< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : مسألة 29 من الوضوء
مسألة 29 : إذا كانت الرطوبة على الماسح زائدة بحيث توجب جريان الماء على الممسوح فلا يجب تقليلها، وإنما يمسح كالمعتاد حتى وإن حصل به الغسل، وذلك لصِدْقِ المسحِ عرفاً، فيشمله إطلاقات الآية والروايات، مع أنّ الماء على الماسح ـ في بعض الأحيان ـ يكون كثيراً ومع ذلك لم ينبّه المعصومون iعلى وجوب تقليل الماء، وهو أمرٌ عامّ البلوى، فمع عدم التنبيه على تقليل الماء يكون كاشفاً قطعياً عن الجواز .
مسألة 30 : يشترط في المسح إمرارُ الماسحِ على الممسوح، فلو عكس بطل، نعم الحركة اليسيرة في الممسوح لا تضر بصدق المسح .
المنصرَفُ إليه عرفاً من الآية والروايات هو أن تكون اليد هي المتحرّكة، فأنت حينما تقول (إمسح رأسك بيدك) تفهم منها هذا المعنى، بل هذا هو القدر المتيقّن، والعكس فيه شكّ واضح، وأصالةُ الإشتغال تقتضي لزومَ إعادة الوضوء . نعم لا شكّ في أنّ الحركة اليسيرة من الممسوح لا تضرّ، خاصّةً في القدمين حيث يتحرّكان في بعض الأحيان، ومع ذلك يصدق أن اليد هي الماسحة .
مسألة 31 : لو لم يمكن حِفْظُ الرطوبةِ في أعضاء الوضوء من جهة جفاف الهواء أو نحو ذلك ولو باستعمال ماء كثير بحيث كلما أعاد الوضوء لم يبق ماءٌ على أعضاء الوضوء فالأحوط المسح باليد الجافّة ثم بماء جديد ثم يتيمم أيضاً .
لا أتصوّر أنّ هذه المسألة تحصل في الخارج رغم جفاف الهواء، على كلٍّ لا شكّ في أنّ المسح باليد الجافّة أوّلاً هو الأحوط ـ لقاعدة الميسور ولقاعدة الإستصحاب العقلائيّة لا الشرعيّة، فإنّ المسح باليد الجافّة هو الميسور أي هو الأقرب إلى المسح باليد المبتلّة بماء الوضوء وهذا المسح باليد الجافّة هو ما يستصحبه العقلاء بعقلائيّتهم وهو الذي يشخّص الميسورَ بمعنى أنه حين يرتفع المعذورُ يبقى الميسور ـ ثم يأخذ ماءً جديداً ويمسح ـ لنفس الأسباب السالفة الذكر أي لقاعدة الميسور، فإنه يحقّق المسح بالبلل، على أنّ الوضوء الناقص بالكيفيّتين المذكورتين أقرب إلى ذهن المتشرّعة من التيمّم، وبتعبير آخر : إنّ رطوبة الكفّ من الماء الخارجي أقرب إلى رطوبة الكفّ المبلّل برطوبة الوضوء من التيمّم ـ ثم يتيمّم، لاحتمال بطلان وضوئه السابق لنقصانه ولعدم العِلم ببدليّة الوضوء بالكيفيّتين المذكورتَين عن التيمّم، أو قُلْ : لعدم العلم بجريان قاعدة الميسور فيما نحن فيه، ولك أن تقول : يتيمّم لاحتمال أن يكون جفافُ رطوبة الوضوء من مسوّغات التيمّم لا من مسوّغات أن يأخذ ماءً جديداً، فبمقتضى العلم الإجمالي وأصالة الإشتغالِ نجمع بين المحتملات الثلاثة .
وقد يمكن استفادةُ التنزّلِ إلى المسح باليد الجافّة ثم إلى المسح بماءٍ جديد مِنَ التنزّلِ من الوضوء التامّ إلى وضوء الجبيرة، لاحِظْ مثلاً ما رواه الشيخ في تهذيبيه بإسناده ـ الصحيح ـ عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن (الحسن)بن محبوب عن علي بن الحسن بن رباط عن عبد الأعلى مولى آل سام قال قلت لأبي عبد اللهt : عثرتُ فانقطع ظفري، فجعلتُ على إصبعي مرارة، فكيف أصنع بالوضوء ؟ قالt : ( يُعرف هذا واشباهه من كتاب الله عزّ وجل، قال الله تعالى[ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ] اِمسحْ عليه )[1] معتبرة السند، فقد تستفيد منها ومن آية رفع الحرجِ التنزّلَ إلى الوضوء الناقص ـ وهو وضوء الجبيرة ـ وذلك لأنه الأقرب إلى الوضوء التامّ من التيمّم .
على كلٍّ قال في الجواهر ( لم أعثر على مُفْتٍ بالتيمّم)[2]، ولعلّ الأقرب إلى الصحّة هو الإكتفاء بالمسح بماء جديد لأكثر من وجه، من جملتها روايات المسح بماء جديد والتي رويناها قبل عدّة صفحات والواردة في الوضوء العادي أي مع عدم جفاف الرطوبة، والتي قال بها ابن الجنيد، لكنْ في مقام الإفتاء لا بدّ من الإحتياط .




[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي : ج 1، ص 325، ب 39 من أبواب الوضوء، ح 5، الاسلامية.
ملاحظة رجالية : قد يُستشكل في وثاقة عبد الأعلى مولى آل سام، ولكنه ثقة لوجوه : منها : ان الشيخ المفيد وثّقه، ومنها : أنه يروي عنه في الفقيه مباشرة بسند صحيح، وقد قال الصدوق في أوّل فقيهه اِنّه اخذ رواياته من الكتب التي اليها المرجع وعليها المعوّل، فعلى الأقل يجب اَن يكون صاحب الكتاب ثقة وإلا فكيف يكون كتابه الروائي مرجعاً للشيعة ؟! ومنها : انه يروي عنه محمد بن ابي عمير بسند صحيح وقد شهد الطوسي أنّ ابن ابي عمير وأضرابه لا يروون الا عمّن يوثق به، وهناك قرائن أخرى تفيد وثاقته أيضاً .
[2] ج 2 ص 194 . .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo