< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : أن لا يكون ماء الوضوء مستعمَلاً في إزالة النجاسات

الشرط السادس من شرائط ماء الوضوء : أن لا يكون مستعمَلاً في إزالة النجاسات ، لاحتمال بقاء النجاسة بحيث يُحتمَلُ أن يكون هذا الماءُ المتوضَّؤ به حامِلاً لبعض آثار النجاسة . أمّا الماءُ المستعمَلُ في الوضوء أو في الأغسال ـ الواجبة والمندوبة ـ فهو مطهِّرٌ من الحدث والخبث لكونه طاهراً .

خاصّةً وأنّ الغايةَ من الغُسل والوضوء هو النورانية ، ويـبعد جداً حصولُ النورانيّة من ماء الإستنجاء الذي اُزيلت به قذارةُ البول أو الغائط مثلاً ، ولوضوح أن ماء الغسلة المزيلة للنجاسة نجس فلا يصحّ الوضوء به ، إضافةً إلى إجماع الطائفة على عدم رفعه للحدث .

الشرط السابع : يقول السيد اليزدي : أن لا يكون مانعٌ من استعمال الماء من مرض أو خوف عطش أو نحو ذلك وإلا فهو مأمور بالتيمُّم ، ولو توضأ ـ والحالُ هذه ـ بَطل ، ولو كان جاهلاً بالضرر صح وإن كان متحققاً في الواقع ، والأحوط الإعادة أو التيمم .

لا شكّ أنك تعلم أنّ قاعدة (لا ضَرَرَ) ظاهرة في حرمةِ أن يَضُرّ الإنسانُ نفسَه ، كما أنك تعلم أنّ رفع الحرج هو إمتناني ، وليس إلزاميّاً . وعليه ففي الحالة الأولى يكون الإنسان مكلّفاً ـ بنحو الوجوب ـ بالتيمّم ، وفي الحالة الثانية يكون الإنسانُ مخيّراً بين الوضوء وبين التيمّم ، وذلك كما لو كان الإنسانُ عطشاناً جدّاً ، ولكنه إن توضّأ فلن يتضرّرَ ، ولكنه سوف يقعُ في حرج شديد ، فله ح أن يتوضّأ بهذا الماء ، وله ـ لِرَفْعِ الحرَجِ الشديد ـ أن يَشرب الماءَ ويتيمّم . ومِثْلُه مَن إذا استعمل الماءَ الباردَ جِدّاً في الهواء البارد جدّاً يقع في حرج شديد وتجمُدُ يداه ، لكنه لا يتضرّر ، فله أن يتيمّم وله أن يتوضّأ . وبتعبير آخر : يبقى ملاك الوضوء قائماً ، ولا دليل على رفعه ، فإنّ الحرج لا دخل له في مرحلة الملاك ، وإنما يُحرَجُ الإنسانُ في مرحلة الإمتـثال ، ولذلك يبعد جدّاً رَفْعُ الحرجِ لملاك الوضوء بالماء البارد وفي الهواء البارد ، ولذلك يصحّ للشخص أن يتوضّأ رغم وقوعه في الحرج الشديد ، وذلك لبقاء المصلحة ـ أي في مرحلة الملاك ـ في وضوئه ، ولذلك يقول العلماء بأنّ أدلّة رفع الحرج إنما ترفع الإلزامَ ، والإمتنانُ لا يَرفع الملاكَ ، وذلك لعدم الإمتنان في رفع الملاك ، كما لا داعي لِرَفْعِه ، ولذلك لو توضّأ ـ رغم الحرج الشديد ـ لصحّ وضوؤه لبقاء الأمر الفعلي به ، وإن توسوستَ فقُلْ : لبقاء وجود الملاك فيه ، وبالتالي لبقاء محبوبيّته ولبقاء الأمْرِ به فعلاً ، حتى ولو قلنا برفع منجِّزيّته .

وهذا بخلاف حالةِ الوقوع في الضرر المحرّم ، فإنّ المفسدة الحاصلة فيه تغلب المصلحة في الوضوء في مرحلة الملاك ، فيكون الوضوء مبغوضاً ومحرّماً ، وعلى الأقلّ ـ مع الشكّ في تبدّل المصلحة إلى مفسدة ـ نقول : عندنا شكّ في بقاء الملاك في الوضوء في حال التضرّر من الوضوء . على كلٍّ ، فقد أجمع العلماء على تحريم إيقاع النفسِ في الضرر ، فإذا ثبتت الحرمةُ ، ولم يثبت بقاءُ الملاك والمحبوبيّة في الوضوء الضرري ، صَعُبَ ح القولُ بصحّة الوضوء الضرري ، وصعب التقرّب إلى المولى تعالى بفعلٍ يُحَرّمُه .

كما يصعب التقرّب إلى المولى بفعل يحتمل التضرر منه ، وح يصعب القول بصحّة الوضوء المشكوك الضرريّة ، وذلك لعدم إحراز وجود الملاك والمحبوبيّة فيه ، كما لو كان يحتمل حصول إلتهاب في جُرْحِه لو توضّأ . كما ويصعب استصحاب بقاء الملاك في هكذا حالة لكونه استصحاباً في الشبهات الحكميّة .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo