< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

37/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل يجوز وضْعُ تمامِ الكفّ على تمام القدم ؟

مسألة 32 : لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج ، فيجوز أن يضع تمام كفِّهِ على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المَفْصِل ، ويجرها قليلاً بمقدار صدق المسح .

روى في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاt قال : سألته عن المسح على القدمين كيف هو ؟ فوضع كفَّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جُعلتُ فداك ، لو أن رجلاً قال بإصبعين من أصابعه هكذا ؟ فقال : ( لا ، إلاّ بكفَّيه (بكفّه) كلّها )[1] صحيحة السند.

أقول : لكنّ الفعلَ أعمّ من الوجوب ، ولذلك قلنا بجواز النكس في مسح القدمين ، إذن فلنا أن نضع كفّنا على كلّ القدم ونمسح قليلاً ، وذلك لصدق المسح عرفاً ، خاصّةً وأنّ هذا الأمر محلّ بلوى كثير ، فلو كان وضْعُ كلِّ الكفّ على كلّ ظهر القدم والمسح قليلاً غير جائز لوجب التنبيهُ على ذلك ، على كلّ ( الأمرُ في مسْحِ الرجلين موسَّع ) كما في رواية يونس السابقة . نعم الروايةُ تدلّ على الإستحباب بلا شكّ لأنه فِعْلُ الإمامِt ، ولعلّه لما ذكرنا أجمعت الطائفة ـ ظاهراً ـ على ذلك .

مسألة 33 : يجوز المسح على الحائل كالقناع والخف والجورب ونحوها في حال الضرورة من تقية أو برد يخاف منه على رجليه ، أو لا يمكن معه نزع الخف مثلاً ، وكذا لو خاف من سبُعٍ أو عدو أو نحو ذلك مما يصدق عليه الإضطرار ، مِن غيرِ فرق بين مسح الرأس والرجلين ، ولو كان الحائل متعدداً لا يجب نزع ما يمكن وإن كان أحوط ، وفي المسح على الحائل أيضاً لا بد من الرطوبة المؤثرة في الماسح وكذا سائر ما يعتبر في مسح البشرة

لا شكّ في جواز المسح على الحائل في الضرورات ، كما إذا كان يخاف على نفسه من تشقّق رجلَيه من شدّة البرد ، وأنت تعرف حكم الضرورات وأنها تقدّر بقدرها ، وقد روى في التهذيبين بإسناده الصحيح عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد بن عثمان(من أصحاب الإجماع) عن محمد بن النعمان(الأحول مؤمن الطاق ثقة متكلّم) عن أبي الورد(فيه رواية مصحّحة السند مادحة له ، وروى عنه في الفقيه مباشرةً وهي أمارة الوثاقة) قال : قلت لأبي جعفر t: إنّ أبا ظبيان حدثني أنه رأى عليّاًt أراق الماء ثم مسح على الخفين ! فقال : ( كذب أبو ظبيان ، أما بلغك قولُ عليٍّt فيكم : سَبَقَ الكتابُ الخِفَّين ) ! فقلت : فهل فيهما رخصة ؟ فقال : (لا ، إلاّ مِن عَدُوٍّ تَـتـّقيه ، أو ثلجٍ تخاف على رجليك )[2] مصحّحة السند ، ولعلّه لما ذكرنا أجمعت الطائفة على ذلك . والمورد وإن كان حال وجود العدوّ أو وجود ثلج يخاف منه على الرجلين ، لكن وحدة المناط واضحة في مطلق الضرورات ومطلق الحوائل كالجورب ، يؤيّد هذه الروايةَ روايةُ عبدِ الأعلى السابقة .

إذن يجوز أو قد يجب المسح على مطلق الحائل في الضرورات مثل التقيّة ، ولك أن تؤيّد ذلك بقوله تعالى[لاَ يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ ، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ ، إِلاَّ أَن تَـتـَّقُوا مِنْهُمْ تُـقَاةً ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ ، وَإِلَى اللهِ المَصِيرُ (28)] [3] وبروايات التقيّة ، ولذلك أجمعت الطائفة على ذلك .

نعم ، عن ظاهر المعتبر والمقنع عدمُ الجواز ، وعن المفاتيح الميلُ إلى عدم الجواز أيضاً ، وذلك لما رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد(بن عيسى) عن حريز عن زرارة قال قلت له : في مسح الخفين تقية ؟ فقال : ( ثلاثة لا أتقي فيهن أحداً : شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج ) ، قال زرارة : ولم يقل الواجبُ عليكم أن لا تتقوا فيهن أحداً .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حماد مثله . ورواها الصدوق في الفقيه قال : ( وقال العالم عليه السلام : ( ثلاثة لا أتقي فيها أحداً : شرب المسكر والمسح على الخـفَّين ومتعة الحج ) (إنتهى)[4] . إذن فهو عملٌ شخصي ، لغرض بيان هذه الأحكام المهمّة والخطيرة ، لا حكم شرعي ، وإنما لا يتقي الإمامُ في هذه الاُمور الثلاثة لأنها ـ ولو بالنسبة إليهt ـ أهمّ من ضرر التقيّة ، ولعل عدمَ الإتّقاء هو من باب وجود اختلاف بين العامّة في ذلك . وقريب منها ما رواه في الكافي بإسناده عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عمر الأعجمي(مهمل) قال قال لي أبو عبد اللهt : ( يا أبا عمر ، إنّ تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين لمن لا تقية له ، والتقيةُ في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخـفّين )[5] مصحّحة المتن .

إذَنْ إذا أمكن المسحُ على الحائل رغم التقيّة بلا ترتّب ضرر ولا حرج وجب ذلك ، وعليه فيجب النظر فيما هو الأهمّ ملاكاً .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo