< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/03/30

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل يتابَعُ القاضي الناصبي تقيةً إذا حكم بخلاف الواقع في توقيت يوم عرفة ؟
مسألة : هل يتابَعُ القاضي الناصبي تقيةً إذا حكم بخلاف الواقع في توقيت يوم عرفة ؟
الجواب : نعم، بلا شكّ، وذلك لأنّ التقيّة ديني ودين آبائي كما في الروايات المتواترة، أمّا مسألة وجوب العمل بالتقيّة فقد عرفته قبل قليل، أمّا من الروايات المتواترة التي تقول ( التقية ديني ودين آبائي ) وأنه ( لا دين لمن لا تقية له ) وأنه ( لو قلت : إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقاً ) وغير ذلك من الروايات الدالة على وجوب التقية وجوباً تكليفياً .
أمّا مسألة صحّة الحجّ ـ وهو محلّ البحث هنا ـ فنقول :
الصحيح هو أن أدلة التقية متكفّلة بوضوح للحكم الوضعي أيضاً، وأنها تفي بإلغاء جزئية الشيء الفلاني أو شرطيتِه، كما وردت الصحّة في الوضوء ـ كمسألة غسل اليدين منكوساً في الوضوء وغسل الرجلين ـ وفي الصلاة ـ كالتكتف في الصلاة وقول آمين ـ، وإنّ عدم أمْرِهمi بالقضاء والإعادة في الموارد التي يكثر فيها الإبتلاء كاشف عن الحكم بالصحة، وهذا معنى قولهم إنّ الإطلاق المقامي كاشف عن الصحّة، وإلاّ لوجب على المعصومينi ـ الذين هم في مقام بيان الشريعة الإلهيّة وهذا هو دورهم ووظيفتُهم ـ أن يقولوا بوجوب إعادة العمل .
ومن هنا تعرف حكم الوقوف في عرفاتٍ أيضاً في غير وقته ـ تبعاً لحكّام شبه الجزيرة العربيّة ـ فضلاً عن مورد الشك بالخلاف، فهو مصداق واضح لقولهمi ( التقيّة من ديني ودين آبائي )، وهو يعني أنّ وظيفتنا اتّباعُهم بل لعلّه لا يبعد أن يكون الإحتياطُ حراماً، لأنّ المخالف للتقيّة لا يعمل بدين الله، وأكتفي برواية واحدة فقط ـ لكثرة الروايات في ذلك وبألسنة عديدة[1] ـ وهي ما رويناه قبل قليل عند أوّل كلامنا في التقيّة، الطائفة الثانية، وهي صحيحة المعلّى بن خنيس ( يا مُعَلَّى، اُكتم أمرنا ولا تُذِعْهُ، فإنه مَن كَتَمَ أمْرَنا ولا يُذيعُه أعزه اللهُ في الدنيا، وجعله نوراً بين عينيه يقوده إلى الجنة، يا مُعَلَّى، إن التـقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تـقية له، يا مُعَلَّى، إن الله يحب أن يُعْبَدَ في السر كما يحب أن يعبد في العلانية، والمذيع لأمرنا كالجاحد له )[2]، مضافاً إلى روايتَي ( صَلُّوا في عشائرهم )[3]( صَلّوا في مساجدهم )[4] السالفتَي الذكر ولروايةِ أبي الجارود الواردة في الشك فإنها دالة على الصحة، فإن المستفاد منها لزوم متابعتهم وعدمُ جوازِ الخلاف والشقاق بيننا وبينهم، فقد روى في التهذيب بإسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن العباس(بن معروف) عن عبد الله بن المغيرة عن أبي الجارود(زياد بن منذر) قال : سألت أبا جعفر t: إنّا شككنا في عام من تلك الأعوام في الأضحى، فلما دخلتُ على أبي جعفرt وكان بعض أصحابنا يضحي، فقال : ( الفِطْرُ يومَ يُفطِرُ الناسُ، والأضحى يومَ يُضَحّي الناسُ، والصومُ يوم يصوم الناس )، مصحّحة السند عندنا، وإن كان في صحّة سندها كلام معروف وهو في أبي الجارود، ولكننا نوثّقه لتوثيق المفيد له ولمدحه مدحاً بليغاً، ولتوثيق سعد بن عبد الله له، نقله النجاشي في ترجمة زياد بن عيسى، وقاله ابن فضّال، نقله عنه الكشّي، وقال العلاّمة ثقة صحيح، ولا يضر فساد عقيدته بوثاقته . فمقتضى روايات ( التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له ) وخبر أبي الجارود لزوم ترتيب جميع الآثار من الوقوف وسائر الأعمال كمناسك منى .
المهم هو أنّ أدلة التقية صريحة في إفادة الصحّة أو قُلْ متكفّلة بالصحّة، وهي تقتضي ترك الوقوف في اليوم التاسع الواقعي، ويسقط الشرط عن الشرطية، كلّ ذلك لأنّ اتّباع التقية هو دِينُ الله، وهذا يعني حرمة التشكيك في الصحّة، لأنه دين الله، ولذلك نقول بصحّة هذا الوقوف بالعنوان الثانوي، لأنه دِينُ الله، لا، بل إنّ الوقوف في الوقت الصحيح حرام شرعاً لأنّ الله يأمرنا باتّباعهم ولو أبت أنفسُنا ذلك، حتّى أنك لو ذهبت ـ في اليوم الثاني ـ إلى عرفات ـ نهار العيد عندهم ـ بنيّة الوقوف الإضطراري برهةً من الزمن بذريعة أنك تبحث عن شيء مثلاً كان ذهابك لغوياً لا طائل تحته، لو لم نقل بحرمة ذلك، لأنه خروج عن دين الله، والعبادةُ أمرٌ تعبدي، أو قُلْ : الحرام لا يصلح أن يكون عبادة، وإنّ الوقوف في اليوم الثاني غير مأمور به أو حرام .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo