< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/07/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : جريان الإستصحاب في الأسباب والشرائط والموانع

عموم جريان الإستصحاب في الأسباب والشرائط والموانع
يجري الإستصحاب في الأسباب والشرائط والموانع، سواء في الأحكام الشرعيّة الوضعية أو في الأحكام التكليفية . والأحكام الشرعية الوضعيّة مثل : (النوم ناقضٌ للوضوء) و (عقد الزواج يُنْتِجُ الزوجيّةَ) و (تَرْجِعُ المعتدّةُ بالعدّة الرجعيّة بمجرّد الوطء) و (يشترط في الطلاق أن تكون الزوجة المدخول بها في طهر لم يواقعها فيه) و (كلام الآدميين عمداً في الصلاة يبطل الصلاة) ... وهكذا .
فإذا عرفت هذا فاعلم أننا إن شككنا في حصول سبب الحكم الشرعي الوضعي فالأصل هو عدم حصوله، فإذا شككنا في حصول النوم أو في عقد الزواج أو الوطء أو في صدور سبب سجدتي السهو فالأصل عدمه . أمّا في حالة الشكّ في كونها في الطهر أو في الحيض، فلا أصل هنا لأنهما متواردان عليها، فيجب الإحتياط .
وكذلك الأمر إن شككنا في حصول السبب أو الشرط لترتّب الحكم التكليفي، فالأصل عدم حصوله، كما لو شككنا في حصول الزوال لترتّب وجوب الصلاة، فالأصلُ عدم دخول الزوال، وكما لو فحصنا في مالنا فشككنا بعد الفحص في حصول شرط الحجّ وهو الإستطاعة، فالأصلُ عدم حصولها ...
ممّا ذكرنا تعرفُ أننا لم نستصحب نفسَ القضايا الشرعيّة ـ وضعيّة كانت أو تكليفية ـ إنما استصحبنا عدمَ الأسباب والشرائط والموانع . والسببُ في ذلك ما سنقوله بعد قليل ـ في جريان الإستصحاب في الشبهات الحكميّة ـ من عدم جريان الإستصحاب في عالم الجعل، لأنه بيد الله جلّ وعلا، وليس بأيدينا، أو قل : نحن لا نستصحب عدم السببيّة أو عدم الشرطيّة أو عدم المانعية .
وليس لنا إلاّ أن نُجري عدمَ حصول النوم أو النجاسة، أي نستصحب عدم حصول السبب أو الشرط أو المانع، لا أكثر، وذلك لأنّ الإستصحاب هو أصل عمليّ ظاهري يتعبّدنا بالبناء على عدم حصول موضوع الحكم الوضعي أو التكليفي، ولا يفيدنا استصحاب الأحكام الشرعية في عالم الجعل، لأنّ الأصل هو عدم الجعل الزائد .
وقد ذهب المحقّق التوني إلى عدم جريان الإستصحاب في الأحكام الوضعية ـ كالسببية والشرطية والمانعية ـ[1].
ملاحظة : ليست الأحكام الشرعية الوضعية هي كالطهارة والنجاسة، وإنما هي الحكم بالطهارة على الشيء الفلاني، والحكم بالنجاسة على الشيء الفلاني، كما في قولنا (الفرس طاهر) و (الكلب نجس)، أمّا الطهارة والنجاسة فليستا أحكاماً أصلاً، وإنما هي أسماء لا أكثر .
وكذلك الوجوب والإستحباب والحرمة والكراهة والإباحة فإنها ليست أحكاماً تكليفيّة، وإنما هي أسماء لا أكثر، وأمّا الأحكام التكليفية فهي ـ كالأحكام الوضعية ـ قضايا كاملة المعاني مثل : (تجب الصلاة) و (يحرم شرب الخمر) وهكذا ...

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo