< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : يستحبّ غسل الملاقي في جملة من الموارد مع عدم تنجّسه[1]
مسألة 5 : يستحبّ غسل الملاقي في جملة من الموارد مع عدم تنجّسه :
... وما شك في ملاقاته للبول أو الدم أو المنيّ319، وملاقاة الصفرة الخارجة من دبر صاحب البواسير320، ومَعبد اليهود والنصارى والمجوس إذا أراد أن يصلَّي فيه321 .
ويستحبّ المسح بالتراب أو بالحائط في موارد كمصافحة الكافر الكتابي بلا رطوبة322 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
319 لرواية ابن الحجاج عن الكاظم (عليه السلام) عن رجل يبول بالليل، فيحسب أن البول أصابه ولا يستيقن، فهل يجزؤه أن يصب على ذكره إذا بال ولا يتنشف ؟ قال (عليه السلام) : ( يغسل ما استبان أنه قد أصابه، وينضح ما يشك فيه من جسده وثيابه ... )، ومصححة ابن سنان عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم ؟ قال (عليه السلام) : ( إن كان عَلِمَ أنه أصاب ثوبَه جنابةٌ قبل أن يصلي، ثم صلى فيه ولم يغسله، فعليه أن يعيد ما صلى، وإن كان لم يعلم به فليس عليه إعادة . وإن كان يرى أنه أصابه شيء، فنظر فيه فلم ير شيئاً، أجزأه أن ينضحه بالماء )، والإقتصارُ في الجواب على ذكر الجنابة كأنه من باب المثال، وإلا يلزم إهمال الجواب عن حكم الدم .
320 لرواية صفوان قال سأل رجلٌ أبا الحسن (عليه السلام) وأنا حاضر، فقال : إن بي جرحاً في مقعدتي فأتوضأ ثم أستنجي، ثم أجد بعد ذلك الندى والصفرة تخرج من المقعدة، أفأعيد الوضوء ؟ قال (عليه السلام) : ( قد أيقنت ؟ ) قال : نعم، قال (عليه السلام) : ( لا، ولكن رشه بالماء، ولا تعد الوضوء ) ونحوه صحيحة البزنطي . وأنت تعلم أنّ الندى طاهر، وكذا الصفرة، وأنّ خروجهما لا يقتضيان إعادة الوضوء . ثم من الواضح إطلاق هذه الرواية لما إذا كان في المقعدة جرحٌ أو بواسير، فقد أخبرني الآن أحدُ الأطبّاء أنّ البواسير هي تجمّع دم، قد يكون داخليّاً وقد يكون خارجيّاً، وقد يكون جرحاً داخليّاً أيضاً، وعليه فقول السائل "إنّ بي جرحاً في المقعدة" يشمل ما لو كان عنده بواسير .
321 مرّ ذلك سابقاً في مسألة 4 تعليقة 153 ص 347 .

* * * * *

فصل في طرق ثبوت التطهير

إذا عُلِمَ بنجاسة شيء فإنه يُحكَمُ ببقائها ما لم يثبت تطهيره، وطريق الثبوت أُمور :
الأوّل : العلم الوجداني .
الثاني : شهادة عدل واحدٍ بالتطهير .
الثالث : إخبار ذي اليد وإن لم يكن عادلاً إذا أورث خبرُه الظنّ .
الرابع : غيبة المسلم ذي اليد، بمعنى أنّه إذا كان شيءٌ متنجّساً، ثم رأينا مسلماً يستعمله فيما يشترط فيه الطهارة، وكان يحتمل أن يكون هذا المسلم عالماً بنجاسته ـ بل يكفي احتمالُ معرفته بالنجاسة ـ ويُحتمل أن يكون قد طهّره فإنّ الشارع المقدّس في هكذا حالةٍ تعبّدنا باعتبار هذا الشيءِ طاهراً . فيكونُ هذا الإستعمالُ أمارةً ـ ولو احتمالية ـ على طهارته، بل ولو من باب حمل فعل المسلم على الصحّة، ولذلك لا قيمة لاستعمال المسلم له إذا كنّا نعلم بعدم مبالاته بالنجاسة . وفي الحقيقةِ إحتمالُ التطهير هذا، هو دليل تعبّديّ مستقلّ، على كفاية احتمال تطهير المسلم ذي اليد لما هو تحت تصرّفه وكان يستعمله فيما يشترط فيه الطهارة، فهو بمنزلة إخباره بالطهارة .
الخامس : إخبار الوكيل ـ كالخادم والزوجة ـ بالتطهير .
السادس : غسل مسلم له بعنوان التطهير، وإن لم يعلم أنه غسله على الوجه الشرعي أم لا، حملاً لفعله على الصحة 322 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
312 أمّا إذا عُلِمَ بنجاسة شيء فإنه يُحكَمُ ببقائها ما لم يثبت تطهيره، للإستصحاب .
وأمّا إثبات شهادة العدل الواحد للتطهير فقد مرّ استدلالنا عليه مفصّلاً [2]، وذلك بعدّة أدلّة، منها : قولُه تعالى﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ[3] فإنها تدلّ على حجيّة خبر العادل في الموضوعات بتقريب أنّ المراد من الآية الكريمة ( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ـ والقدرُ المتيقّن هو مجال الموضوعات، وإنْ كان النبأ يشمل الأحكام أيضاً ـ فَتَبَيَّنُوا ـ أي تأكّدوا، وبالتالي لا داعي للتأكّد والتبيّن في غير مجال الفاسق لأنه بيّنٌ شرعاً ـ أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ ـ أي لئلاّ تصيبوا قوماً بجهالة، أمّا فيما لو كان الإعتماد على العادل وأخطأتم فلن يكون اعتمادُكم عليه جهالةً وإنما يكون عِلْماً شرعاً ـ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ـ أمّا إن خسرتم رغم اتّباعكم خبرَ العادل فإنكم لن تندموا على اتّباعكم خبر العادل، وذلك لأنه طريق عقلائي، نعم أنتم سوف تحزنوا على الخسارة، ولكن هذا لا يُطلَقُ عليه أنكم ندمتم على اتّباعكم لخبر العادل الخبير ـ) ... فراجع .

وقلنا هناك أيضاً إنّ استدلالنا المفصّل في الحلقة الثالثة من حلقات الشهيد السيد الصدر على حجيّة خبر الثقة في الأحكام يفيدنا بالاَولويّة القطعية حجيّته في الموضوعات أيضاً، ذلك لأنّ الأحكام كليّة عامّة لكلّ المسلمين في العالَم على مرّ التاريخ، والموضوعاتُ جزئيّةٌ خارجيّة، خطؤها ليس بخطورة الخطأ في الأحكام الكليّة، على أنّ الخبر هو بنفسه موضوع أيضاً ...
وأيضاً قلنا هناك إنه قد ذهب العلاّمة الحلّي في التذكرة والمحقّق البحراني في الحدائق والسيد الخوئي والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والسيد محمد الفيروزآبادي وغيرُهم إلى حجيّة خبر الثقة في الموضوعات [4] .
وأمّا القول في إثبات حجيّة خبر ذي اليد فقد مرّ القول فيه أكثر من مرّة بتفصيل[5] وقلنا هناك بأنه يجب استثناءُ خبر ذي اليد الكافر، فقد روى في الكافي عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد(بن عيسى) عن علي بن الحكم عن أبان(بن عثمان الأحمر ثقة) عن عيسى بن عبد الله(بن سعد بن مالك القمّي ثقة ثقة) قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صيد المجوس فقال : ( لا بأس إذا أعطوكَهُ حيّاً، والسمك أيضاً، وإلاّ فلا تجوز شهادتهم عليه اِلاّ اَنْ تَشْهَدَه )، ورواها الشيخ في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة(بن أيوب ثقة) عن أبان[6] وهي صحيحة السند، وصريحة في النهي عن قبول شهادتهم .
والمراد بـ (ذي اليد) هو المستولي فِعْلاً على العَين ومتصرّفاً فيها كالمالك والوكيل والمستأجِر والأمين والوليّ، وأمّا الغاصب فيبعد حجيّة قوله ـ إنِ ادّعَى طهارةَ غرضٍ ما في بيته بعد أن كان نجساً ـ بعد أن كان لا يخاف الله، فبطريق اَولى لن يَخاف من أن يكذب ويدّعي التطهير . نعم، مع ادّعائه النجاسة لا بدّ من الإحتياط، لعدم الداعي عادةً لقوله بنجاسته، أو قُلْ لعلّ قوله يفيد الإطمئنان هنا لأنّ قوله بنجاسة شيء في داره مثلاً بخلاف مصلحته عادةً، فالإحتياط ح طريق النجاة . على أيّ حال، فخبر ذي اليد حجّة شرعاً حتى ولو لم تُفِدِ الإطمئنان حتى ولو لم يكن ذو اليد مسلماً ولا ثقة، قالوا وهو المشهور بين المتأخّرين .
وذكرنا سابقاً أنّ كلّ الروايات تفيدنا ما عليه منهج العقلاء تماماً، وهو أنّ خبر ذي اليد حجّة شرعاً إذا كان يفيد الظنّ فقط، حتى ولو لم يكن ذو اليد مسلماً وغير ثقة، وأمّا في حال الظن بالكذب فلا يكون خبر ذي اليد حجّةً .
أمّا لو تساوى احتمالُ الصدق مع احتمال الكذب فلا بدّ ح من الإحتياط قطعاً، وذلك أوّلاً : لعدم وجود دليل من الروايات على حجيّة قوله، وثانياً : لأنّ الأصل يقضي بعدم حجيّة الظنّ فضلاً عن الشكّ، فيجب ح أن نقول بعدم حجيّة قول ذي اليد في حال الشكّ بصدقه .
أمّا مسألة غَيبة المسلم ذي اليد فقد تكلّمنا فيها مفصّلاً .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo