< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/08/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : مستحبّات الوضوء
مسألة 6 : إذا كان للوضوء غايات متعددة ـ واجبة أو مستحبّة ـ فقصد الجميعَ حصل امتثال الجميع وأثيب عليها كلها، وإن قصد البعض حصل الإمتثال بالنسبة إلى خصوص المقصود ويثاب عليه، لكن يصح بالنسبة إلى الجميع، لأنّ الحدث ـ كما قلنا قبل قليل ـ قد ارتفع، فلو قصد الفريضة فله أن يصلّي النافلةَ، وكذا لو قصد النافلةَ فله أن يأتيَ بالفريضة383.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(383) أمّا صحّة الإتيان بكلّ ما نوى ـ من فريضة ونافلة وطواف وصلاة طواف وغير ذلك ـ فلأنه متوضّأ، ولا مانع من أن يأتي بكلّ ما تشترط فيه الطهارة .
وأمّا ترتّب الثواب على فعل واحد بعدّة نيّات فهو لأنّ الثواب يترتّب على النيّة، وهذا قد نوى عدّة نيّات مشروعة، فالمقتضي للثواب ـ وهو الإمتثال والنيّة ـ موجود، والمانع مفقود، ومقدار الثواب راجع إلى النيّة، فللشخص الذي نوى عدّة نيّات مشروعة عدّة ثوابات لأنه قصد كلّ تلك الأفعال، فلو قصد الحجّ ولم يحجّ لمانع فقد استحقّ الثواب عقلاً ـ إذا كان العمل مستحبّاً ـ أو مَنّاً ـ إذا كان العمل واجباً ـ وهذا أمر لا أظنّ وجود مخالف فيه .

( فَصْلٌ في بعض مستحبات الوضوء )
الأول : أن يكون بمد وهو 738 غ تقريباً .
الثاني : الإستياك بأي شيء كان، ولو بالإصبع، والأفضل عود الأراك .
الثالث : قيل ويستحبّ وضْعُ الإناء الذي يغترف منه على اليمين، ولم أرَ دليلاً عليه384.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(384) يستحبّ أن يكون الوضوء بمدّ، كما هو مذهب علمائنا، كما عن المنتهى والتذكرة، وذلك لصحيحة[1] زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) : ( كان رسول الله (ص) يتوضأ بمد، ويغتسل بصاع، والمد رطل ونصف، والصاع ستة أرطال )[2] . والصاع هو 2948,5 غرام، والمد هو 738 غ تقريباً كما أفاد الشيخ ابراهيم سليمان في كتابه (الأوزان والمقادير) ص 57، والمسألة تقريبيّة لأنهم قالوا بأنّ الصاع هو أربعة أمداد، فعليه يجب أن يكون المدّ 737,12 غراماً .
وفي صحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم عنه (عليه السلام) : ( كان رسول الله (ص) يغتسل بصاع من ماء، ويتوضأ بمد من ماء ) [3]، ومثلهما في ذلك غيرهما .
والمعروف أنّ الصاع هو أربعة أمداد، بل هو قول العلماء كافة، كما عن المنتهى، بل إجماعاً كما عن الخلاف والغنية وظاهر التذكرة وغيرها وهو المصرح به في صحيح زرارة المتقدم . لكن في موثق سماعة : ( إغتسل رسول الله (ص) بصاع، وتوضأ بمد، وكان الصاع على عهده خمسة أمداد )[4]، ونحوه خبر المروزي . إلا أنه لا مجال للإعتماد عليهما في قبال ما عرفت .
لا شكّ ولا خلاف في استحباب الإستياك قبل الوضوء، كما في الحدائق . وفي صحيح معاوية بن عمار : ( وعليك بالسواك عند كل وضوء )[5] ونحوه غيره . والسواك مطلق، فهو إذن يشمل السواك الإصطناعي المعاصر الموجود في بيوت الناس اليوم . وعن علي بن إبراهيم باسناده : ( أدنى السواك أن تدلكه بإصبعك )[6] . وفي رواية السكوني : إن رسول الله (ص) قال : ( التسوك بالإبهام والمسبحة عند الوضوء سواك ) [7].
ولا شكّ في استحباب أن يكون السواك من شجر الأراك، فعن مكارم الأخلاق : ( وكان (ص)يستاك بالأراك، أمره بذلك جبرئيل [8](عليه السلام) )، وعن الرسالة الذهبية : ( واعلم يا أمير المؤمنين أن أجود ما استكت به ليف الأراك، فإنه يجلو الأسنان، ويطيب النكهة ويشد اللثة ويسمنها، وهو نافع من الحفر إذا كان باعتدال .. ) [9].


[1] إعتمدت في هذه المسألة ـ في تصحيح الروايات ـ على مستمسك العروة الوثقى، السيد محسن الحكيم، ج2، ص311.، وذلك لكون الموارد المذكورة إستحبابيّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo