< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/07/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تكملة الكلام في اشتراط الطهارة المعنويّة في مسّ كتابةِ القرآن الكريم
أمّا اشتراط الطهارة المعنويّة في مسّ كتابةِ القرآن الكريم

أقول : في كلامهم نظرٌ من وجوه :
1 ـ أمّا الإستدلالُ بالآية المباركة ففيه :
أولاً : يبعد إرادة المتطهِّرين من ( المطهَّرون ) إذ يحتمل قوياً إرادة المطهَّرين ذاتاً وهم أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، يقول الله تعالى ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً[1] فهم المطهَّرون، وكذلك الملائكة ـ كجبرائيل (عليه السلام) ـ مطهّرون .
وبهذا القول قال جمع من علمائنا كالسيد الحكيم والسيد الخوئي وصدر المتألهين الشيرازي في أول كتابه القيّم ( مفاتيح الغيب ).
اُنظُرْ إلى الإستعمالات القرآنية : ﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا، وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ[2] أي المتطهّرين ولم يقل ( المطَهَّرين )، وقال أيضاً ﴿ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ[3] ولم يقل ( المطَهَّرين )، والمراد من المطَّهِّرين والمتطهِّرين هو من يتطهَّر بعد عروض النجاسة أو الحدث عليه، أمّا قوله تعالى ﴿ وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ[4] أي ذاتاً طاهرة لا تعرض عليهنّ الأحداث والأخباث، و﴿ رَسُولٌ مِّنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً[5] أي من كلّ عيب .. وهكذا ..
بل يكفينا الإجمال في معنى الكلمة كي يبطلَ الإستدلالُ بها على إرادة حرمة مسّ المصحف للمحْدِثين، فنبقى على أصالة البراءة .
ثانياً : لا يصح إرادة هذا المصحف الذي بين أيدينا من ( الكتاب المكنون ) فإنه ليس شرفاً للكتاب أن يكون بين جلدتين وإلاّ لكانت كتب الضلال ذات شرف، لأنها في كتاب مكنون، وإنما المراد بالكتاب المكنون (اللوح المحفوظ) الذي هو عِلْمُ جبرائيل (عليه السلام).
وأيضاً يكفينا الإجمالُ في كلمة ( كتاب مكنون ) في إبطال الإستدلال بالآية، فلعلّ المراد بالقرآن الكريم الذي هو في ( كتاب مكنون) ذاك الذي في عِلْم الله تعالى .
ثالثاً : قولُه تعالى ﴿ لا يمسُّه إلاّ المطَهَّرون[6] واردٌ موردَ الإخبار والمدح وهو أنّ هذا القرآن الكريم ـ الذي هو في عِلْمِ جبرائيل (عليه السلام) ـ لا يمسُّه أي لا يصل إليه ـ في عظمته أو في إدراك معانيه ـ إلاّ المطَهَّرون من العيوب وهم أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام).
وهنا أيضاً يكفينا الإجمال في معنى ( لا يمسُّه .. ) في البقاء على البراءة .
2 ـ وأمّا استدلالهم بموثقة أبي بصير ومرسلة حريز فأقول :
لو كان الحكم الواقعي هو حرمة المسّ لورد في ذلك عشرات الروايات من زمان رسول الله (ص) عند العامّة والخاصّة، لأنّ القضية محلُ ابتلاءٍ كبير جدّاً، فعُمْدَةُ دراسة العلوم الدينية من زمان رسول الله والأئمة (عليهم السلام) وإلى زماننا هذا هو القرآن وتفسيره، وكل الكتب الدينية محشوّة بالآيات القرآنية، بل كان المسلمون يطبعون سورة ﴿ قل هو الله أحد ﴾ وبعضَ الآيات القرآنية على الدراهم والدنانير في بلاد الإسلام كالبصرة وغيرها من أيام الإمام الباقر (عليه السلام) وها نحن نراها بأُمّ العَين في أيّامنا[7]، وكان المسلمون يتعاملون بها بأمرٍ من أئمتنا (عليهم السلام) حتى ولو كان الشخص جنباً فلو كان ذلك محرَّماً لشاع وانتشر، اُنظُرْ إلى بعض هذه الروايات :
ـ روى الشيخ الطوسي في التهذيبين بإسناده ـ الصحيح ـ عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين(بن أبي الخطاب) عن صفوان بن يحيى عن اسحاق بن عمّار (ثقة فطحي) عن أبي إبراهيم (الكاظم (عليه السلام)) قال : سألته عن الجنب والطامث يـَمَسّان بأيديهما الدراهمَ البيض؟ قال : ( لا بأس ) موثقة السند . ومقتضى الجمع بين الروايات هو كراهة مسّهما الكتابة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo