< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/07/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : تعدّد أسباب الوضوء

مسألة 31 : لا إشكال في إمكان اجتماع عدّة أسباب وغايات للوضوء ، كما إذا دخل وقتُ الفريضة ، وكان عليه قضاءٌ أيضاً ، وكان ناذراً لمسّ المصحف الشريف ، أو أراد قراءةَ القرآن ، كما لا شكّ أنك تعلم أنّ الوضوء يُنْـتِجُ الكونَ على الطهارة ، وعليه فيمكن للمتطهّر أن يصلّي الفرائضَ والنوافل أداء وقضاء ويقرأ القرآن ويمس المصحف الشريف ، كما لا إشكال في أنه إذا نوى غايةً واحدة أو نوى الجميع وتوضأ وضوءً واحداً لها كـفَى في استباحة جميع الغايات ، وذلك لأنّ المسْلِمَ حينما يتوضّأ لغاية معيّنة فهو إنما ينوي ـ بارتكازه ـ الكونَ على الطهارة . نعم ، ذكرنا في مسألة 28 أنه إذا نذر شخصٌ أن يتوضّأ ، فـفي هكذا حالة يجبُ عليه أن ينويَ ـ بوضوئه ـ امتـثالَ نذرِه ، وإلاّ لا يتحقّق امتـثالُ النذر ـ وإن تحقّقتِ الطهارةُ ـ وذلك لأنّ امتـثال أمْرِ المولى لا يتحقّق إلاّ بقصد امتـثاله ، ولذلك الأفضلُ أن ينويَ الشخصُ كلَّ الغايات ليتحقّق امتـثالُها كلِّها . ثم لا شكّ في أنّ تعدّدَ الأسبابِ والغاياتِ يوجِبُ تعدّدَ الأمْرِ بالوضوء ، فقد يؤمر الإنسانُ بالوضوء للصلاة ولقراءة القرآن وللنوم وللنذر وللكون على الطهارة فـتكون أوامر متعدّدة ، ولكن رغم فرْضِ القولِ بالتعدّد فإنه يكفي وضوءٌ واحدٌ لاستباحة كلّ الغايات وللكون على الطهارة ، ويظهر من بعض الروايات ـ من قبـيل (نور على نور) ـ أنّ للطهارة مراتب .

ثم إنه لا فائدة من معرفة أنّ تعدّد الأوامر هل يوجب تعدّدَ الوضوءات أو لا ، فإنه يمكن أن يكون الوضوء ـ بسبب تعدّدِ الأوامر ـ متعدّداً ، كما لو قال لك المولى إن أردت السفرَ فتصدّقْ وإن أردت دفْعَ البلاءِ فتصدّقْ وإن أردت الزيادةَ في الرزق فتصدّقْ ، فمن الطبـيعي أنه إذا حصلت هذه الأمور كلُّها فسوف تـتعدّدُ الأوامرُ ، ويَنـتج عن ذلك تعدّدُ الصدقات ، هذا ما يراه العقلُ ، ومثلها ما لو حصلت معك عدّة أسباب وغايات للغُسل في وقت واحد ، كما لو كان اليومُ هو الجمعة فإنه يستحبّ فيه الغسل وصادف أنّ نفس يوم الجمعة هذا كان هو اليومَ الذي أردتَ فيه الإحرامَ ، ثم دخلت فيه إلى حرم مكّة، ثم أردت فيه دخول الكعبة المكرّمة أيضاً ، وصادف أن غَسَّلْتَ ميّتاً في نفس ذلك اليوم ، واحترق فيه أيضاً قرصُ الشمس كلّه ... فإنّ الظاهر من تعدّد الأوامر هو تعدّد الأغسال ، رغم أنّ الناتِج عن كلّ الأغسال ـ وهي الطهارة ـ واحد . كما يمكن أن يكون نظر الشارع المقدّس حينما كان يأمر بالوضوء لسبب معيّن أو لغاية معيّنة أن يقصد وضوءً واحداً . على كلّ حال ، بناءً على الوجه الأوّل الظاهر أنه ـ في مورد الوضوء ـ تـتداخل الوضوءات في وضوء واحد لحصول الطهارة في الفرد الأوّل لرفع الحدث ولتحققّ كلّ الغايات .

نعم ، يحتمل صحّةُ القولِ بتعدّد الأمْرِ بالوضوء مع عدم الحدث ، وذلك لكون الوضوء على الوضوء نوراً على نور ـ على ما ورد في رواية ـ لا لِرَفْعِ الحدَثِ .

ثم إنه لا ينبغي الإشكال في أنّ الحدث الأصغر مهما تكـثّرت أسبابُه وتعدّدت لا يزيد في الحدثيّة شيئاً ، وبما أنّ الحدث سببٌ واحد فالأمر بالوضوء سوف يكون واحداً .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo