< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : غايات الوضوءات الواجبة وغير الواجبة

مسألة 2 : إذا خرج ماءُ الإحتقان ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء، لكنه فَرْضٌ لا يَحصلُ عادةً 374، وكذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
374 ما ذكره في المتن فرض لا يحصل عادةً، إذ يبقى في القولون المستقيم شيءٌ من الغائط عادةً، نعم لو شكّ في خروج شيء من الغائط في غير هذه الحالة فلا شكّ في جريان استصحاب عدم خروجه .

مسألة 3 : القيح الخارج من مخرج البول أو الغائط ليس بناقض 375، وكذا الدم الخارج منهما، إلا إذا علم اختلاط البول أو الغائط بالقيح أو بالدم، فلا شكّ ح في الناقضيّة، وكذا المذي والوذي والودي ليست من نواقض الوضوء لأنها أيضاً ليست بولاً ولا غائطاً . والأول هو ما يخرج عند الملاعبة، والثاني ما يخرج بعد خروج المني، والثالث ما يخرج بعد الإستبراء من البول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
375 لأنّ القيح والدم والمذي والوذي والودي ليست بولاً ولا غائطاً .
* * * * *
مسألة 3 : ذكر جماعة من العلماء استحبابَ الوضوء عقيب المذي والودي، والكذب والظلم والإكثار من الشعر الباطل والقيء والرعاف والتقبيل بشهوة ومس الكلب ومس الفرج ولو فرج نفسه ومس باطن الدبر والإحليل ونسيان الإستنجاء قبل الوضوء والضحك في الصلاة والتخليل إذا أدمى، لكن الإستحباب في هذه الموارد غير معلوم، والاَولى أن ينوي الكون على الطهارة، ولو تبَيَّنَ بعد هذا الوضوء كونُه محدِثاً بأحد النواقض المعلومة كـفى ولا يجب عليه ثانياً، كما أنه لو توضأ احتياطاً لاحتمال حدوث الحدث ثم تبين كونه محدِثاً كـَفَى، ولا يجب ثانياً 376 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(376) وَرَدَ فيما ذُكِرَ رواياتٌ، مَن أرادها فليراجعْها في المطوّلات، ولا شكّ في عدم وجوب ما ذكره السيد اليزدي في المتن، وذلك لحصر نواقض الوضوء في خروج البول والغائط والريح والنوم والإستحاضة .

( فَصْلٌ في غايات الوضوءات الواجبة وغير الواجبة )

الوضوء إمّا شرط في صحّة فِعْلٍ كالصلاة والطواف الواجب دون المستحبّ 377، وإمّا شرط في كماله كقراءة القرآن، وإما شرط في جوازه، أو رافع لكراهته كالأكل، أو شرط في تحقق أمره كالوضوء للكون على الطهارة، أو ليس له غاية كالوضوء الواجب بالنذر، والوضوء المستحب نفساً إن قلنا به، كما لا يـبعد .
أما الغايات للوضوء الواجب فيجب للصلاة الواجبة أداء أو قضاء عن النفس أو عن الغير، ولأجزائها المنسية، بل وسجدتي السهو على الأحوط وجوباً، وللطواف الواجب ولو بالعرَض، كما لو كان الطوافُ جزءً من الحجّ أو العمرة المندوبين، فبما أنه يجب إتمامهما بالشروع فيهما إجماعاً، فيصير نفسُ طوافهما واجباً أيضاً . ويجب الوضوء أيضاً بالنذر والعهد واليمين، ويجب أيضاً لمَسِّ كتابةِ القرآن، ويلحق به أسماء الله وصفاته الخاصة دون أسماء الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، ووجوب الوضوء في المذكورات ما عدا النذر وأخويه إنما هو على تقدير كونه محدِثاً، وإلا فلا يجب، وأما في النذر وأخويه فتابع للنذر، فإن نذر كونه على الطهارة لا يجب إلا إذا كان محدثاً، وإن نذر الوضوء التجديدي وجب وإن كان على وضوء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(377) تواترت رواياتنا في اشتراط الصلاة حتى المستحبّة ـ كرَكعَتَيِ الطواف المستحبّ ـ بالطهارة المعنويّة[1]، وأجمع الفقهاء على ذلك، ويكفي أن نذكر روايتين مشهورتين وهما : ما رواه في التهذيبين بإسناده ـ الصحيح ـ عن الحسين بن سعيد عن حماد(بن عيسى) عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( لا صلاة إلا بطهور )[2]، وما رواه الصدوق في الخصال عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد (بن عيسى) عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود )[3] صحيحة السند .
كما لا شكّ في اشتراط الطهارةِ في صلاة الإحتياط وفي الأجزاء المنسيّة للصلاة ـ وهما التشهد والسجدة ـ وهذا أمر واضح، فإنه يجب أن يتّحد القضاء مع الفائت في جميع الخصوصيّات جزءً وشرطاً ومانعاً، حتى ولو كان زمانُها متأخّراً .
وكذا تشترط الطهارة المعنويّة في سجدتَي السهو على الأحوط وجوباً، وذلك لأنها جابرةٌ للنقص الذي حصل في الصلاة، ولأنّ لها بعضَ هيأة الصلاة، خاصّةً وأنهما تكونان قبل الكلام، ممّا يخلق ظنّاً بلزومِ بقاء جميع شرائط الصلاة فيهما، فقد روى في التهذيبين بإسناده عن سعد (بن عبد الله) عن موسى بن الحسن (بن عامر الأشعري القمّي ثقة عين جليل القدر صنّف ثلاثين كتاباً) عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال (جليل القدر عظيم المنزلة زاهد ورع ثقة كان فطحيّاً حتى حضره الموت فمات وقد قال بالحقّ) عن عبد الله بن ميمون القداح (ثقة له كتب) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليّ (عليهما السلام) قال : ( سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام )[4] صحيحة السند .
على كلّ لا يطمئنّ الفقيهُ لإجراء أصالة البراءة وقاعدتها من لزوم اشتراط الطهارة المعنويّة في سجدتَي السهو، خاصّةً وأنّ المنصرَف إليه متشرّعياً من الخطابات الآمرة بسجدتَي السهو هو لزوم كونها عن طهارة، لاحِظْ مثلاً ما رواه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن معاوية بن عمار قال : سألته عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام ؟ قال : ( يسجد سجدتين بعد التسليم، وهما المُرْغِمَتان، تُرْغِمانِ الشيطانَ )[5]، وما رواه في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن العيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر أنه لم يركع ؟ قال : ( يقوم فيركع ويسجد سجدتَي السهو )[6] ومثلُهما غيرُها . أقول : ماذا كان يفهم الناس من كلام المعصومين (عليهم السلام) حينما كانوا يأمرونهم بسجدتَي السهو مع أنها في محلّ ابتلائهم ؟ هل كانوا يفهمون منها مجرّد السجدتين حتى ولو كان الإنسانُ محْدِثاً ؟ وهل هذا إرغام للشيطان ؟ أستبعد ذلك جداً، فإنّ الإرغام التامّ للشيطان يكون بكون الإنسان عند سجوده للسهو على طهارة، حتى ولو اعتبرتَ سجدتَي السهو من الذنوب المكفّرة، فإنّ الظاهر جداً أنّ المولى تعالى إنما شرّع سجدتَي السهو لجبر ما حصل من منقصة في الصلاة، فينبغي أن تكون سجدتا السهو ممّا لها الأهلية في جبر ما حصل .

أمّا اشتراط الطهارة المعنويّة في الطواف

فلا شكّ ولا خلاف في اشتراط الطهارة المعنويّة في الطواف الواجب، ويكفي ذِكْرُ ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن صفوان بن يحيى عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال : سألت أحدهما (عليهم السلام) عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور ؟ قال : ( يتوضأ ويعيد طوافه، وإن كان تطوعاً توضّأ وصَلَّى ركعتين )[7] صحيحة السند، ورواها الصدوق باسناده عن العلاء مثله .
وادّعى في المنتهى وغيرِه أنه إذا كان الطواف جزءً من حجّ مستحبّ أو من عمرة مستحبّة فإنه يجب إتمامهما بالشروع فيهما إجماعاً، قالوا ولذلك يشترط الوضوء في طوافهما، لصيرورته واجباً .

كما لا شكّ في عدم اشتراط الوضوء في الطواف المستحبّ، وهو المشهور بين العلماء، ويكفي أن نذكر ما يلي :
1 ـ ما رواه في الفقيه بإسناده عن عبيد بن زرارة (ثقة ثقة) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : ( لا بأس أن يطوف الرجلُ النافلةَ على غير وضوء ثم يتوضأ ويُصَلّي، فإنْ طاف متعمداً على غير وضوء فليتوضأ وليُصَلِّ، ومَن طاف تطوعاً وصَلَّى ركعتين على غير وضوء فليُعِدِ الركعتين ولا يُعِدِ الطوافَ )[8]، ورواها في التهذيبين بإسناده عن موسى بن القاسم (بن معاوية بن وهب ثقة)عن النخعي (أيوب بن نوح بن درّاج ثقة شديد الورع عظيم المنزلة له كتب) عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن بكير(فطحي ثقة) عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال قلت له : إني أطوف طواف النافلة وأنا على غير وضوء ؟ قال : ( توضّأ وصَلِّ وإن كنتَ متعمِّداً )[9] موثّقة السند .
2 ـ وما رواه في يب بإسناده عن موسى بن القاسم عن عبد الرحمن (بن أبي نجران) عن حَمّاد (بن عيسى) عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام)في رجل طاف تطوعاً وصلى ركعتين وهو على غير وضوء ؟ فقال : ( يعيد الركعتين ولا يعيد الطوافَ )[10] صحيحة السند .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 2، باب 18 إلى 22 و 30 و 31، ومن 40 إلى 47 و 61، أبواب النجاسات، ويوجد كثير، الأبواب الأخرى، وفي أبواب لباس المصلّي ومكانه ...

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo