيدَ من المتعارف ، وإلا حَلَّها وغَسَلَ المقدارَ الزائد ثم شَدَّها ثم مسح على الجبـيرة ، كما أنه إن كان مكشوفاً فإنه يَغسل ما حوله . وإن كانت أطرافه نجسةً وأمكن تطهيرُها فإنّ عليه أن يُطَهِّرَها ، وإن لم يمكن تطهيرُها وكانت زائدة على القدر المتعارف جمع بين وضوء الجبـيرة والتيمم .

لأنه من أفراده ، وقد مرّت أدلّة كلّ هذه الفروع .

لاحتمال أن تكون وظيفته الوضوء تمسّكاً بآية الوضوء ، ويحتمل أن تكون وظيفته التيمّم ، بدليل نقصان الوضوء ، وأنّه في حالة عدم التمكّن من الغسل تكون وظيفته التيمم .

مسألة 13 : لا فرق في حكم الجبـيرة بين أن يكون الجرح أو نحوه حدث باختياره على وجه العصيان أم بغير اختياره.

لا وجه للتفصيل في المسألة ، لعدم ذِكْرِ تفصيل في الآية أو الروايات .

مسألة 14 : إذا كان شيءٌ لاصقاً ببعض مواضع الوضوء مع عدم جرح أو نحوه ولم يمكن إزالتُه ، أو كان فيها حرج ومشقة لا تتحمل مثل القير ونحوه فإنه يجرى عليه حكم الجبـيرة ، أي يتوضّأ .

قال السيد الخوئي (رضوان الله عليه) : ( الحاجبُ اللاصق اتفاقاً ـ كالقِير ونحوه ـ إن لم يمكن رفْعُه وجب التيمّم إن لم يكن الحاجب في مواضع التيمّم ، وإلا ـ فإن كان في مواضع التيمّم ـ جمع بين الوضوء والتيمّم )[1] ، واستدل على ذلك بعدم دلالة الروايات على الوضوء الجبـيري في هكذا حالة ، وبالتالي سيكون الوضوء ناقصاً ، ولا دليل على صحته ناقصاً ، والأصلُ عدمُ إجزاء الناقص عن التام ، فبطبـيعة الحال يُنـتـقل الى التيمّم لأنه البدل الإضطراري .

وقد استَبعَد في الجواهر الحكمَ بالتيمّم ، بل قطع بوجوب الغُسل أو الوضوء على من يوجد في يده مثلاً حاجبٌ لاصِقٌ ولاسيّما إذا بقي مدى عمره .

أقول : إنّ قطْع صاحبِ الجواهر في محلّه ، وذلك :

أولاً : لما ذكرناه من إطلاق الآيتين السابقتين ـ الآمرة بالوضوء ـ من وجود حاجب لاصق أو جبـيرة وغير ذلك من حالات الضرورة ، وهو كافٍ في الحكم بتعيّن الوضوء في الحالات الخارجة عن موارد التيمّم ، بمعنى أن المولى تعالى لم يَقُلْ : إذا قمتم إلى الصلاة ولم يوجد حاجب فتوضؤوا ، وإنما أطلق ، ممّا يعني أن الأصل الأوّلي المأمور به هو الوضوء في كل حالات الشك ، أي توضؤوا سواءً وُجد حاجب أو لا ، وسواء وُجد رمدٌ في العين يضرّ معه غسْـلُها ـ فيتوضّأ ولا يوصل إليها الماءَ ـ أو نحو ذلك .

ثانياً : لمعتبرة عبد الأعلى مولى آل سام السابقة ( رقم 1 ) التي تعلِّل الوضوءَ الجبـيري بآية الحرج ، فيُتمسّك بعموم التعليل لإيجاب خصوص الوضوء في أمثال وجود حاجب لاصق ونحو ذلك .

ثالـثاً : للأولوية ، فإنّ الأسئـلة توجَّهت الى أئمتـنا (عليهم السلام) في أصعب الحالات ، وهي وجود جبائر بسبب جروح أو قروح أو كسور مما يُتوقّع أن يجاب عن ذلك بالتيمّم ، ورغم ذلك أجابوا بالوضوء ، سواء وجدت جبـيرة أم جرح بغير جبـيرة ، فكيف إذا كان العضو سالماً ؟! ولعلّ جواب أئمتـنا (عليهم السلام) بالوضوء دائماً هو نـتيجة لما ورد في الرواية من كون التيمم هو نصف الوضوء ، وكونِه لا يُرجع اليه إلا في حال انعدام الماء أو وجود ضرر من التوضّي ونحو ذلك .

رابعاً : قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يُدرك كلّه لا يسقط كلّه التي نعتبرها مؤيّداً لا دليلاً (لما ذكرناه في شرحنا على الحلقة الثالثة ج3 ص 348) .

وأمّا استدلالُ سيدنا الخوئي (حشرنا الله معه) بنـقصان الوضوء وبالتالي الإنـتـقال إلى التيمّم ، فهو استحسان محض ، فهذا النقصانُ لا يضرّنا بَعد إطلاق الأمر بالوضوء ، وبَعد صِدْقِ الوضوء عرفاً في حالة الحاجب اللاصق ونحوه ، وبَعد عدم كون الحاجب اللاصق ونحوه من موارد التيمّم ، فيجب في هكذا حالةٍ الرجوعُ إلى إطلاق الأمر بالوضوء .

ولا سيّما أن التيمّم هو نصف الطهور على ما ورد في الروايات كالتي رواها في الكافي عن الحسين بن محمد (بن عامر الأشعري) عن معلّى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن حمّاد بن عثمان عن (عبد الله) بن أبـي يعفور قال : سألت أبا عبد الله (عليهم السلام) عن الرجل يجنب ، ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه ، أيتيمّم أو يتوضّأ ؟ قال : ( يتيمّم أفضل ، ألا ترى أنه إنما جُعل عليه نِصْفُ الطهور )[2] معتبرة السند ، ومعلّى بن محمد يروي عنه في الفقيه مباشرة فهو إذن من أصحاب الكتب التي إليها مرجع الشيعة وعليها معوّلهم .

ولعلّه لما ذكرنا خالف السيدُ الخميني وغيرُه السيدَ الخوئي ( رحمهم الله جميعاً ) فترى السيدَ الإمام يأخذ بأصالة الوضوء ، ويفتي به مهما أمكن كما في حالة وجود جسم لاصق ، وكما لو لم يوجد جرح ولا قَرح ولا كسر ، وإنما كان الماء يضرّ العضوَ أو يؤلمه ونحو ذلك ممّا ليس من موارد التيمم المذكورة في القرآن والسنّة ، فإنه يفتي بالوضوء ، وغَسلِ المناطق التي لا ضرر من غسلها ولا حرج ، سواء وُجد جبـيرة على العضو أو لم يوجد ، كما في الكسر المكشوف ورمد العينين ، وكما لو كانـت الجبـيرة مستوعبة لتمام العضو ، والسيد الإمام على حقّ فيما قال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo