< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/08/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : بقيّة موارد الوضوءات المستحبّة
ويستحبّ للجنب ـ إذا أراد أن يغسّل ميّتاً ـ أن يغسل يديه ثم يتوضّأ، كما أنه إن غسّل ميّتاً وأراد أن يأتي أهله فيستحبّ أن يتوضّأ أوّلاً ثم يأتي أهلَه، ففي حسنة شهاب بن عبد ربه : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب يغسل الميت، أو مَن غسَّل ميتاً، له أن يأتي أهله ثم يغتسل ؟ فقال (عليه السلام) : هما سواء، لا بأس بذلك، إذا كان جنباً غسَّلَ يديه وتوضأ وغسل الميت وهو جنب، وإنْ غسَّلَ ميتاً توضأ ثم أتى أهله، ويجزؤه غسلٌ واحدٌ لهما".
ويستحبّ الوضوء على من أدخل الميّتَ القبرَ، ففي رواية الحلبي وابن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ( توضأ إذا أدخلت الميت القبر)[1] .
ويكره تركُ الوضوء في الحالات التالية :
1 ـ لمقاربة الحامل، وذلك لما عن المجالس والعلل في وصيته (عليه السلام) لعلِيٍّ (عليه السلام) : ( إذا حملت امرأتك فلا تجامعْها إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد )[2]، وهي تفيد الكراهية بوضوح .
2 ـ لمَن قَدِمَ مِن سفرٍ فدخل على أهله فلما رواه في المقنع قال : روي عن الصادق (عليه السلام) : ( مَن قَدِمَ مِن سفرٍ فدخل على أهله وهو على غير وضوء ورأى ما يكره فلا يلومن إلا نفسه ) .
3 ـلمن يريدُ أنْ يكتبَ القرآنَ الكريم، وذلك لخبر علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) : عن الرجل أيحل له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء ؟ قال (عليه السلام) : ( لا ) المحمول بالإجماع على الكراهية .
مسألة 3 : لا يختص القسم الأول من المستحب بالغاية التي توضأ لأجلها، بل يباح به جميع الغايات المشروطة بالطهارة كالصلاة، وذلك لأنّ وضوءه هذا يَرفَعُ الحدَثَ ويَجعلُه على طهارة، وكذا القسمان الثاني والثالث، فلو جدّد وضوءَه ثم تبيّن له بطلانُ وضوئه الأوّلِ فقد رفع وضوؤه الثاني الحدثَ وجازت له الصلاةُ وغيرها، ومن توضّأ لمقاربة زوجته الحامل ثم أراد أن يصلي قبل المقاربة أو أن يمسّ كتابةَ القرآن الكريم جاز له ذلك، وكذا مَن أدخل الميّتَ قبرَه ثم توضّأ، وكذا من توضّأ قبل أن يرد من السفر على أهله، وكذا لو توضّأ ليكتب القرآن الكريم جاز له أن يصلّي بوضوئه هذا .
ولكنْ وضوءُ الحائضِ لِذِكْرِ اللهِ، ووضوءُ الجنبِ لِرَفْعِ كراهيةِ نومِه، وكذا لو توضّأ استحباباً ليأكل أو ليشرب، والوضوءُ لمعاودة الجماع، فلا يبيح له شيئاً، وهذا أمر واضح381.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(381) لا ينبغي الإشكال في رفع الوضوء للحدث في الموارد المذكورة أعلاه، فقد ورد في جملة من الروايات أنّ الوضوء يرفع الحدث، وهذا ينبغي أن يكون من الضروريّات الدينية . لاحِظْ مثلاً ما رواه في الكافي عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار، وعن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعاً عن صفوان بن يحيى عن عبد الحميد بن سعد(مهمل) قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : الجنازة يُخرَجُ بها ولست على وضوء، فإن ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة، أيُجزِئُني أن أصلي عليها وأنا على غير وضوء ؟ قال (عليه السلام) : ( تكون على طُهْرِ أحبَّ إلَيّ )[3] يمكن تصحيحها من طريقين، فإنّ صفوان لا يروي إلاّ عمّن يوثق به، وروايات الكافي صحيحة حتى يثبت كذب أحد رواتها .
وفي عيون الأخبار وفي العلل بإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال : ( إنما أمر بالوضوء وبدئ به لأنْ يكون العبد طاهراً إذا قام بين يدي الجبار عند مناجاته إياه .. )[4].
كما لا إشكال في عدم رفع الحدث في الموارد الاُخرى المذكورة أيضاً كوضوء الجنب لرفع كراهية النوم، وإنما الوضوء لهذه الموارد هي لرفع درجة من الحدث لا أكثر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo