< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/12/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : إذا أتَى بـبعض أفعال الوضوء ولكن شك في أنه أتمَّه على الوجه الصحيح أو عَدَلَ عنه

مسألة 49 : إذا تَيَقَّنَ أنه دخل في الوضوء وأتَى بـبعض أفعاله ولكن شك في أنه أتمَّه على الوجه الصحيح أو عَدَلَ عنه اختياراً أو اضطراراً ، فالظاهرُ عدمُ جريان قاعدة الفراغ ، وعليه فيجب إعادة الوضوء ، لأن مورد القاعدة هو ما إذا عَلِمَ من نفسه أنه كان بانياً على إتمام العمل وعازماً عليه إلا أنه شكَّ في إتيان الجزء الفلاني أو في صحّته ، وفي فرض المسألة هو شاكٌّ في أصل بقاء عزمه على إتمام الوضوء . وبعبارةٍ أخرى ، موردُ قاعدةِ الفراغ هو صورةُ احتمال عروض النسيان أو السهو لا احتمال العدول عن القصد 1 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ما ذُكِرَ في المتنِ كافٍ ووافٍ في بـيان الدليل ، فإنّ مورد قاعدة الفراغ هو تحقّق الفراغ ، وليس الشكّ في حصول الفراغ . كما لا يصحّ استصحابُ بقاءِ قصْدِ الوضوء ، لأنه أصلٌ مثْبِتٌ ، ذلك لأنك إنما تريد أن تـُثْبِتَ بالإستصحابِ بقاءَ القصدِ لتُـثْبِتَ أنك قد أكملت وضوءَك ! وهذا أثَرٌ إيجابي ، والإستصحابُ لا يثبتُ الآثارَ الإيجابـية التكوينيّة , وإنما يُثْبِتُ الآثارَ السلبـية التي تـُثْبِتُ آثاراً شرعيّة فقط . بـيانُ ذلك : الإستصحابُ يُفيدنا عدمَ طروء النجاسة على الثوب ، وبالتالي تـَثبت طهارتُه ، ولكنِ استصحابُ بقاء زيد تحت الحائط الذي وقع إلى جهته لنـُثْبِتَ وقوعَه على زيد الذي كان نائماً تحته ، فنـُثْبِتَ بالتالي موتَه ! وح نـُثْبِتُ الآثارَ الشرعية من اعتداد زوجته وتقسيم تركته ! فهذا أمْرٌ خطأٌ جداً ، لأنّ إثبات الآثار التكوينيّة ـ كوقوع الحائط على زيد وموتِه بهذا الوقوع ـ ليست من الأمور الشرعيّة التي يتدخّل فيها الشارع المقدّسُ ، بل يصعب الإيمانُ بأنّ للشارع المقدّس أن يتدخّل في هكذا أمور تكوينيّة ، بأنْ يتعبّدنا بوقوع الحائط على زيد ، لنـُثْبِتَ موتَ زيدٍ ! فهذا بالدقّة من قبـيل تعبّدِ الشارعِ المقدّس لنا بالبناء على كون التفاحة ليمونةً ، وكونِ الحائط بقلاوةً !! ولذلك تـنصرف أدلّةُ الإستصحاب عن هكذا فرض . المهم هو أنّ الإستصحابَ يَنفي ولا يُثْبِتُ ، أي يَنفي طروءَ طارئ وعروضَ عارض ، ولا يُثْبِتُ الآثارَ التكوينية . ولذلك لك أن تعبّر عن الإستصحاب بأصالة العدم .

مسألة 50 : إذا شك في وجود الحاجب وعدمه قبل الوضوء أو في الأثـناء وجب الفحص حتى يحصل الإطمئنانُ والوثوق بعدمه2 ، خاصةً إذا كان مسبوقاً بالوجود . وإن شك بعد الفراغ في أنه كان موجوداً أم لا بنى على عدمه ، وبالتالي يَـبنِي على صحّة وضوئه . وكذا إذا تيقن أنه كان موجوداً وشك في أنه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا . نعم في الحاجب الذي قد يصل الماء تحته وقد لا يصل إذا علم أنه لم يكن ملتـفتاً إليه حين الغسل ، ولكن شك في أنه وصل الماء تحته من باب الاتـفاق أم لا ، يشكل جريان قاعدة الفراغ فيه فلا يترك الاحتياط بالإعادة ، وكذا إذا علم بوجود الحاجب المعلوم أو المشكوك حجبه وشك في كونه موجوداً حال الوضوء أو طرأ بعده فإنه يـبني على الصحة ، إلا إذا علم أنه في حال الوضوء لم يكن ملتـفتاً إليه فإن الأحوط الإعادة حينـئذ 3 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2 ذكرنا دليلَ هذه المسألة سابقاً ، وقلنا إنه لا شكّ في لزوم تحقّق العِلْمِ بوصول الماء إلى البشرة ، وإلاّ فالأصل العدمي يقتضي عدم وصول الماء ، وهذا ما يعبّرون عنه بأصالة (الإشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني) وهو أصل عقلي واضح . فإذا عرفت هذا تعرفُ عدمَ صحّة ما قد يقال من أصالة عدم الحاجبـية أو عدم الحاجب ، فإنّ الواجب شرعاً تحصيلُ العلم بتحقّق الغسل الكامل للأعضاء الثلاثة . وأمّا أصالة عدم الحاجبـية أو عدم الحاجب فلا توصِل الماءَ إلى البشرة ، ولا تقتضي ـ شرعاً ـ وصولَ الماء إلى البشرة ، إلاّ إذا قلنا بالأصل المثبت ، وهو باطل بلا شكّ . وبـيانُ كونِ الأصل مثبتاً هنا هو أنّ استصحابَ عدم الحاجبـية يُـثْبِتُ عدمَ الحاجبـية تكويناً ، وبالتالي يـُثْبِتُ عدمُ الحاجبـيّة وصولَ الماءِ إلى البشرة !

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo