< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/04/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل أنّ روايات التقيّة تفيد أنّ المسح على الخفّين هو جزء واجب بدل المسح على القدمين ؟
سؤال : هل أنّ روايات التقيّة ـ سواءً كانت واجبة أو مداراتيّة ـ تفيد أنّ المسح على الخفّين هو جزء واجب بدل المسح على القدمين بحيث لو ترك المسح على الخفّين لكان وضوؤه ناقصاً وبالتالي باطلاً بدليل ما رواه في الفقيه قال : "وقال الصادقt : ( لو قلتَ إنّ تاركَ التقيةِ كتارك الصلاة لكنت صادقاً )[1]، ورواها محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم عن مولانا علي بن محمد عليهما السلام من مسائل داوود(بن مافنة) الصرمي[2] قال قال لي : (يا داوود، لو قلت : إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً )[3] أي أنه إن ترك المسح على الخفّين فكأنه ترك الصلاة الواجبة أو كأنه ترك المسح على البشرة ؟ أو أنّ مفاد أدلّة التقيّة عدمُ المسح على البشرة، وبالتالي يمكن لنا أن نمسح على الخفّين وأن لا نمسح عليهما، فهو كالعدم، وبالتالي يمكن ترْكُه إذا لم يكن أحدٌ مِنَ النواصب ينظر إليه ؟
الجواب : لا تفيدنا روايةُ داوود الصرمي أكثرَ مِن حرمة ترك التقيّة فيما لو كانوا ينظرون إلينا، لا أنها تفيدنا وجوبَ المسح على الخفّين حتى فيما لو كان العامّة لا ينظرون إلينا، فإنّ المسح على الخفّين حينذاك لا شكّ أنه لغو محض، وإنما أمرنا به مداراةً وخوفاً لا أكثر، فلو انتفت المداراة والخوف فلا محلّ للمسح على الخفّين قطعاً .
مسألة 37 : إذا كان في بعض محلاّت الإضطرار ـ كما لو كان في معركةٍ مثلاً ـ وعَلِمَ بعد دخول الوقت أنه لو أخَّرَ الوضوءَ والصلاةَ فسيضطرُّ ـ بسبب القتال مثلاً ـ إلى المسح على الحائل ـ كالحذاء ـ، فالظاهرُ وجوبُ المبادرة إلى الوضوء، وفي نفس الحالة السابقة إن كان متوضئاً وعلم أنه لو أبطل وضوءَه فإنه سيضطر إلى المسح على الحائل ـ أيضاً بسبب القتال مثلاً ـ فلا يجوز له الإبطال عقلاً . وأمّا إن أرادوا الهجوم قبل الفجر فوجوبُ المبادرة إلى الوضوء قبل الهجوم أو حرمة إبطال وضوئه الفعلي ـ طبعاً فيما لو كان متوضّئأً ـ غير معلوم . وأما إذا كان الإضطرار بسبب التقية فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الوضوء الصحيح في بيته، فله أن يترك الوضوء في بيته ويجيىء إلى مسجد النواصب ليتوضّأ مثلهم كما دلّت على ذلك الروايات الصحيحة، وكذا يجوز الإبطال، حتى وإن كان ذلك بعد دخول وقت الفريضة .
الظاهرُ من أدلّة وجوب الوضوء كتاباً وسُنّةً، هو وجوبُ المبادرة إلى الوضوء، بل هو الأقوى عقلاً أيضاً، لأنّ وقت الفريضة قد دخل، فوجوب الوضوء التامّ للصلاة قد تحقّق، بل وملاكُ الوضوء التامّ قد تحقّق أيضاً . وأمّا إن لم يبادر واضطرّ على المسح على الحذاء فالوضوء صحيح كما مرّ في مسألة 33 السالفة الذكر فراجع .
وكذا إن كان متوضِّئاً وهو في وقت الفريضة وعَلِمَ أنه لو أبطل وضوءَه فإنه سيضطر إلى المسح على الحذاء ـ أيضاً بسبب القتال مثلاً ـ فلا يجوز له الإبطال عقلاً، وذلك لنفس السبب السالف الذكر .
وأمّا إن أرادوا الهجومَ قبل الفجر فهل يجب المبادرةُ إلى الوضوء قبل الهجوم ؟
الجواب : يبعد القول بوجوب المبادرة إلى الوضوء قبل الفجر، وذلك لعدم تحقّق فعليّة وجوب الصلاة، والوضوء مقدّمة للصلاة الواجبة فعلاً . نعم لو كان الواجب أمراً عقليّاً تامّ الفعليّة حتى قبل مجيء وقته لوجبت مقدّمته قطعاً، وذلك كما لو علمنا بأنّ فلاناً قد نزل إلى البحر ليسبح، فدخل في أعماق البحر، ونحن نعلم أنه سوف يغرق بعد قليل، فإنه ليس لنا أن نترك البحرَ ونذهب بذريعة أنه لم يغرق بَعدُ ليجبَ علينا تخليصُه .
ومن هنا تعلم بجواز أن يُبْطِلَ وضوءَه طالما لم يدخل وقت الفريضة بَعدُ، أمّا في إنقاذ الغريق فلا يجوز له ترك البحر لما قلناه مِن حُكْمِ العقلِ بتماميّة ملاك إنقاذه حتى قبل حصول الغرق .
أمّا في التقيّة فهل يجوز له ترْكُ الوضوءِ في بيته ليصير بين النواصب ليتوضّأ مثلهم ؟
الجواب : ذكرنا قبل قليل ـ في مسألة 35 ـ هذه المسألةَ وأدلّتها الكثيرةَ وقلنا إنه يجوز للشخص أن يترك الوضوء في بيته ويجيء إلى مسجد النواصب ليتوضّأ مثلهم رغم وجود مندوحة، فراجع . ولنفس العلّة يجوز للشخص الذي يكون على وضوء صحيح أن يبطل وضوءه ليتوضّأ وضوء العامّة .



[2] بَقِيَ إلى أيام الإمام أبي الحسن العسكريt وله مسائل إليه، يروي عنه أحمد بن محمد بن خالد البرقي . يقول الشيخ الطوسي في ست : ( له مسائل، أخبرنا بها عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد بن أبي عبد الله عن داود(بن مافنة) الصرمي)(إنتهى) . وأبو المفضّل هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله ويقال محمد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني كثير الرواية حسن الحفظ غير أنه ضعّفه جماعة من أصحابنا . وأمّا ابنُ بطّة فهو محمد بن جعفر بن أحمد المؤدّب القمّي كان كبير المنزلة في قم، كثير الأدب والعلم، ولكن في فهرست ما رواه غلط كثير، حتى قال ابن الوليد كان محمد بن جعفر بن بطّة ضعيفاً مخلّطاً فيما يسنده( له كتب، له كتاب تفسير القرآن، قال أبو العبّاس بن نوح )هو كتاب حسن كثير الغريب سديد)(إنتهى) ..

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo