< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل يُعتبر جلدُ الجرذ الذي ذُبِح على الطريقة الإسلامية طاهراً ؟

سؤال : يقولون إنهم في بعض البلاد الشرقيّة ـ الفيليبين ـ يدبغون جلود الفأرة ويستعملونها في الجزادين ونحو ذلك، فهل تعتبر هذه الجلود مذكّاة وطاهرة ؟
الجواب : لا يبعد الحكم بطهارة هذه الجلود لأكثر من دليل :
الأوّل : أصالة الطهارة وقاعدتها تجريان في هكذا مورد بلا شكّ، لأننا بعد ذبح هذا الفأر ـ مثلاً ـ بالطريقة الشرعية نشكّ في طهارته، فيجب أن تجري أصالة الطهارة وقاعدتها فيه بلا شكّ، هذا بعدما عرفت سابقاً أنّ موضوع النجاسة هي الميتة، وبعدما ذبحناه على الطريقة الشرعيّة نشكّ هل صار ميتة أم لا ؟ فلا يمكن إثبات النجاسة له، والأصولُ لا تُثبِتُ العناوينَ الوجوديّة كالتذكية . لا، بل لا شكّ بأنّ الأصل هو عدم قبول التذكية، لأنه كان قبل الذبح غير مذكّى، وبعد الذبح لم تثبت تذكيته .

الثاني : يمكن لنا الإستفادة من الروايات السابقة من قبيل :
ـ موثّقة علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام)عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود ؟ قال : ( لا بأس بذلك )[1] .
ـ وفي رواية أحمد بن محمد عن محمد بن زياد عن الريان بن الصلت قال : سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقز والخفاف من أصناف الجلود ؟ فقال : ( لا بأس بهذا كله إلا بالثعالب )[2] .
ملاحظة : لا يوجد في كتب الرجال مَن يسمّى (محمد بن زياد) ممّن يناسب الطبقة المذكورة في هذه الرواية إلاّ (محمد بن زياد العطّار) وقد يكون هو (محمد بن الحسن بن زياد العطّار الكوفي الثقة) الذي له كتاب، إذ قال النجاشي : "محمد بن الحسن بن زياد العطّار ... أخبرنا أحمد بن عبد الواحد ... قال حدّثنا الحسن بن محمد قال حدّثنا محمد بن زياد بكتابه" ممّا يعني أنهم كانوا ينسبونه إلى جدّه . لكنّي لم أجد روايةً عن محمد بن الحسن بن زياد عن الريّان بن الصلت ! ولا رواية ـ غير هذه الرواية ـ عن محمد بن زياد عن الريان بن الصلت ! ولا رواية لأحمد بن محمد عن محمد بن زياد غير هذه الرواية !
ـ وقد تفيدنا روايةُ علي بن أبي حمزة(البطائني) قال : سألت أبا عبد الله وأبا الحسن (عليهما السلام) عن لباس الفراء والصلاة فيها ؟ فقال : ( لا تصلِّ فيها إلاّ ما كان منه ذكيّاً )، قلت : أوَليس الذكِيُّ مما (ما ـ ظ) ذُكِّيَ بالحديد ؟ قال : ( بلى، إذا كان ممّا يؤكل لحمُه )، قلت : وما لا يؤكل لحمه من غير الغنم ؟ قال : ( لا بأس بالسنجاب، فإنه دابّة لا تأكل اللحم، وليس هو مما نهى عنه رسول الله (ص)، إذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب )[3] ضعيفة السند إلاّ أن تقول بصحّة روايات الكافي المسندَة . وقوله (عليه السلام) ( .. إلاّ ما كان منه ذكيّاً ) دليل على قبول الحيواناتِ التذكيةَ، لأنّ السؤال عام، وهو عن لباس الفراء، كلّ الفراء، ولم يقيّد بحيوان خاص دون حيوان .
هذا، وقد قال صاحب الجواهر : ( القسم (الثاني) الذي هو (الحشرات) وهي التي تسكن باطن الأرض (كالفأرة وابن عرس والضب ) نحوها فإنّ (في وقوع الذكاة عليها تردداً ) بل خلافاً ( أشبهه أنه لا يقع ) وفاقاً للأكثر بل المشهور، للأصل المزبور السالم عن معارضة الصحيح ونحوه بعد انسياق غير ذلك من الجلود فيه وإن كان بلفظ الجمع، فلا أقل من الشك، وقد عرفت أن الأصل عدم التذكية، والله العالم)[4] (إنتهى) .
أقول : إنْ كان ما ذكره من دعوى الشهرة صحيحاً فدليلهم مظنون المدركيّة قطعاً، فلا يعتنى به لعدم كاشفيّته عن رأي المعصومين (عليهم السلام).

الثالث : قد عرفت سابقاً أكثر من مرّة بأنّ جلود الميتة إذا دبغت فهي طاهرة، للروايات المستفيضة الصحيحة في ذلك، فراجع .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo