< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/01/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الوضوء الإرتماسي
مسألة 21 : يصح الوضوءُ بالإرتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى، لكن لا بدّ أن يراعيَ وجوبَ أن يكون مسحُ الرأس والقدمين ببلّة اليد من الوضوء، لا بماء خارجي، فإذن عليه أن لا ينوي غسْلَ كلا يديه بالتمام، وإنما ينوي ترْكَ جزءٍ من اليسرى، فيمسح يسراه بيمناه ليُتِمّ غَسْلَ اليسرى بذلك، ثم يمسح ببقيّة بلّة يديه رأسَه وقدميه .
بيان ذلك : لا شكّ في جواز الوضوء بالإرتماس، وذلك تمسّكاً بقول الله تعالى (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأيدِيَكُمْ ..)[1] ولا دليل على عدم كفاية الغسل بالإرتماس . ويشترط أن ينوي الغَسلَ مِنَ الأعلى إلى الأسفل، وأن ينوي الوضوء بنفس إدخال العضو في الماء . على كلّ، فقد أجمع العلماء على صحّة الوضوء الإرتماسي، فلا يجب غسل الأعضاء بخصوص صبّ الماء عليها .
وهنا ثلاثة اُمور يجب أن نذكرها بالتـفصيل :
الأوّل : يجب مراعاة أن يكون المسحُ ببلّة اليد من الوضوء، ومع الرمس يجب ترك شيء من اليد ومسْحُها باليد الثانية بنيّة تتميم الغسلة، ليصدق الباقي على اليد بأنه بقيّة بلّة اليد، وبالتالي ليمكن للمتوضّئ أن يمسح على رأسه وقدميه بالبلّة الباقية على يده من الوضوء .
الثاني : لا يمكن القولُ بأنّ الوضوء يتحقّق بإخراج العضو من الماء ـ بمعنى : عند فصْلِ العضوِ عن الماء ـ إذ لا يَصدقُ الغَسلُ ـ الذي هو أمْرٌ إيجادي ـ بالإخراج عن الماء بالكلّيّة ـ الذي هو أمْرٌ عدمي ـ، إذ تقول (دَخَلَ تحت الماء ليَغتسِلَ) ولا تقول (خَرَجَ مِن تحت الماء ليَغْتَسِلَ) أي ليغتسل بخروجه .
وبتعبير آخر : إخراجُ العضوِ من الماء بمعنى فصلِه عن الماء لا يتحقّق الغَسل به قطعاً، وبمعنى أن ينوي غَسلَه بآخر ميلمتر من سطح الماء يمكن نيّة الوضوء، لكن يصعب ح القولُ بكون الماء الحاصل على العضو هو من بلّة اليد من الوضوء، والظاهر أنه سيكون ماءً جديداً، إذ لا فرق بين كون آخر ميلم هو المقدار المراد التوضّي به، وبين كون آخر شبر هو المقدار المراد التوضّي به .
الثالث : وكذا يَصْعُبُ القولُ بتحقّق الوضوء بوضع العضو أوّلاً تحت الماء ثم بتحريكه بنيّة الوضوء . وممّا ينبّه على ذلك عدمُ صحّة نيّة الغسلة الاُولى بإدخال العضو في الماء، وبتحريكه الغسلةَ الثانية . وأيضاً ينبّهك على صحّة ما ذكرنا أنه حينما تُدخِل الإناءَ المتنجّسَ في الماء الكرّ لتطهيره، هل يصدق على الإدخال والتحريك غسلتين ؟! قطعاً لا . وأيضاً قد ينبّهُك على هذا عدمُ صحّةِ وضع الماء على الوجه أو على اليد ثم تحريك الماء بنيّة الوضوء !! أو قُلْ يصعب القول بأنه قد غسل وجهَه أو يدَه من الأعلى إلى الأسفل بهذا التحريك .
وبتعبير آخر : في وضْعِ العضوِ في الماء من دون نيّة الوضوء ثم تحريكه بنيّة الوضوء من الأعلى إلى الأسفل، يصعب صدقُ الغَسل الإحداثي عليه، وإنما يجب الغسل من الأعلى إلى الأسفل مراعاةً خارجيّة . وممّا ينبّهك على ما نقول أنك إذا حرّكتَ عضوك ـ كيَدِك مثلاً ـ مرّتين بنيّة الغسلتين، فهل يصدق على ذلك الغسلتين ؟!!
على كلٍّ، الوضوءُ الإرتماسي بحاجة إلى عِلْمٍ بالكيفيّة الصحيحة، وقد لا يعرفها أكثرُ المتديّنين .
مسألة 22 : يجوز الوضوء بماء المطر، كما إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه على وجهه غسْلَ الوجهِ مع مراعاة الأعلى فالأعلى، وكذلك بالنسبة إلى يديه، وكذلك إذا قام تحت الميزاب أو رشّاش الماء مثلاً، لأنّ المهم هو صدقُ الغَسل عرفاً . وحتى لو لم يَنْوِ الوضوءَ مِنَ الأوَّل، لكنْ بعد جريان ماء المطر على جميع مَحالّ الوضوء مسح بيده على وجهه ويديه بقصد الوضوء لكـفَى . وكذا لو ارتمس في الماء ثم خرج ومسح عليها بقصد الوضوء لكفَى أيضاً .
للبحث تتمّة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo